×
محافظة المنطقة الشرقية

الفيفا: استجواب بلاتر وبلاتيني من قبل لجنة التحقيق

صورة الخبر

في عالم الشعر هناك من الشعراء من لم يخلد سوى بقصيدة واحدة من بين جميع ما جادت به قريحته الشعرية. وظلت هذه القصيدة مرتبطة به كما لم ترتبط به قصيدة أخرى. والأمثلة على ذلك كثيرة في كل لغات العالم. ولنا من التراث الشعري العربي القديم قصيدتان بارزتان هما "لامية العرب" للشنفرى أحد الشعراء الجاهليين الذين عرفوا بالشعراء الصعاليك و"لامية العجم" للطغرائي وهو العميد مؤيد الدين، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد عبد الصمد المتوفى عام 514 للهجرة. ولست أدري لماذا سميت بلامية العجم مع أنها لشاعر عربي.. وكانت الأولى من روائع العصر الجاهلي أو ما قبل الإسلام. ومن شدة إعجاب سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه بها يروى أنه قال مخاطباً العرب "علموا أولادكم لامية العرب". أما الثانية فهي من أجمل القصائد العربية التي يشكو فيها الشاعر صروف أو تحولات الدهر وفيها الكثير من الأبيات التي سارت مسار الأمثال والحكم في اللغة العربية كهذا البيت: أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. وفي رأيي أنها من أجمل ما في تراثنا الشعري وليس فيها تكلف الشنفرى والسبب في ذلك أنها كتبت بعد ما يقارب خمسة قرون شهدت تطور اللغة العربية منذ العصر الجاهلي حتى القرن السادس الهجري. وفي التراث الشعري الإنجليزي وهو موضوع مقالنا هنا. هناك أيضاَ من القصائد ما برزت وبزت غيرها، بحيث عدت قصائد فريدة من نوعها، أو يتيمة كقصيدة توماس جراي "مرثية كتبت في مقبرة كنيسة في الريف "التي اشتهر بها وكتبها في منتصف القرن الثامن عشر وكانت قصيدته الفريدة. ومن بين القصائد الإنجليزية الأخرى ما كتبه شاعر العصر الفكتوري في القرن التاسع عشر وليم إرنست هنلي "1849 1903" عام 1875 وظهرت ضمن مجموعة شعرية بعنوان "كتاب القصائد" نشرت عام 1888. وكانت هذه القصيدة لا تحمل عنواناً وإنما إهداء لصديق له بالأحرف الأولى من أسمه R. T. H. B. وهي إشارة لما تقوله دائرة معارف ويكيبيديا إلى Robert Thomas Hamilton Bruce(1846 1899. وعندما ظهرت القصيدة في "كتاب أكسفورد للشعر الإنجليزي" قام محقق المجموعة أرثر كويلر- كاوتش بوضع عنوان لها باللغة اللاتينية هو Invictus وتعني "الذي لا يقهر " أو "المنتصر" وللقصيدة حكاية وهي أن وليم هنلي بسبب مضاعفات إصابته بالدرن قرر الأطباء بتر ساقه.. وبعد إجراء العملية مباشرة تلقى النبأ السيئ الآخر وهو أن عملية جراحية ثانية في انتظاره لبتر ساقه الأخرى. إلا أنه قرر السعي للحصول على استشارة ثانية قدمها له طبيب آخر هو جوزيف لستر الذي تعهد بعنايته وأجرى له جراحة مركزة على قدمه الأخرى الأمر الذي أدى إلى الإبقاء عليها. وفي طور النقاهة والشفاء من العملية فاضت مشاعره وألهمته كتابة هذه القصيدة التي تركها بلا عنوان كما أسلفنا. أصبحت قصيدة هنلي من الشهرة بمكان بحيث أضحت مادة يستشهد بها الكتاب والخطباء خصوصاً البيتين الأخيرين منها: فأنا سيد قدري وأنا ربان روحي اللذان يعبران عن قوة الإرادة والتصميم. وقد كان الرئيس نلسون مانديلا يقرؤها على أسماع المساجين معه في جزيرة روبن. كما ظهر عنوان القصيدة في فيلم سينمائي بنفس الاسم حيث قدم مانديلا لرئيس فريق جنوب أفريقيا للرجبي نسخة من مقطع لخطاب للرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت.. وكان الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت من المعجبين بالقصيدة. وتشاء الظروف أن يقوم أحد مستشاريه بإلقاء القصيدة بأكملها تقديراً له عند تأبينه. وبسبب إعجابي بالقصيدة قمت بنقلها إلى اللغة العربية: الذي لا يقهر من ثنايا الليل الذي يغشاني أسود كهاوية من أقصاها إلى أقصاها أحمد الآلهة مهما كانت من أجل روحي التي لم تقهر. وتحت وطأة الظروف لم أجفل ولم أرفع صوتي بالنحيب وتحت هراوات الحظ رأسي دام لكنه غير منحن. وأبعد من مكان الغضب والدموع هذا لا تحوم حولي سوى ظلال من الرعب ومع ذلك فإن مصائب السنين تجدني وستجدني لا أخشى شيئاً. ولا يهم كم هي ضيقة تلك البوابة ولا كيف أن تلك اللفافة مشحونة بالعقاب فأنا سيد قدري: وليم إرنست هنلي