أظهرت دراسة أن الأشخاص الذين لديهم مئات الأصدقاء.. وأعيد كتابة "مئات" وليس آلاف الأصدقاء على موقع "فيس بوك" معرضون لمضايقات ومحتوى غير لائق.. الأمر الذي يتسبب لهم بأضرار نفسية، بحسب ما نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.. وأوضحت الدراسة التي أعدها باحثون في جامعة نوتجام ترينت البريطانية.. أن الأشخاص الذين تضم حساباتهم مئات الأصدقاء الافتراضيين.. أكثر عرضة إلى تعليقات قد تدمر سمعتهم.. ذلك أنه كلما زاد عدد الأصدقاء بات من الصعب تحديد توجهاتهم وسلوكهم..! وتقول الباحثة في العلوم الاجتماعية سارة بوجلس.. إنّ الأشخاص في الواقع يعرفون الذين يتعاملون معهم.. وما الكلام الذي يصلح قوله أمامهم في إطار الحدود الاجتماعية.. لكن العالم الافتراضي يلغي هذه الحدود طبقاً لما ورد بموقع سكاي نيوز العربية.. وأوضحت أن الحدود الاجتماعية تتلاشى في فيس بوك خاصة عندما يشارك المستخدم كافة المعلومات الخاصة به مع الجميع.. وبالنتيجة يفقد الشخص الذي لديه مئات الأصدقاء على فيس بوك خصوصيته ويعرّض نفسه لأضرار نفسية تطال سمعته ويصبح ضحية لسوء استخدام البيانات من قبل الآخرين.. وقالت الباحثة البريطانية.. إن الأشخاص الذين لديهم أقل من صديقاً على فيس بوك باستطاعتهم إدارة تدفق المعلومات لأنهم مدركون للأشخاص الذين يشاركونهم التعليقات على الموقع.. أكثر من أولئك الذين لديهم مئات أو آلاف الأصدقاء..! يلاحظ أن الدراسة ركزت على الواقع الافتراضي وهو ينقسم إلى شقين الأول التعامل والتواصل مع أناس لاتعرفهم إطلاقاً ربما يكونون بأسمائهم الحقيقية ولكن لاتعرفهم على أرض الواقع ولم تسمع عنهم ومع ذلك أصبحوا أصدقاءك ويتواصلون معك يومياً أو كلما تظهرعلى الفيس بوك.. وآخرين ربما تعرفهم وتتواصل معهم ولكن على الفيس بوك تجدهم أناسا مختلفين ربما لأنّ الناس يسعون في وسائل التواصل الاجتماعي لتلميع أنفسهم وإظهار صفات ليست فيهم.. وتشكيل صورة مختلفة للآخرين حتى وإن كانوا يعرفونهم.. وهي أشبه بمن يقف أمام مصور ليلتقط له صورة تذكارية وكيف يستعد للصورة وليست صورة بالجوال أو صورة على الطبيعة..! الشق الثاني الناس الذين يظهرون على الفيس بوك ويتعاملون بأسماء وصور وهمية هؤلاء لاتعرف أولا ًمن هم؟ وهل هم أشخاص حقيقيون؟ وهل هو رجل أو امرأة؟ ولاتملك بعد أن منحته فرصة أن يكون صديقك أن تمنعه من التعليق أو التدخل أو اللقافة.. وفي نفس الوقت مثل هؤلاء الذين يتدثرون بأسماء وهمية يمتلكون القدرة على الإساءة أو التعدي.. أو تعكير مزاجك دون أن تعرف من هم؟ الكارثة أنهم قد يكونون أشخاصاً تعرفهم جيداً ولكن على الفيس بوك يتخفون بمسميات لاتعرفها أكانت لرجل أم امرأة..! الملاحظة الثانية تركيز الدراسة على أضرار الكم الهائل من الأصدقاء والذين تصعب متابعتهم.. أو معرفة توجهاتهم أو إدارة العلاقة معهم بهدوء ومعرفة واستمتاع.. وتركيز على تعليقاتهم والرد عليهم والتواصل في نفس الفكرة..! لذلك تركز الدراسة على الإقلال من الأصدقاء ومحاولة بناء وسيلة تواصل إنسانية معرفية من أجل التعاطي بإيجابية تستمتع بها ولاتتحول معها إلى وسيلة مزعجة تتوقف فيها عن التواصل..! في الواقع يسعد الناس العاشقون لوسائل التواصل الاجتماعي بالكم الهائل من المتابعين أو الأصدقاء الوهميين والافتراضيين.. يحتفل كل منهم بوصول متابعيه إلى رقم معين وينحاز إلى العدد وليس المضمون.. ينحاز إلى الافتراض وليس الأهم وهو الواقع.. ينحاز إلى قدرته على جذب هذاالكم الهائل وبالذات في تويتر فقد يتابع هو ألف شخص ويتابعه نفس الرقم وتخيل منشنه وهذا المطر الذي ينسكب عليه من التغريدات.. هو الجنون ذاته بالتأكيد.. لأنه يحتاج إلى أعمار إضافية ليستطيع أن يتابع كل هؤلاء.. وفي الفيس بوك أكثر من شخص ستجد نفسك غير قادر على المتابعة أو الاستمتاع.. ولكن السؤال الأهم.. هل لديك الوقت الكافي لتتنقل بين هذه الوسائل المتعددة والتي يضاف إليها السناب والإنستجرام وسيأتي غيرهما؟ هل تمتلك نفسك وتجدها عندما تذوب بين هذه الوسائل وتنطوي عليها مع آخرين افتراضيين لا يمتون للواقع بصلة، وتنتقل معهم إلى واقعهم مبتعداً عن واقعك الحقيقي؟ هل هو السعي في الهواء لتحقيق قيمة ذات مفقودة تسافر بك بعيداً إلى اللاشيء ولا تحاكي اكتشاف الواقع؟ هل يدرك المدمنون على هذه الوسائل والتي تكون نبض العصر الوهمي أنّها كالفقاعة تنتهي في الهواء وأنها تسلبك وقتك والأدهى من ذلك تفتح عليك أبواب القلق الدائم والبحث عن الوقت واختلاقه للتواجد سلباً أو إيجاباً دون أن تمنحك الفرصة للتحكم في ما تريده..! وفي النهاية تمنح هذه الوسائل مستعمليها قناعات وطرقا في التفكير أغلبها وهمي كمن يتواصلون معهم.. وتفتح لهم أبواب التكامل الداخلي والجاذب كما يعتقدون وبأنهم مهمون وأنّ غيابهم لو طال سيقلب الكوكب.. ولذلك هم يتسابقون على الظهور وكأن ظهورهم استباق أولي منحازين إلى الوهم أكثر منه إلى الواقع..!