عرفتُها متألّقةً دومًا، تبحث عن التميّز وأدواته، وسبل الوصول إليه، لا تفكّر بطريقة تقليدية، ولا تستهويها الأفكار العادية، طموحة إلى حدِّ التحليق في السماء عاليًا، تثبت دومًا أنّها أهل للجودة في أدائها لأدقِّ التفاصيل في عملها. وكل عمل تقدّمه لابدّ أن يحظى بشهادات التكريم، والإشادة من وزارة التعليم. عندما كنتُ معلّمةً في مدرستي أترقّبُ زيارتها لمعلّماتها تعلّمهنَّ وتكسبهنَّ كلَّ المهارات، وإستراتيجيات التدريس الحديثة حتى قبل أن تُعمم مهارات التفكير -على سبيل المثال- لتكون مطلبًا حتميًّا من الوزارة كانت هي السباقة في تدريب معلّمات اللغة الإنجليزية وإكسابهنّ كل جديد في العلم والتعليم. في بيتها ومكتبها مكتبة عامرة من الكتب والمراجع التي استقت منها علمها، وحرصها على سبر عالم المتفوّقين في كل أنحاء العالم، وتمكّنها من اللغتين العربية والإنجليزية أكسبها الكثير من القدرات للتعبير عمّا يدور في عقلها، الذي أتمنّى أن أغوص بداخله لاستخرج كنوزٍ عظيمة، وخبرة تربوية فريدة من نوعها. وما علمتُ أنا أنَّ القدرَ سيجمعني بها يومًا لتكون رئيستي، فيزداد قربي من هذه الإنسانة، والتي رشّحتني يومًا لجائزة المشرفة المتميّزة، في جائزة سابك للتميّز في الأداء، هذه الشهادة منها وسام أحمله على صدري؛ لأني أعلمُ يقينًا أن معاييرها عالية، ولا تجامل أحدًا في مهنيّتها واحترافها لعملها الذي أحبته حتى العشق، وانتمت إليه حتى نالها المرض الذي أبعدها عن عالمها في التعليم، فلتعذرني صديقتي وأستاذتي في عالم الموهوبات فهي علمٌ من أعلام التعليم في ينبع، إنّها نسرين خالد نحاس. عذرًا فكلماتي لن توفيكِ حقّكِ، وأنتِ اليومَ تترجلين مبكرًا عن مكان سيفتقدكِ كثيرًا، وقلوبنا جميعًا تحمل في داخلها الكثير من الحب والاحترام والتقدير. أنت من أسست للفكر المبدع، ولجوائز التميّز، ولتألّق معلمات اللغة الإنجليزية، ومَن سطّرت بأحرف من نور مسيرة العمل في مجال الموهبة والإبداع. ولم أكن أتخيّل مغادرتك السريعة وابتعادك عنا، ولكنها الأقدار، وكلي أمل أن يبقى اسمكِ وتاريخكِ حاضرًا بيننا؛ لأنّني شخصيًّا تعلَّمت في مدرستك. كم أتمنّى أن يكرم المتميّزون في التعليم بما يليق بمسيرتهم وعطائهم، وكم أتمنّى أن يكرمني الله بأن أسطّر تاريخ مَن أعطوا وبذلوا، وكانوا -ومازالوا- رموزًا نستضيئ بها. نسرين نحاس ننتظر منك بعد التقاعد الشيء الكثير من الذكريات والمواقف التربوية التي سيستفيد منها الجيل الجديد من المعلمين والمعلمات، والمشرفين والمشرفات. بكل صدق وأمانة أنتِ مدرسة لابدّ أن يلتحق بها كلُّ مَن يعشق مهنة التعليم، ويعلم يقينًا أنها رسالة وأمانة، سيُسأل عنها أمام الله. Majdolena90@gmail.com