أنزلت المحكمة المركزية في مدينة حيفا عقوبات بالسجن الفعلي بين عام وعامين على ستة من الشبان الفلسطينيين من مدينة شفاعمرو بعدما دانتهم بالقتل غير العمد لمنفذ «مجزرة شفاعمرو» الجندي الفارّ من جيش الاحتلال نتان زاده التي وقعت قبل ثمانية أعوام في حافلة للركاب وراح ضحيتها أربعة شهداء من أبناء المدينة. ورفض القضاة دفوع طاقم المحامين بأن لا أدلة قاطعة تدين الشبان الستة بتنفيذ قتل الإرهابي، وبأن الجماهير الغفيرة التي هبّت نحو موقع الحادثة عملت على منع الإرهابي من مواصلة المجزرة واعتدت عليه بالضرب حتى فارق الحياة. كما أشار القضاة إلى رفض المتهمين الإعراب عن ندمهم عن قتل الإرهابي وأنهم لا يقبلون بمبدأ «العين بالعين والسنّ بالسن»، لكنهم أضافوا أن قتل الإرهابي لم يكن مخططاً من قبل وأنه وقع في خضم انفعال عاطفي. وسادت محيط المحكمة أجواء مشحونة، إذ تظاهر نحو ألف من مواطني مدينة شفاعمرو وخارجها تقدمهم النواب العرب وقادة الأحزاب والحركات السياسية ورؤساء سلطات محلية عربية ضد المحاكمة الجائرة، فيما أحاط مئات أفراد الشرطة والخيّالة و «حرس الحدود» بالمحكمة، وحلّقت مروحية للشرطة فوق الباحة تحسباً لمواجهات، كما حامت أخرى فوق سماء شفاعمرو منذ ساعات الصباح الباكر. كما حظي القضاة الثلاثة بحراسة مشددة داخل غرفة المحكمة. ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والكوفيات وهتفوا: «نتان زادة مش مجنون، هذا إرهابي صهيون»، «وبالروح بالدم نفديك يا فلسطين»، «حرية حرية، لأبطال الحرية» و «شعبي أعلن، شعبي حر... الادانة لن تمر». وعند الانتهاء من النطق بالحكم، استُقبل الشبان الستة استقبال الأبطال ورفعوا على الأكتاف رافعين بدورهم شارات النصر. وأغلق عشرات الشبان الشارع الرئيس قرب المحكمة فاعتدى عليهم خيالة الشرطة وانهال عليهم أفراد آخرون بالهراوات واعتقلوا 12 شاباً. وكانت الشرطة قامت في ساعات الصباح بحملة اعتقالات في مدينة شفاعمرو بهدف الترهيب ومنع الإضراب الشامل الذي عمّ المدينة بمرافقها الاقتصادية كافة ومؤسساتها الرسمية والتعليمية. واعتقلت عضو المجلس البلدي القيادي في «التجمع الوطني» مراد حداد بداعي حض أصحاب المحال التجارية على إغلاقها. وعقد رئيس بلدية شفاعمرو أمين عنبتاوي مؤتمراً صحافياً في «خيمة الاعتصام» شارك فيه ممثلو «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، تناول قرار المحكمة وسبل الرد عليه، وأعلن فيه رفض الجماهير العربية القرار وقال: «نؤكد من جديد ان المحاكمة سياسية منذ بدئها. ولذا فهي مرفوضة ويجب أن تكون لاغية. اليوم العدالة لم تأخذ مجراها. نحن، مدينة شفاعمرو بأهلها، ضحية اعتداء إرهابي. لم نعتدِ على أحد. جاءنا إرهابي ليقتلنا لأننا عرب ليس إلاّ». وأضاف أن الانجاز الأكبر في ظل هذه المحكمة هو «وحدة شعبنا في هذه الديار بمختلف أطيافه كما تجلت بأنصع صورها. في هذه القضية نحن شعب واحد موحد». وأعلن أن المجلس البلدي سيعقد اجتماعاً بعد يومين بمشاركة ممثلي مختلف الأحزاب وطاقم المحامين و «اللجنة الشعبية» لبحث الخطوات المستقبلية، مؤكداً دعم المدانين مادياً ومعنوياً. وقال المحامي داهود نفاع أحد محامي الدفاع إنه وزملاءه سيدرسون مغزى القرار «وإن كنّا نؤكد أن الأحكام جائرة». وأضاف أن المحامين لا يرون سبباً لعدم اعتماد القضاة «سابقة قضائية» حكم فيها على مواطن يهودي دين بجرم مماثل بالسجن ثلاثة أشهر فقط. وأضاف أن استئناف القرار أمام المحكمة العليا «أمر مفروغ منه لكن يجب تحديد آلية العمل». وقال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي محمد بركة لوكالة «فرانس برس» بعد الحكم: «نحن نرفض أي حكم لا يتضمن البراءة»، مضيفاً: «سنتظاهر ضد هذا القرار».