ما معنى أن تحقق دولة الإمارات أيضاً المركز الأول في المساعدات الإنسانية على مستوى العالم؟ المعيار نسبة ما تنفقه الدول قياساً إلى دخولها القومية، وفي هذا المضمار تحقق الإمارات المركز الأول لأعوام عدة على التوالي. الحقيقة المبينة أن الإمارات نجحت في بناء مؤسسات إنسانية أصبحت اليوم عريقة ولها سمعتها الدولية، وزاد من الأهمية المرتبطة بالوضوح كون بلادنا حققت قصب السبق أيضاً حين أدخلت بعض المنظمات ذات الظاهر الإنساني ولكن بباطن أرهابي في القائمة الإماراتية للإرهاب، وهي القائمة التي أصبحت اليوم مثالاً يحتذى خصوصاً لجهة نظام التظلم والمتابعة، فكل شيء قابل للمراجعة استناداً إلى الممارسة الواقعية والقانون. وفيما لدينا اليوم وزارة مخصصة لهذا الغرض هي وزارة التنمية والتعاون الدولي، لدينا أذرعة مساعدات وتعاون متقدمة في طليعتها هيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة الشيخ خليفة، ومؤسسة الشيخ محمد بن زايد، ناهيك عن مؤسسات أعطت وأعطت كثيراً منذ مطلع السبعينات، وفي طليعة ذلك صندوق أبوظبي للتنمية. ومع تعدد الجهات، تؤدي وزارة التنمية والتعاون الدولي دور المظلة الجامعة، وفي صميم دورها اقتراح السياسة العامة للدولة بشأن التنمية والتعاون الدولي والمساعدات الخارجية، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الصِّلة، ثم رفعها إلى مجلس الوزراء للاعتماد. اللافت في تجربة الإمارات أن عطاءها الخارجي متعدد في أساليبه، لكن في الفضاء المدروس الذي يعد له إعداداً جيداً، فمن المساعدات ما يصل إلى المستهدفين مباشرة عبر مشاريع تشرف عليها أو تراقب خطوات إنجازها المؤسسات الإماراتية، ومنها ما يتحقق ضمن دور الإمارات الفاعل في منظمات الأمم المتحدة، خصوصاً وكالة غوث اللاجئين واليونيسيف، ويمكن رصد عشرات الجهات المانحة، وعشرات وجوه الإنفاق التي تصب في خدمة الإنسانية والإنسان. في المحيط العربي، وحيث توجد أزمة أو لا توجد، تمتد أيادي الإمارات البيضاء بصناعة التفاؤل وتصدير الأمل، وفي سوريا خصوصاً، حيث يوجد مليونا طفل خارج المدارس، وحيث امتد الخراب إلى 25 في المئة من إجمالي عدد المدارس، وحيث 57 من المستشفيات في حالة عطل جزئي أو كلي، وحيث نحو عشرة ملايين نسمة يعانون من الجوع والنقص الحاد في الغذاء، وحيث ما يقترب من 12 مليون نسمة يعانون من نقص الماء أو صعوبة الوصول إليه، قامت دولة الإمارات، بكل قوة وطاقة، نحو تأمين ذلك ما أمكن، عبر جهود ملموسة على الأرض وموثقة دولياً. والأرقام متاحة، وفيما تقرير مساعدات عام 2013 متاح على الموقع الإلكتروني لوزارة التنمية والتعاون الدولي، ينتظر صدور تقرير عام 2015 قبل نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ليس إلا دور الإمارات المنسجم مع روحها وفكر وقيادتها وتطلعات شعبها، فإلى متى يمضي المرجفون في محاولاتهم البائسة تصوير الواقع الناصع على غير حقيقته؟ ebn-aldeera@alkhaleej.ae