الرياض: «الشرق الأوسط» أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية، أن احتفاء أهالي قرية ذي عين التراثية في الباحة بمشروع تطوير قريتهم يعكس حرصهم على عودة الحياة لمواقعهم التاريخية التي شهدت جزءا من تاريخ هذا الوطن وملحمة تأسيسه. وقال الأمير سلطان، في تصريح صحافي عقب وضع حجر الأساس لمشروع تطوير قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، برعاية الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز أمير المنطقة «اليوم نقرأ صفحة من صفات تاريخ الوطن، والتاريخ المقروء شيء لكن المعيش شيء آخر، وهذه صفحة من التاريخ المعيش في بلادنا، وأهل ذي عين لهم أهمية في التاريخ الوطني، ونحن اليوم نرى أهالي ذي عين في هذا الاحتفال يحتفون بعودة الحياة لجزء من تاريخهم وإبراز هذا التاريخ، وحقيقة هذا الاحتفاء هي جمع شمل الأهالي مع تاريخ بلادهم وقصة هذا التاريخ العظيم». وأشار إلى أن «مساهمة أهالي ذي عين في تطوير قريتهم، وحرصهم على إحيائها وتأهيلها وفتحها للزوار، تجسد ارتفاع الوعي في كل مناطق المملكة بأهمية المواقع التراثية التي تشكل سجلا حيا لمساهمة الأجداد في كل شبر من هذا الوطن لتأسيس هذا الكيان ووحدته الوطنية التي بناها المواطنون بمختلف أسرهم ومواقعهم، ولذا نحن حريصون على استكمال مشاريع تأهيل التراث العمراني في كل المناطق بتعاون ودعم الشركاء والمجتمعات المحلية لتكون كتابا حيا وواقعا معيشا وملموسا». وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن تطوير قرية ذي عين يأتي ضمن اهتمامات الهيئة بالمحافظة على القرى والمباني التراثية وترميمها وتطويرها وتحويلها إلى مواقع جذب سياحي. وأضاف «في الباحة توجد منظومة من المشاريع في مجال التراث العمراني، ونحن الآن نُرمم في عدد من المواقع والقرى والأبراج، ونهيب بالسكان التعاون معنا في المحافظة على هذه الصفحات المضيئة من تاريخهم». من جهتهم، أكد أهالي قرية ذي عين التراثية أن مشروع تطوير القرية يعد الحدث الأهم الذي انتظروه لإعادة الحياة لقريتهم وتحويلها إلى قرية سياحية متكاملة تحفظ تاريخهم وتوفر مصدر دخل لهم. وثمنوا الدعم الكبير الذي لقيته القرية من الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وزياراته المتكررة لها منذ إنشاء الهيئة، مشيرين إلى أن جهوده في حفظ التراث العمراني أسهمت في رفع الوعي لدى أهالي المواقع التراثية بقيمة هذه المواقع وتحويلها من أماكن خربة إلى قرى حية وجميلة وجاذبة للزوار. كما أعربوا عن تقديرهم البالغ لأمير الباحة على اهتمامه بالقرية ومتابعته لمراحل تطويرها. وقال «رئيس جمعية ذي عين الأثرية» يحيى عارف إن «الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل مع جمعية ذي عين التعاونية بتناغم وتعاون كبير من أجل تطوير وتأهيل القرية لتكون أهم الموارد الاقتصادية لأبناء المجتمع المحلي، الذين لمسوا الآن الاستفادة مما شهدته القرية من فعاليات وأسواق شعبية وما ستشهده من رحلات سياحية بعد التطوير، وقد كان ذلك حلما تحقق بتوفيق الله ثم برعاية الأمير سلطان بن سلمان الذي تبنى مشروع إحياء التراث بكل قوة وصبر». وأشار حسين عارف، معرف قرية ذي عين التراثية، إلى أن مشروع تطوير القرية هو حدث مهم انتظره الأهالي طويلا لأنه يضع الأساس لتطوير حقيقي ومدروس للقرية التي تتمتع بميزات فريدة وتسجل لتاريخ المنطقة وجمال طبيعتها. ويهدف مشروع تطوير قرية ذي عين التراثية إلى الحفاظ على المباني المتبقية في القرية وترميمها وتأهليها، إذ شرعت الهيئة في إنقاذ المباني القائمة وواجهات المباني المطلة على الممرات، إضافة إلى تأهيل الممرات، حيث تم الاجتماع مع ملاك المباني وإشراكهم في عملية الحفاظ على القرية من خلال جمعية ذي عين التعاونية، التي تم تأسيسها بدعم من الهيئة للعناية بالتراث العمراني، حيث ستعمل الجمعية على تحقيق جملة من الأهداف من أهمها المحافظة على أملاك أهالي القرية واستثمارها وتسويقها سياحيا، وإعادة تأهيل المباني الأثرية بها واستثمارها لصالح الأهالي، إلى جانب إيجاد فرص عمل لأبناء القرية والأسر المنتجة، وتحقيق عوائد مالية مجزية لهم مع إحياء الحرف اليدوية والمنتجات الزراعية وتبني جميع المشاريع داخل القرية وفي محيطها. وتشمل المرحلة الأولى من تطوير قرية ذي عين التراثية تأهيل الممرات الرئيسة للقرية، وترميم وتأهيل المباني المطلة على الممرات، وسيبدأ العمل في ترميم المباني الأكثر خطورة الواقعة على الممرات الرئيسة بهدف إزالة أي خطورة محتملة لتأمين الممرات ولتمكين الزوار من زيارة البلدة، ويجري حاليا إعداد الدراسات والمخططات الخاصة بمشروع إيصال الطريق والجلسات إلى منبع الماء، وتم طرح مشروع استكمال مركز الزوار في القرية. وتتضمن خطة تطوير القرية ثلاث مراحل يستمر تنفيذها على مدار خمس سنوات، وتشمل إعداد الرؤية الاستراتيجية لتنمية القرية بشكل مستدام، وهي المرحلة الأولى التي تتضمن تأهيل الممر الرئيس للقرية، وإيجاد جلسات ومطلات على طول الممر وصولا إلى شلال الماء، إضافة إلى إعادة افتتاح مسجد القرية الأثري، وتأهيل عدد من المباني لتكون المتحف الخاص بها، وإنشاء مركز للزوار، ومحلات تجارية لأهالي القرية. وتنص الاتفاقية التي وقعها من جانب الهيئة المدير التنفيذي لمركز التراث العمراني الوطني الدكتور محسن بن فرحان القرني، وعن الجمعية رئيس مجلس إدارتها يحيى حسين عارف، على منح الهيئة حق الانتفاع من القرية لمدة ثلاثين عاما مقابل تحمل الهيئة تكاليف الترميم والصيانة للمباني، حيث تلتزم بالمحافظة على مباني القرية والمحافظة على هويتها وأصالتها، وتتحمل جميع تكاليف الترميم والصيانة خلال مدة الاتفاقية، وتعمل على تسجيل القرية كموقع تراثي وفقا للنظام التراثي، فيما تلتزم الجمعية وملاك القرية بمنح الهيئة حق استغلال المبنى واستثماره بما يتناسب مع هويته وأصالته، وعدم القيام بأي من التصرفات التي تؤثر على ملكية العقار من بيع أو رهن خلال مدة الاتفاق، والالتزام بالمحافظة على المبنى بعد مدة الاتفاقية وسلامة عناصره ومحتوياته، على أن تلتزم كل جهة عند تسجيل القرية كموقع تراثي بالمحافظة على مباني القرية باعتبار ذلك موقعا تراثيا عمرانيا وطنيا. وتنص الاتفاقية كذلك على أن يفوض الملاك الجمعية بتسليمهم أمام الهيئة وتمثيلهم أفرادا ومؤسسات.