بالجمال عاد شيخ كتاب الشرق الدكتور عبدالرحيم الميرابي، وبالحب أرسل مقاله عن الجمال والحب من ساحل جازان هدية للشرق وقرائها تفوح بشذى الفل والمحبة المتميزة، وأضفى جمالًا بهيًا لصفحاتها التي تصافح أبناء الوطن كل صباح، عاد الشيخ المحبوب إلى قراء الشرق الذين اعتادوا البحث عن مقاله بشغف وحب، عاد إلى قراء كثيرين أحبوه بصدق، أحبوا أسلوبه في الكتابة، وأحبوا حسن عرضه لفكرته، وأحبوا طريقته في الرد على تعليقاتهم، وأحبوا فيه دماثة خلقه، وأحبوا فيه رحابه صدره للحوار والنقد، وأحبوا فيه صدقه فيما يعرض أو يحاور.. ما أجملها من هدية رائعة تلقتها الشرق فأهدتها لقرائها في صباح الإثنين.. إنها عودة الشيخ الدكتور عبدالرحيم الميرابي. هنا توقفت عن الكتابة.. اتصلت بالشيخ من شدة فرحي بعودته، كان هاتفه مشغولًا، ولكنه لم يمهلني سوى ثوانٍ قليلة فجاء اتصاله سريعًا، فجرت كلماته ندية بثت في نفسي سعادة غامرة وأنا أتحدث إليه.. ففي هذه اللحظات تضيع كل كلمات الاعتذار عن التقصير؛ لأنها لا تفي بل تعجز مهما أحسنت صياغتها عن الارتقاء إلى مقام الدكتور عبدالرحيم، اعتذرت للشيخ الجليل عن تقصيري في التواصل معه لمدة طويلة، وعبرت له عن سعادتي الغامرة بعودته، وقلت له إن فرحتي بعودته إلى صفحات الشرق لا تساويها إلا فرحة الرائع دعشوش -شيخ المعلقين- وبلباقته المعهودة وجمال روحه المملوءة بالحب أزال عني الدكتور عبدالرحيم الميرابي كثيرًا من الحرج الذي كان طاغيًا عليّ أثناء حديثي معه، أزاله بدماثة خلقه الرائعة، وحسن قوله الجميل، فهو شيخ خلوق لا يشعر من يحدثه إلا بالحب الصادق. إن الإنسان لينشغل بمطالب الحياة اليومية وأعمالها التي لا تنتهي، وهي وإن كانت لا تخلو من لحظات سعادة وسرور إلا أنها ملأى بالأكدار والمنغصات.. فالإنسان ينغمس في العمل الذي لا ينتهي دون وعي، فكلما أنجز مهمة أغرته بمواصلة العمل، وفتحت له بابًا إلى مهمة أخرى، فتكون له تلك المهام المتواصلة كالشرك الذي لا يستطيع الفكاك منه، وفي لحظة معينة لم يخطط لها يأتيه التنبيه كجرس إنذار؛ ليعيد إليه نفسه التي كاد أن يفقدها، فيدرك لحظتها حجم التقصير الذي ارتكبه في حق نفسه روحًا وبدنًا، ويألم على تقصيره في حق أسرته وأقربائه وأصدقائه، وفي حق الفضلاء الرائعين الذين يضيفون للحياة معاني سامية.. ويدرك عند ذلك أن للحياة جوانب جميلة يجب ألا تهمل مهما كانت مشاغل الحياة مهمة لأنها هي السعادة الحقيقية التي لا يمكن التفريط فيها. قرأت صحيفة الشرق في يوم الإثنين الماضي بشكل مختلف، قرأتها بحب جارف، ووجدت فيها جمالًا أخاذًا.. أجزم أن الشيخ الميرابي قد صنع سعادة وفرحا بعودته الرائعة بمقاله الذي فاجأ به محبيه، لقد صنع بعودته لهم سعادة في هذه الأيام الرائعة من العام، وأسعدهم وهم يستقبلون عيدهم الأكبر -ولي الحق أن أجزم- أن في مقدمة أولئك السعداء دعشوش، فله وحده فرحة لا توصف بعودة حبيبه الميرابي، فهي فرحة مختلفة عبر عنها في تعليقاته الكثيرة على المقال، فدعشوش يحسن التعبير بشكل مختلف، ويعبر عمّا يريد بذكاء طريف وظريف مشبع بثقافة اجتماعية ومعرفية رائعة. مضى عامان منذ توقف الشيخ الميرابي عن الكتابة لظروف خاصة به، وفيهما فقدت الشرق، وفقد قراؤها –كذلك- كاتبا مميزًا ومتميزا بل فريدًا، وللشرق أن تسعد به وتحتفي وتزهو بعودته، وللقراء أن يفرحوا ويسعدوا بوجوده. كان عنوان مقال الدكتور الميرابي الأخير الذي ودع به القراء قبل عامين هو: «لا أحقَّ بوصف المبدع غير الله» كان مقالًا رائعًا في موضوعه، وجميلًا في أسلوبه، وعظيمًا في فوائده، وقد تميز الميرابي باهتمامه الكبير بالرد على تعليقات القراء، فهو يهديهم من خلالها حبًّا نقيًا صادقًا، ويزيد مقالاته الجميلة بتلك الردود جمالًا وبهاءً. عدت لقراءة ردوده على تعليقات القراء على المقال فوجدتها -كما هي حاله دائمًا- تفيض حبًّا صادقًا، وتمتاز بجمال أسلوبٍ فريد، فأسلوب الشيخ الميرابي لا يعرف التكلف أو التعقيد، فتعليقاته وردوده تأتي بسلاسة فريدة غير مصطنعة تشبه حديثه الرائع الذي يشعر محدثه برغبة شديدة بالإنصات وطول الاستمتاع إليه، وفي تعليقاته الأخيرة على ذلك المقال بثَّ حبَّه ونصحه وجميل تمنياته لقرائه ومتابعيه واستودعهم الله دون أن يشعرهم -لغاية نبيلة في نفسه- بالمغادرة. وقفة: هنيئا لخادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد، ولحكومته الرشيدة، وللشعب بشرف خدمة حجاج البيت الحرام، وكل عام وأنتم بخير.