ديكور البيت يعبر عن شخصية ساكنيه، فبعضهم يعتقد أن الحياة في القرن ال 21 تبرر استخدام الديكور الحديث المودرن بدلًا من الكلاسيكي، واللدائن الصناعية والبلاستيك والألومنيوم في الأثاث بدلاً من الخشب والجلد. ولكن الحقيقة مهما كان التصميم الداخلي للبيت فإن هناك دائماً فرصة لوضع لمسة من لمسات الفن الإسلامي أو الأرابيسك بين أركان المكان، فعلى الرغم من عراقة ذلك الفن وأصالته التي يتميز بها، فإنه لا يزال يواكب العصر وينافس أحدث التصميمات في الرقي والجمال والإقبال عليه. استخدام الفن الإسلامي في الديكور له أوجه عدة، فيمكن أن يدخل في صناعة الأثاث أو الجدران أو الأسقف أو الأرضيات والنوافذ إضافة للتحف وقطع الزينة بالمنزل والطاولات وغرف المكتب لإضفاء روح الأصالة والمعاصرة على المكان. بكثير من الفخر، يروي أحمد عمار، موظف بأحد شركات التأمين، قصة غرفة الجلوس ذات الطراز العربي التي أنشأها داخل منزله، يقول: أعيش في دبي منذ 7 سنوات في البداية كنت أعيش في شقة مفروشة مع بعض الأصدقاء، وكنت أشعر أنني أعيش مغترباً في مكان ليس له علاقة بشخصيتي فكان الطابع العام للديكور والأثاث على الطراز الأمريكي. صحيح أنه كان عملياً وبسيطاً، ولكن الإنسان يحتاج إلى أن يشعر بالصلة مع مكونات بيته. ويضيف: منذ 3 أعوام تحسنت أحوال العمل وأصبحت قادراً على إحضار زوجتي وأطفالي من الأردن وكان أول شيء أهتم به في شقتي الجديدة أن نؤثث غرفة الجلوس على الطراز العربي فاشتريت طاقماً من الموائد والمقاعد الخشبية المطعمة بالصدف من الجناح السوري بالقرية العالمية، واشتركت مع زوجتي في اختيار سجاد بنقوش إسلامية يتناسب مع الجو العام بحيث يستطيع أن يجلس الشخص على المقعد أحياناً أو أن يضجع على أرائك بطراز عربي أحياناً أخرى. ونحن نعتبر هذه الغرفة أغلى مقتنياتنا وأحبها إلى قلوبنا وقلوب ضيوفنا. نجوى الشناوي من الشارقة، تقول: أنا من هواة الرسم على الزجاج وأقدّر التصميمات والنقوش الإسلامية لدرجة كبيرة فهي مبهرة، وتضفي جواً من الأصالة والرقي لكل قطعة أزينها بها، وتوضح أن الفن الإسلامي يزداد تألقاً وإبهاراً إذا رُسم على مساحة كبيرة مثل زجاج النوافذ والمرايا، وكثيراً ما أشارك في المعارض النسائية لبيع هذه القطع الفنية التي تحظى بإقبال كبير من رواد المعارض. وتشير خديجة مبارك ربة منزل في الشارقة إلى حرصها على زيارة الأسواق القديمة لأية دولة عربية تذهب إليها، واقتناء بعض قطع الديكور الإسلامي التي تحمل طابعها الخاص. تقول: أنا من هواة جمع التحف والقطع الفريدة المصنوعة يدوياً. وأكثر القطع التي أمتلكها تحمل الطراز الإسلامي بزخارفه الدقيقة والمميزة، وفي منزلي أخصص ركناً خاصاً لمقتنياتي من كل دولة أزورها، وحتى المفروشات أحرص بأن تحمل زخارف إسلامية وحروفاً عربية، فهذه القطع تشعرني بالفخر بفنوننا العربية، وهي لا تزال تحتفظ بقيمتها ورونقها، وتنافس أحدث الفنون والأشكال الحديثة في الإبهار والذوق. وعن قدرة فنون الأرابيسك على المنافسة والتزاوج مع طرازات الديكور والأثاث المختلف، يقول الدكتور سيف محمود، مهندس ومصمم ديكور: يعتقد بعضهم أن النحاس المحفور أو الخشب المعشق هي منتجات تختصر الفن الإسلامي في الديكور، وبالتالي فهو لا يصلح إلا أن يكون ركناً صغيراً داخل المنزل أو تحفة لاقتنائها في غرفة المكتب مثلاً، وهذا غير صحيح إطلاقاً، فالفن الإسلامي شديد الثراء والتنوع من ناحية الخامات، فهناك الجص والخشب والمعادن والرخام والفسيفساء والسجاد وغيرها، أو من ناحية الأذواق والتصميمات المختلفة. يضيف: مفهوم الفن الإسلامي واسع جداً فهو يعبر عن تراث حضاري لأقطار وأمم مختلفة من حدود الصين إلى الأندلس والمغرب، وبالتالي فهو يناسب مختلف الأذواق والاستخدامات والبيئة المحيطة، لذلك أصبحت تصميمات الديكور الحديثة بإمكانها أن تتزاوج مع تراث الفن الإسلامي وتقدم نماذج متعددة تجمع بين الأصالة الفنية والراحة العصرية. والسمة الفنية الأساسية في فنون الأرابيسك بأنواعها، هي عدم استخدام رسوم أو مجسمات الحيوانات أو البشر في الرسوم أو النقوش والاستعاضة عنها بأشكال متعددة من الحروف العربية أو الزخارف الهندسية أو النباتية المتكررة بشكل لا نهائي، بحسب محمود، الأمر الذي يمنح المصمم حرية شديدة في التعامل مع هذه الزخارف والنقوش حسب المساحات التي نريد زخرفتها، فالنقوش لا تتقيد بأي مساحة، ويمكن أن تنتهي بأي وحدة من الوحدات الزخرفية المتكررة، مشيراً إلى أن هذا ينطبق في الأساس على زخارف الجص التي تُستخدم لتزيين الجداران أو عمل شبابيك من الجص والزجاج الملون الذي يتوهج مع الإضاءة الطبيعية ليعكس أشكالاً مختلفة من الألوان والظلال تمنح المكان حيوية وألفة وسحراً. وينصح محمود باستخدام الأعمدة الرخامية والعقود الأندلسية لتزيين الردهات الواسعة داخل الفيلات، فهي وسيلة تكسر حدة المساحات بطريقة مريحة للعين فلا تجعل البصر يرتد من جدران صماء وإنما يتسرب بسلاسة بين الأعمدة والعقود فيفصل بين أجزاء الردهة الواسعة، ويسمح لمصمم الديكور الاستفادة من المساحة الواسعة وتقسيمها بين أكثر من استعمال. أما السجاد فهو فن إسلامي تقليدي، فأشهر وأفخم أماكن إنتاج السجاد حول العالم هي إيران وتركيا وآسيا الوسطى، وجميع التصاميم والزخارف النباتية المستخدمة مستمدة من التراث القديم في هذه البلدان، وغالباً ما تنجح قطع السجاد ذات الزخارف الإسلامية في التزاوج مع أي قطع أثاث سواء كانت كلاسيكية أو حديثة فتمنحها فخامة ورُقياً. الأرابيسك والتكفيت الخشب المعشق سر آخر من أسرار الأرابيسك. استخدم في صناعة المشربيات والمنابر وقطع الأثاث. ولا يعرف الكثيرون أن الخشب المعشق يتكون من قطع صغيرة من الخشب يجري تقطيعها وزخرفتها وتركيبها كل قطعة بجوار الأخرى دون استخدام أي مسامير أو غراء من أي نوع، وإنما يتم تركيب القطع بطريقة الحفر واللسان أو العاشق والمعشوق. ولكن الخشب المعشق لا يستخدم كثيراً هذه الأيام في صناعة الأثاث العصري، فمن النادر وجود من يطلب غرفة كاملة من الخشب المعشق، فهي غالية الثمن جداً، ولا يوجد الكثير من الحرفيين المهرة الذين يجيدونها بهذا الشكل، ولكن كثيراً ما يُستخدم هذا الفن القديم في صناعة قطع من الأثاث كديكور في ركن من غرفة على الطراز الكلاسيكي. أما التحف النحاسية ذات الطرز الإسلامي ومعها الخشب المُطعّم بالصدف، فهي من أكثر الأشياء طلباً وقدرة على الامتزاج بأي نوع من أنواع الديكور. والواقع أن فن الحفر على النحاس بلغ في الحضارة الإسلامية حدوداً فائقة من الرقي والجمال، وخاصة فن التكفيت وهو أدق أشكال تطعيم النحاس بمعادن أكثر قيمة مثل الفضة أو الذهب. وكانت هذه العملية الدقيقة تجري بمهارة العامل الحرفي الذي يحفر الزخارف بالأزميل الصغير على النحاس ثم يطرق أسلاكاً معدنية من الفضة أو الذهب داخل الزخارف المحفورة.. وفن التكفيت يعرف بصعوبته ودقته وقلة الحرفيين الذين يتقنوه، وتستطيع التحف النحاسية إضفاء لمسة من الأناقة على أي ديكور مودرن ، خصوصاً في الغرف التي يعتمد أثاثها على الخشب مثل غرف الطعام أو غرف المكاتب.