نكهات وروائح زكية مختلفة تفوح من مئات أصناف التوابل في السوق الكبير بمنطقة ديرة في دبي، المعروف لدى مواطني الدولة وسكانها بـسوق التوابل أو سوق البهارات، الذي يعد من أقدم الأسواق في إمارة دبي، ويطل على البحر مباشرة خلف سوق الذهب. بمجرد التجول داخل سوق البهارات تتسارع إلى أنفك تشكيلة وفيرة من روائح الزعفران والهيل والكمون وغيرها من مسميات التوابل التي تشكل تمازجاً يتيح لك أن تنشّط ذاكرتك لتنتقل بها إلى حضارات الدول التي قدمت منها، لتجسد في ذهنك التراث المشبع بالأصالة والذوق. رحلة عبر الزمن يعج السوق الكبير يومياً بآلاف الزوار المحليين والسائحين علاوة على تجار الجملة، ليشعرهم بأنهم في رحلة عبر الزمن القديم من خلال جدرانه وحالته القديمة وأرضيته المتخمة بالأثر، ليتيح لك ذلك أن تتصور نمط الحياة آنذاك، وسط مجموعة مذهلة من الألوان والروائح المنبعثة من الأعشاب المجففة والنباتات المتنوعة والنادرة التي تحقق رغباتك الاستكشافية، كما تمد الراغبين بفرصة تجربة الطب البديل من خلال توفير الكثير من الأعشاب العلاجية والطبية. البائعون في هذا السوق أصبحوا يعرفون رغبات الزبائن على اختلاف جنسياتهم، لم لا؟، فهي تضيف للطبق الغذائي فوائد صحية ووقائية من بعض الأمراض، وتعتبر من المكملات الغذائية بالإضافة لاحتوائها على مواد دوائية فعالة تقي من بعض الأمراض كآلام الظهر، والمغص، والزكام، وغيرها من الأمراض. ازدحام وانتعاش في مواسم معينة من السنة يتحول السوق إلى رقعة تنبض بالحياة، خاصة في شهري رجب وشعبان وقبل العيدين بأيام قليلة من كل عام، حيث تقبل ربات البيوت علاوة على التجار، على شراء وتجهيز ما يلزم من التوابل والمكسرات، ليشهد السوق ازدحاماً من مختلف الجنسيات، وتعتبر تلك المواسم من أفضل الفترات التي ينتعش فيها السوق. أكد هذا التصور؛ علي مسعد المريسي تاجر البهارات اليمني قائلاً إن أسعار البهارات في هذا السوق أرخص من الخارج، علاوة على أنها تتميز بالجودة والمذاق الرائع، إلا أن بعض المكسرات يرتفع ثمنها في مثل هذه المواسم، بسبب إقبال الناس على شرائها استعداداً للعيد مثل الكاجو والزبيب والفستق واللوز. سعر الجملة وأشار المريسي إلى أن العديد من التجار يقصدون السوق بغرض شراء التوابل بسعر الجملة، حيث يقل عن السعر العادي خارجه بنحو 40%. عبد الله يوسف البدر من دولة قطر الشقيقة، وأحد الزائرين للسوق قال بابتسامة معهودة على وجه كل من يوجد على أرض دار الحي، إنه اعتاد زيارة دبي مرتين في العام، ولا ينسى خلالهما المرور على سوق البهارات لشراء الزعفران الذي وصفه بأنه الأجود بين نظرائه في العالم، علاوة على أن سعره مناسب. أما مصطفى الوالد، تاجر من دولة تشاد، فأكد أنه يزور دبي ثلاث مرات كل سنة على الأقل لشراء التوابل من هذا السوق، ويشحنها بحراً إلى دولته وبكميات كبيرة، خاصة الحبهان والقرنفل، إلى جانب أنواع أخرى مختلفة. زبائن أوضح أيوب إبراهيم تاجر التوابل أن السياح هم زبائن دائمون لسوق البهارات، لاسيما في شهر يناير من كل عام، مثل الأوربيين بالدرجة الأولى ثم الخليجيين والصينيين، أما المواطنون والمقيمون في الدولة فهم يتوافدون على السوق باستمرار وتزداد طلباتهم في شهر شعبان وقبل العيدين، لشراء الهيل والفلفل الأسود والتوابل المختلطة.