اختلف متخصصون، حول الحجب الإعلامي كوسيلة لمواجهة انفلات وسائل الإعلام الجديد، فيما اتفقوا على ضعف المحتوى الإعلامي وشح المواد الإعلامية المضادة للتدفق الهائل للمقاطع المرئية والمسموعة والمقروءة التي يتم تناقلها وتدوير إرسالها، مع ما يتضمن تلك المسامع والمشاهد من خطر فكري وأخلاقي. جاء ذلك ضمن الجلسات العلمية لمؤتمر مكة المكرمة 16 الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبحضور الأمين العام للرابطة د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي. وتناولت الجلسة الأولى محور الإعلام الجديد.. الواقع والخصائص، حيث تناول المشاركون، خصائص، وأنماط الإعلام الجديد، وظواهره الايجابية والسلبية ووسائله وواقع الشباب معها. وتمنى د. أحمد الضبيان أن يكون الشباب جزءا من المشاركين لسماع الواقع الذي يعيشونه، مؤكدا أن معرفة ملامح كيفية تعامل الشباب مع أدوات الإعلام الجديد جزئية مهمة يجب رصدها بما يحقق الدخول في عمق الواقع الشبابي، مبينا أن الإعلام بوسائله يتغير بسرعة مذهلة فمن المدونات إلى الفيس بوك ثم إلى تويتر فالسناب شات. في منحى متصل نبه د. صالح العايد إلى ضعف المعلومة في الاعلام الجديد وعدم وجود المصادر الموثوقة، مما قوض مساحة المصداقية، منبها إلى أهمية التأكيد على هذا الملمح لتجنب تزوير المعلومات. د. برهان مرزوقي قال: "إن الاهتمام الشبابي بالإعلام الجديد أفرز لنا لغة ركيكة وغير سليمة" فيما اعترض الدكتور أحمد محمد من جامعة اليرموك في الأردن على اتباع سياسة حجب المواقع، وأعتبرها نوعا من العبث، مطالبا بتوظيف سياسة التحصين الفكري والتربوي مع إجراء البحوث الميدانية والاستكشافية لرصد ما يثير الشباب ويبهرهم ويجذبهم في الاعلام الجديد مع تشخيص الواقع لابد أن تكون هناك منصات إعلامية مضادة." وطالب محمد المالكي من قسم الاعلام التربوي بتعليم محافظة الليث أن تكون هناك مناهج في كليات الاعلام، مع توفير برامج موجهة وهادفة لطلاب التعليم العام والتعليم العالي. د. بدرالدين أحمد قال: إن التحدي الأهم هو كيفية توظيف الاعلام الجديد بشكل إيجابي، مشيرا إلى أن الاهتمام بالفكر والتخطيط ومحتوى واتجاه الاعلام أفضل من الاهتمام بتأثيره فقط. وفي معرض رد المشاركين في الجلسة على مداخلات الحضور أعتبر د. عمر فضل الله مستشار الحكومة الإلكترونية في إمارة أبوظبي في الامارات أن الحجب الاعلامي جزء من الحل وإحدى المعالجات، مبينا أن الاسلام حفظ في أول عهده بعلم الرجال وعلم الجرح والتعديل والسند والدليل والتوثيق مما حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على حد تعبيره، ومطالبا بأن تكون هناك جهة تصنع الضوابط لتوثيق المحتوى والنشر الحاسوبي واستغلال التطبيقات الحاسوبية في هذا الشأن. ونبه مشاركون إلى أن المحتوى الإسلامي الموثوق في فضاء العالم الجديد لا يزيد على ثلاثة في المائة من المتداول مما يكشف التقصير في تقديم المحتوى الجيد والصادق. وأتفق المشاركون على الخطاب المعاصر الجيد لمخاطبة الآخر هو ما نحتاج إليه في ظل انفتاح الاعلام الجديد. وتناولت الجلسة الثانية التي رأسها د. العربي بوعمامة رئيس قسم الاعلام والاتصال بجامعة عبدالحميد بن باديس في الجزائر تأثير الاعلام الجديد في الشباب حيث أوضح المشارك الدكتور شمس الدين محمد علي وزير الرياضة والشباب الأسبق في السودان في معرض حديثه عن الجوانب الأسرية والاجتماعية للإعلام الجديد أن الفيس بوك الذي ظهر في عام 2004 م بلغ عدد المستخدمين له 46 مليون وفقا لإحصائية 2007م، فيما بلغت حسابات المستخدمين لتويتر الذي برز في عام 2006م أكثر من 100 مليون مستخدم، مبينا أن الاعلام الجديد تحول إلى صانع للأحداث وبديلا للإعلام التقليدي وأن دراسات حديثة أبانت أن من بين أهم الأسباب التي دفعت الشباب لهوس الاعلام الجديد البطالة والفضول الرغبة في توسيع العلاقات فيما أدى ذلك إلى ضعف التحكم في الذات الشبابية وانخفاض الانتاج وفقدان الخصوصية وتعطيل القدرات والعزلة المجتمعية. وأعتبر المتخصص علي بن عبدالله التفريق بين الاعلام الجديد والقديم غير متكافئة بسبب أن المرسل والمتلقي واحد وأن الذي تغير هو توفر تقنية سرعت تناقل المحتوى. وطالب د. محمد اليحياوي "متخصص" بتسمية الاعلام الجديد بالإعلام الرقمي كونه مكملا لبقية وسائل الاعلام الأخرى مشيرا إلى أن العبرة بالوسيلة وليست بنفس الأداة -على حد قوله-. ونبه د. خالد محمد مندوب الجمعة العالمية في ماليزيا بتوظيف التعليم الحاسوبي والتعليم عن بعد كجزء من حلول المواجهة مبينا أن تجربة جامعته في هذا المجال جذب دارسون شباب من 150 دولة. وطالب د. عبدالقادر الشليفي مستشار رابطة العالم الإسلامي باستخدام المقاومة بتوسيع مشاركة العلماء المعتبرين وخاصة الشباب منهم، مع تأسيس هيئة متخصصة للإعلام الجديد كي تقدم المبادرات والأفكار تضم نخبة من المتخصصين لإثراء الفضاء الاعلامي الجديد، فيما نبه عبدالعزيز الثقفي إلى أن الاعلام الجديد يقوم على إثارة الحواس الانسانية، مما يتطلب تشكيل فريق من المتخصصين الشباب لإيجاد إعلام يقوم على إثارة القيم الفاضلة والمحافظة على التقاليد والعادات الإسلامية لمواجهة ذلك مع الاهتمام بالتأثير اللغوي للإعلام الجديد على اللغة العربية ومن يقف حول ذلك من جهات تحاول الإطاحة بلغة الضاد.