هيا السهلي-الدمام بعد قرار السعوديةفتح أسواقها أمام الشركات الأميركية بنسبة 100% في قطاع التجزئة والجملة لم يكد يخلو رأي اقتصادي من أنه قفزة للاقتصاد السعودي إلى الأمام، وأكد اقتصاديون للجزيرة نت أن السعودية مقبلة على حزمة ضخمة من الاستثمارات النوعية في مجال التجزئة والجملة، ونقاط تحول مهمة تدفع اقتصادها إلى مواقع جادة في الاستقلال عن الاعتماد المفرط على النفط. وفي الوقت الذي يشدد فيه الاقتصاديون على أن القرار سيسهم في زيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي، ويخلق وظائف كثيرة وبيئة منافسة، أكدوا أن القرار سيواجه تحديات ويتطلب نظما وقوانين حتى يؤتي ثماره في تنمية البلد تنمية مستدامة. الجهاز الحكومي ويقول المستشار الإداري والباحث في اقتصادات المعرفة خالد الحارثي إن القرار وضع الجهاز الحكومي أمام تحديات مهمة في القدرة الاستيعابية على مضمون هذه القرارات، وفي آليات توطين الوظائف ومكافحة التستر ودعم المشروعات الصغيرة، وكذلك ما يتعلق برفع الكفاءة في المواصفات والمقاييس. الحارثي: فتح سوق التجزئة يضع الجهاز الحكومي السعودية أمام تحديات (الجزيرة) وحينما تفتح السعودية هذا القطاع الذي يفوق حجمه 117 مليار دولار بمعدل نمو يفوق 4% للاستثمار الأجنبي فإن الاقتصاديين لا يشكون بأنه سيشكل سلة كبيرة من المنافع الاقتصادية بما تجعله سوقا مغرية للمستثمر. وتتجلى أبرز منافع فتح الباب للشركات الأميركية في السعي نحو ترجيح المنتجات الأميركية على حساب المنتجات الآسيوية، وتبلغ حصة المنتجات الأولى حاليا ثلث حصة الثانية في قطاع التجزئة والجملة، على حد قول الحارثي. ضبط وتنافس وحسب رأي الاقتصاديين، سيضبط القرار أسواق التجزئة بدخولها مرحلة تنافسية جديدة مع الشركات الأجنبية المحترفة في مجال الأعمال، ومن خلال تطوير بيئة العمل وتدريب موظفيها ونقل التقنيات الحديثة. ويقول الحارثي للجزيرة نت "القرار لن يشجع شركات الامتياز والوكالات في السعودية لتطوير جودة الخدمات والتعلم من المنافس القيادي فقط، بل سيشجع وزارة التجارة على تطبيق المزيد من الأنظمة ذات الصلة والتي لم يتم تطبيقها في السابق". وفي السياق نفسه، يقول الكاتب الاقتصادي والمحلل المالي عبد الله البراك "آثار القرار الملموسة لا تعني بالضرورة تراجع الأسعار بشكل فوري، أو تغيير الوكلاء المحليين الموجودين في السوق"، ويعتقد المبارك أنه من الصعب تحديد التكلفة الآن، وإذا كانت الأيدي العاملة وقيود الضرائب في السعودية أقل كلفة منها في أميركا. ويقول الكاتب الاقتصادي إن أغلب الوكلاء في دول الخليج يمثلون الوكيل تمثيلا تجاريا وليس قانونيا، وهو ما تعمل السعودية على القضاء عليه بهذا القرار، إذ سيؤدي فتح الشركات الأميركية مراكز رئيسية إلى إرغام الوكلاء على أن يكونوا ممثلين تجاريين وقانونيين. البراك: آثار فتح سوق التجزئة لا تعني بالضرورة تراجع الأسعار فورا (الجزيرة) ويرى الحارثي تحديات أخرى تواجه الشركات الأميركية في ما يتصل بمضاعفة حجم صادراتها إلى المملكة وأيضا من المملكة للعالم. ويقول "المملكة ليست مجرد سوق بل استثمار كبير يتطلب تخطيط شراكات قوية مع المملكة ومميزة جدا، وابتكار الحلول التي تشجع المملكة على التمسك بتلك القرارات التي اتخذتها، وهذا ينبغي أن يترك أثرا كبيرا على البطالة وشروط العمل في المجتمع السعودي". البطالة والتكنولوجيا ويقول البراك إن الهدف الرئيسي من هذا الأمر هو حجم مساهمته في تقليص البطالة، وبدرجة ثانية هو نقل المهارة التكنولوجية التي ستوفرها الشركات والمصانع المستقطبة، وتوقع المتحدث أنه بعد مرور السنين سيدير السعوديون الشركات ويصبحون الرواد في هذه الصناعة مثل ما حدث في الصين. وفي المقابل، تستفيد الشركات المستثمرة من السوق السعودية وعلاقتها بالاتفاقيات التجارية التي صاغتها البلاد مع دول المنطقة العربية مثل دول الخليج، وهي علاقات معفية من أي ضرائب ومن أي قيود لأن منشأها السعودية. ويستبعد المبارك أن تستثمر الشركات الأميركية في الصناعات التكنولوجية، معللا ذلك بأن المنطقة ليست مغرية في هذه الصناعة، ويعتقد أن المنطقة تغري في صناعة المعدات الثقيلة كالسيارات وغيرها بحكم البنية التحتية الجاهزة لها من مصانع المواد البتروكيميائية ومصانع البلاستيك والمطاط، وبالتالي قد تكون السعودية مركزا لإعادة التصدير إلى مناطق الوطن العربي وأفريقيا.