ثبت خلال المرحلة المنصرمة من عمر الانتخابات البلدية التي تجرى حالياً، أن المراهنة على نجاحها في ظل وجود المرأة قد كان خياراً صائباً. فقد اندفع مئات من أبناء وبنات الوطن للمراكز الانتخابية، وكلهم حرص على المشاركة في صنع القرار، وعلى جعل خيَار الانتخابات من مفردات الثقافة الاجتماعية التنموية لدينا. كما أن تخفيض سن الناخب إلى الثامنة عشرة قد أعطى بعداً نوعياً، سمح بمزيد من الدفق البشري إلى المراكز الانتخابية، ومن هنا فتلك الأعداد البشرية التي اتجهت لتسجيل أسمائها لدى لجان قيد الناخبين لم تأت من فراغ، ولكنها كانت نتاج جهد وتخطيط قام به صانعو القرار في وزارة الشؤون البلدية والقروية، وعلى رأسهم معالي المهندس عبداللطيف آل الشيخ. كما أن تقدم عديد من نساء بلدي لتسجيل أسمائهن، سواء كناخبات أو مرشحات، كان دليلاً غير قابل للدحض بأن المرأة في بلادي قد غدت أكثر وعياً بحقوقها وإدراكاً لمكانتها الاجتماعية، التي كفلتها لها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، كما باتت تعي أهمية المشاركة الشعبية ومن ثم فهي الآن تحرص على ممارسة صلاحياتها، التي كفلها لها الشرع ونصت عليها القوانين التنظيمية في بلادنا الكريمة. ولقد كان لي شرف الاطلاع على ممارسات وأداء بعض المراكز الانتخابية، التي يقع عملها في النطاق الجغرافي لأمانة منطقة جازان، التي يشرف عليها بشكل مباشر أمين المنطقة حمود بن محمد الشائع، وتحديداً تلك المراكز التابعة لمحافظة الطوال، التي يعتبر أحد المنافذ الحدودية الرئيسة لمملكتنا الحبيبة. إذ، على الرغم من الحالة الأمنية الطارئة التي تعيشها المنطقة جراء تداعيات الأزمة، التي خلقتها الميليشيا الحوثية المرتهنة في قراراتها لملالي طهران والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق والمخلوع علي عبدالله صالح، وذلك حينما انقلبت على الشرعية اليمنية وعمدت إلى الاعتداء على حدودنا الآمنة، أعود فأقول بأنه على الرغم من هذه الحالة الاستثنائية التي تعيشها المنطقة، فقد نجحت أمانة منطقة جازان ممثلة في رئيس بلدية الطوال، في أن تتغلب على العوائق وأن تحقق المعادلة، التي راهن الطابور الخامس على صعوبة إنجازها. ألا وهي إنجاز الأعمال المتعلقة بالعملية الانتخابية على أكمل وجه. فقد قامت بلدية الطوال بتسخير كافة الإمكانات المتاحة وكذلك الدعم اللوجستي اللامتناهي واللامحدود، في سبيل إنجاح أداءات المراكز الانتخابية التابعة لمحافظة الطوال، وهو الأمر الذي كان له الدور الرئيس في إنجاح التجربة الانتخابية وخلوها من أي معوقات أو مما يكدر حالة السيرورة الأدائية للمراكز، التي تجرى فيها عملية قيد الناخبين وتسجيل أسماء المرشحين. كما أن جولات المتابعة وإعطاء التوجيهات وتذليل المعوقات والإشكالات الطارئة، التي قام بها رئيس بلدية الطوال الأستاذ عبدالله بن جابر العلياني، قد كانت من ضمن الأسباب الرئيسة في إضفاء حالة من الأريحية والثقة في القدرة على الإنجاز، التي انعكست بشكل رئيس على أداء العاملين في المراكز الانتخابية. ولقد نمى إلي من أكثر من مصدر موثوق ومقرب، بأن ذات الأداء وذات الممارسة الإيجابية قد كانت هي السائدة على عمل معظم المراكز الانتخابية بمنطقة جازان، فللجميع الشكر ولهم خالص التقدير على الحرص على مثل هذا التميز والإنجاز، وذات الشكر نوجهه لأمين المنطقة محمود بن محمد الشائع على هذه الممارسة الإجرائية المتميزة. والآن وبعد الانتهاء من المرحلة الرئيسة والأولى من العمل على إنفاذ التشكيل الانتخابي الخاص بالمجالس البلدية، لم يتبق سوى المرحلة النهائية التي سيحدد على إثرها الأعضاء المنتخبون والمعينون في المجالس البلدية القادمة، التي على ضوء إشراك المرأة فيها سيكون في تقديري أداؤها المستقبلي استثنائياً ومغايراً للسائد، ولئن كان الزعيم الصيني «ماو تسي تونغ» بأن الصين الحديثة وصانع نهضتها قد قال: «بأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة» ففي يقيني بأننا هنا في المملكة العربية السعودية، وعبر تلك السلسلة المدروسة والمتزنة من الممارسات التجديدية والتحديثية في بُنَى ومكونات الدولة، فنحن قد تجاوزنا الألف ميل بكثير نحو بناء الدولة السعودية الحديثة.