المحن تظهر معدن الناس، وتظهر أجمل ما يحملونه في قلوبهم من نقاء وخير، وفي حدث بحجم استشهاد جنودنا في اليمن، ظهرت ملامح عدة عن الوفاء، وشاهدنا التلاحم في أجمل وأعظم وأبهى صوره، وتعددت قصص التسابق في ميدان الوغى والفداء، لتبقى ناقوساً يدق في أرجاء الوطن يذكّرنا دوماً بتلك الدماء التي سالت من أجل عزته ورفعته، ومن أجل أن تبقى رايته خفاقة. دماء الشهداء كانت كسجل مجيد من العزة ألجمت الأعداء وأخرست كل من به مرض الحقد ودرن الحسد، أو تقوّل كذباً وزوراً على بلادنا، ليظهر الوطن في أعظم تلاحم وأقوى اتحاد. نقلت لنا الصحف ونقل لنا الكثير من المقربين والمعروفين على مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً وتصريحات من ذوي الشهداء، تثبت أن الفقد يمس الجميع وليس أسرة دون سواها، وأن الشهيد حلقت روحه في كل منازلنا على امتداد وطننا، فسمعنا ما يثلج الصدر وما يبهج النفس ويقوّي الإيمان والعزم والرؤية نحو النصر بإذن الله. من هذه التصريحات ما جاء على لسان إسماعيل محمد البلوشي، والد الشهيد محمد، حيث قال: تلقيت نبأ استشهاد ابني بسعادة وفرح، ولم يكن للحزن مساحة في محيط أسرتي وأضاف: جيراننا توافدوا على منزلنا فور تلقيهم الخبر للوقوف بجانبنا. وقال أيضاً: الشهادة أمر متوقع طالما أن الإنسان ارتدى الزي العسكري وحمل راية الدفاع عن مقدسات الدولة ومكتسباتها وواجباتها في إعانة المظلوم وخدمة المحتاجين. وأنهى حديثه بمقولة تدون بماء الذهب، حيث قال: إن الشهيد التحق بالخدمة العسكرية منذ أكثر من 22 عاماً، ولديه 9 أبناء 8 ذكور وابنة واحدة، وجميعهم رهن إشارة الدولة، وسوف تجتهد الأسرة على إلحاقهم بالخدمة العسكرية لخدمة الوطن الذي قدم وما زال يعطي أبناءه الكثير. في هذا السياق أتذكر قوله تعالى: (لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم). ولله الحمد، فشهداؤنا لم يسقطوا إلا أبطالاً متقدمين منتصرين، رافعين راية نصرة المظلوم، مقاومين للشر والإرهاب والفوضى والمرض، لا يوجد لديهم أي طمع دنيوي، بل الهدف مساعدة المظلومين والشرعية. جنودنا كانوا هناك من أجل حماية المجتمع والبلد من الحرب الأهلية وما يراد لها من التفكك والتشرذم، كما هو حادث اليوم في سوريا، حيث تنتشر الجماعات الإرهابية، وأيضاً كانوا هناك لحماية إخوتنا وأشقائنا في المملكة، من الاعتداءات المتواصلة والمتكررة من تلك الشرذمة الجبانة، وسجلوا، وما زالوا بمداد من الفخر كلمات الشجاعة والعزة واقعاً يُرى بالعين لا أقوالاً وحسب. لذا استبشر الناس في اليمن بهم وفتحت لهم القلوب، ووصلت المساعدات والأغذية والأدوية لكل محتاج، لكن الظلاميين وأعوانهم من المندسين الخونة، يريدون تغيير الواقع وإعادة الظلم والظلام، ولكن مسيرة النور والانتصار بدأت ولن تتوقف حتى تكمل طريقها، ويبزغ فجر الشرعية والانتصار، وإنه لقريب. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com