عيد الخريف.. هو تقليدٌ يحتفل به الجزائريون لاسيّما في شرق البلاد وجنوبها في سبتمبر من كل عام، في مناسبة لها نكهتها وطابعها المميّز وطقوسها أيضاً، مثلما يشكّل موعداً للحراك الثقافي والتجاري وإصلاح ذات البين. ويعتبر إحياء عيد الخريف من الاحتفالات القديمة الخاصة بالمجتمع الأمازيغي الأوراسي، إذ يتم الاحتفاء به سنوياً تيمناً بشتاء غزير الأمطار واستبشاراً بمنتوج زراعي وافر، فعلى مدار أيام تشهد منطقة الأوراس ومناطق تمنراست وجانت وأدرار فعاليات ثقافية واقتصادية تدفع سكان المناطق الأخرى إلى زيارتها. إحياء تقاليد ويؤكّد الشيخ أحمد أصيل المنطقة أنّ عيد الخريف يشكّل مناسبة لإحياء التقاليد المحلية عبر استعراض ما تتفنن أنامل مواطنيه ومواطناته في صنعه كالأواني والأدوات المصنوعة من الفخار والنحاس، فضلاً عن عادات زراعية متوارثة كنظام الفقاقير الشهير الموظّف في السقي. ويلفت عبد الصمد إلى أنّ عيد الخريف يقام شكراً لله سبحانه وتعالى على ما رزق عباده من خيرات، فيما صلاح قال إنّ عيد الخريف صار مناسبة سنوية تحظى بتفاعل كبير، مضيفاً: الحكمة الأهمّ في التقاء أعيان الأعراش المجاورة وعقدهم مجالس لفض النزاعات، ومناقشة قضايا مثل الزواج والمهور والميراث والنظر في المعاملات التجارية المختلفة، وغيرها. فرصة مزارعين ولا يفوّت المزارعون عيد الخريف فهو فرصتهم لعرض المحاصيل، فيما ينحو الحرفيون الاتجاه ذاته لإبراز أفاريز الصناعات التقليدية، ما يحوّل المحفل إلى كرنفال بهيج، ويبدع ممثلون هواة في أداء شخصيات الاستعراض التي تتكون من المدبر الذي يمثل الحكمة والحكم، وزوجته التي تمثل الخصوبة والعطاء، والأسود الحراس الذين يمثلون الحماية وبعض التابعين. ويشير الحاج صافا إلى أنّ عيد الخريف مناسبة للاحتفال بجني المحاصيل كالتمور والحبوب والفواكه، لافتاً إلى توافد التجار من كل حدب وصوب ونصبهم الخيام ووسط تنظيم متفرّد. تمسّك يقول علي وشوقي ورياض إنّ إحياء عيد الخريف هي طريقة معبّرة عن تمسكهم الأزلي وارتباطهم المقدس بأرضهم التي تصنّف لديهم في مقام العرض والشرف، والتي حرص زعماء القبائل الـ 13 التي استقرت قديماً في جبال الأوراس على النظر في الشؤون القانونية وضبط الروابط الاجتماعية والتجارية التي تحكمهم، فضلاً عن فض النزاعات وتجديد أصول العرف الذي يحتكمون إليه، وقضايا الزواج والطلاق ودفع الدية وإقامة الصلح بين المتخاصمين ومقايضة وتبادل سائر المنتجات.