الطريق قد يبدو في أوله صعبا وطويلا ويحسب له ألف حساب، وهناك من يتراجع في أول المشوار، إلا أنه يوجد من يجعل مبادئ الإصـرار مناهج لحياته ويتخطى الصعاب من أجل نيل النجاح والإنجاز بكل اقتدار.. والمبدعون يتخطفون أنظار العالم حينما تمكنهم الظروف من إخراج قدراتهم ويحقـقون طموحاتهم الخلاقة التي تعود عليهم والآخرين بنفع عظيم. فبداية النجاح عند شاب يدعى «جون ويلارد ماريوت» المولود في ولاية يوتاه الأمريكية عام 1900م، الذي قـرر بعد تخرجه من الجامعة العمل لحسابه الخاص فبدأ يبيـع عصـير الليمون البارد في «الكابيتول هيل بواشنطن دي سي» خلال الصيف.. وكان لا يبيـع العصير فقط بل كان يراقب باهتمام الحشود الذين يتقاطرون إلى المعالم السياحية في الحي الشهـير، يحاول أن يخطف انتباههم بابتسامته وعبارة يرددها عشرات المرات «عصير طازج سيمنحك طاقة لمتابعة رحلتك» .. لقد أوحى له ذكاؤه وفطنته كيف يتصرف مع الآخرين وينال استحسانهم كزبائن، إلا أن من حوله وتشجيعهم له زاد من عزيـمته وجعله يفكر كيف ينمي نفسه وحياته ويطور إبداعه ويستـثـمر أفكاره ويحولها لواقع. وعندما يتواجد من يشجعون الموهبة سنجد أن أصحابها يتفاعلون مع الواقع ويرتقون بأفكارهم.. ورجوعا لقصة «ماريوت» نجده قد أضاف لعربة العصير كشكا به قائمة طعام مكسيكية وأطلق عليه اسم «ذا هوت شوب» ليصبح بعد ذلك مطعما عائليا شهـيرا.. وافتـتح في عام 1928م مطعما للوجبات السريعة على طريق شرق المسيسيبي.. وأثناء الحرب العالمية الثانية اتسع حجم أعمال المطعم وتولى إدارة خدمات الطعام في وحدات الدفاع والمباني الحكومية، مثـل وزارة الخزانة الأمريكية. وعندما كان المبدعون ليس لهـم حدود يتوقفون عندها ويركنون حول عائدها، ولكن تجدهم دائمي التفكير في الأفضل واختزال الأفكار للمستقبل .. فقلد انشغل «ماريوت» بأحاديث وانتقادات زبائنه عن حال الفنادق التي حوله ورداءة الغرف والطعام البارد، فلقد بات عنده حلما بأن يتـمكن من عمل فندق بـ «مـلاءات عطـرة نظيفة» وخدمة مميزة وطعام ساخن يحمل اسمه باقـتـدار. وعندما كان صاحب الموهبة حريـصا على خطواته ويحسب لها ألف حساب ليصل لأهدافه، فيما يساعده على ذلك العوامل المحيطة به.. فلقد رافق «ماريـوت» فريـق عمل تقاسم معهـم أسهـمـه وأرباحه، فقبـل افتـتاح الفندق كان يستحضر في منامه على شكل كوابيس عربته التي كان يجرها وفوقها عصير الليمون وبمحاذاتها انتقادات الزبائن للفنادق المجاورة، كان يخشى أن تـتـوفـر عربة عصائـر أمام فندقه يجتـمـع حولها غاضبون من مستوى فندقه.. طـرد الكوابيس عبر افتـتاح تجريبي لثلاثـة أشهـر، دعا إليه محفزيه «أقاربه وأصحابه» بمبالغ زهيدة.. وترك في كل غرفة قلما ودفترا صغيرا كتب أمامهما «اكتب رأيك بصراحة في مستوى الخدمة هنا، نعدك أن نلبي مطالبك عند زيارتك في المرة المقبلة» .. وقد استفاد من الاقتراحات وافتـتح رسميا فندقه الصغـير في الثلاثينات، فيما لاتزال الورقة والقلم التي وضعهما في الغرفة الأولى تنتشر في جميـع فنادقه ما صغر منها وما كبر في شتى بقاع الأرض.. سجلت موهبة هذا الشخص اسم عائلته «ماريوت» الذي اختاره اسما لفنادقه ومنتجعاته واحدا من أشهـر العلامات التجارية في العالم وأمست فنادقه أحد أهم النزل على مستوى العالم.. فلقد كان لتشجيـع موهبته من قبل من حوله وأقاربه ثمنا قيما لهذا النجاح الذي أبهـر الجميـع ويفتـخـر به في الكثير من المحافل.