أن تقف عاجزًا لا تستطيع الدفاع عن عرضك أو شرفك شعور لا يتحمله إنسان على وجه الأرض.. ولكن أن تقوم مجموعة من المجرمين معدومي الضمير بقتل أعز الناس لديك بطريقة بشعة واحدًا تلو الآخر، فهذا ما نسميه الموت البطيء للإنسان.. نحن لا نتحدث عن فيلم سينمائي، لكن تلك المشاهد وقعت بالفعل على الأراضي الليبية.. مجموعة من المجرمين انتزعت من قلوبهم الرحمة، قتلوا أسرة كاملة مكونة من أب ليبي وطفلين وأم مصرية بطريقة وحشية، وفقا لما نشره موقع مبتدأ المصري. هؤلاء المجرمون لا يتبعون داعش أو أي تنظيم إرهابي آخر. هؤلاء مجموعة من اللصوص والذئاب ارتكبوا جريمتهم بدافع دناءتهم، وكذلك السرقة، حتى يجمعوا المال بأي طريقة حتى لو كانت على جثث آخرين لا ذنب لهم. تلك الجريمة المثيرة والتي تقشعر لها اﻷبدان، تعرضت لها أسرة ليبية مصرية منذ عدة أشهر، عندما دخلت مجموعة من المرتزقة منزل أحد العمال وقتلوه هو وأطفاله، ثم اغتصبوا زوجته وقتلوها بكل وحشية. يد العدالة استطاعت الوصول إلى زعيم المتهمين في مصر، وقامت بمحاكمته على الأراضي المصرية.. تفاصيل تلك الجريمة البشعة ترويها السطور التالية: بطلة القصة والتي نحسبها عند الله شهيدة هي إيمان، شابة مصرية كانت مثلها مثل أي فتاة تحلم بالزواج والاستقرار، ونظرًا لأن أغلب أسرتها تعمل في ليبيا، كانت تحلم بالسفر والاستقرار هناك. جاءت لها تلك الفرصة عندما تقدم لخطبتها أحد أصدقاء العائلة وهو ليبي الجنسية.. ظنّت أن حلمها تحقق وسوف تكون مع أشقائها وأقاربها في البلد الشقيق. ونظرًا لمعرفة أسرتها بذلك الشاب، والذى يشهد له الجميع بالأخلاق الحسنة، وافقوا عليه كزوج لابنتهم وتغاضوا عن اختلاف الجنسية.. تزوجت إيمان وسافرت مع زوجها إلى ليبيا، منذ أكثر من 15 عاما، وكانت تأتي إلى مصر في كل إجازة لزوجها، وكانت الأحوال في ليبيا على ما يرام. زوج إيمان كان يحبها بجنون ويعمل المستحيل من أجل إسعادها، وهي كانت كذلك معه.. مرت الأيام والسنون وأنجبت إيمان طفلين ونجح زوجها في عمله، حتى أصبح من أكبر المقاولين في ليبيا. لكن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، وانقلبت حياتها رأسًا على عقب في بداية عام 2011 عندما اندلعت الثورة الليبية، وبدأت تشهد اشتباكات لا مثيل لها وكأنهم في حرب.. تبدلت أحوالهم وأصبح الزوج بلا عمل، بعد أن كان من أكبر المقاولين في بلده، لكنهم كان لديهم أمل كبير في الحياة. في تلك الأثناء، طلبت الزوجة المصرية من زوجها أن يعودوا إلى بلدها مصر بما تبقى معه من أموال، ويعيشا هناك حياة مطمئنة، لكنه رفض وأصر على البقاء في بلده، وهنا وقعت مشاكل بين الزوجين بسبب إصرار إيمان على العودة إلى مصر، لتبقى بين أسرتها وأهلها، لكن الزوج رفض ترك بلده، وأمام إصراره وافقت إيمان كأي زوجة مصرية على أن تبقى بجانب زوجها تشد من أزره وتشجعه. مرت الأيام والزوج يعمل بالكاد لتوفير نفقات أسرته وتعليم أبنائه، إلى أن جاء اليوم المشئوم، ففي بداية عام 2015 عاد الزوج من عمله كالمعتاد.. زوجته تنتظره بكل حب بعد أن أعدت له طعام العشاء، ﻷنه كان يعود في أوقات متأخرة.. أيقظت أبناءها حتى يأكلون مع والدهم.. أخذوا يتبادلون الضحكات والأحاديث وأخد الأب يحكي لهم عن يومه مثل كل ليلة.. لم يكن أحد منهم يتخيل في لحظة واحدة أن ذلك التجمع سيكون الأخير لهم في الدنيا، وأنهم بعد أقل من ساعتين سيتقابلون في الآخرة، بعد أن تصعد روحهم الطاهرة إلى بارئها. وفى لحظة ودون سابق إنذار، فوجئ أفراد الأسرة الصغيرة بصوت طرقات مفزعة على باب المنزل، وكأن أحدهم يريد كسر الباب، حضنت الزوجة أطفالها وهرولت إلى دولاب ملابسها، لتحضر عباءة تستر به نفسها لأنها كانت تجلس بملابس المنزل، وهب الزوج مسرعًا إلى الباب ليعرف من يفعل ذلك.. نظر الأب عبر العين السحرية ليجد 3 أشخاص مسلحين يقفون وراء الباب ويأمرونه بفتح الباب.. ظن اﻷب أنهم دواعش سيقومون بقتله هو وأسرته، كما يسمع في نشرات الأخبار عن قتل المواطنين، لكنه أخذ يخبرهم بأنه مسلم وليس مسيحيًا، لكنهم أصروا على كسر باب المنزل، ونجحوا في ذلك، وفور دخولهم طرحوا الزوج أرضًا وأخذوا يبحثون في كل مكان في المنزل عن أشخاص آخرين، واقتادوا الزوجة وأطفالها من إحدى الغرف وقاموا بتوثيقهم بالحبال وأخذوا يضربون الزوج. وحتى تلك اللحظة كان يظن الزوج وتظن الأسرة أنهم مجموعة من الإرهابيين. كانت المفاجأة عندما بدأ كبيرهم الذي اتضح من لهجته أنه مصري بسؤالهم عن الأموال والمصاغ، وهنا عرفت الأسرة أن هؤلاء ليسوا إلا مجموعة من اللصوص.. أخذ الزوج يستعطفهم أن يتركوه هو وأسرته وأنه سيعطيهم ما يريدون.. لكنهم استمروا في إيذائه حتى بعد ما أخبرهم على مكان أمواله ومصوغات زوجته، التي كانوا يحتفظون بها لتحميهم من غدر الزمن.. وفور إرشادهم عن أمواله، بدأ المتهمون يتلذذون بتعذيب تلك الأسرة، وقاموا بكل بقسوة باغتصاب الزوجة أمام زوجها وأطفالها دون رحمة.. الزوج مكتوف اﻷيدي لا يقوى على الحركة بعد أن شلوا حركته بحبالهم.. صراخ الزوجة كان ينزل على مسامع زوجها وأطفالها كالسوط.. هؤلاء الذئاب لم يرحموا ضعفها وقلة حيلة زوجها مكتوف اﻷيدي بحبالهم، ووضعوا السلاح صوب رأس طفليه.. لم يكتف هؤلاء الذئاب بما فعلوه، بل قام أحدهم بتصوير الآخر وهو يغتصب الزوجة، وكذلك تصويرها عارية دون رحمة.. وأمام صرخات الزوج قام أحدهم بإطلاق النيران عليه وقتله في الحال، ثم طعنوا الزوجة وذبحوها بكل وحشية وكذلك الطفلين الأكبر يبلغ من العمر 13 عاما والصغير 11 عاما، وتركوهم بعد أن سرقوا أموالهم ومصوغات الزوجة وسيارتهم وفروا هاربين. في صباح اليوم التالي، اكتشف الأهالي جريمتهم، وقاموا بإبلاغ الشرطة الليبية، التي جاءت على الفور لكن بعد فوات اﻷوان، وأخذت تجري تحرياتها عن الواقعة، ليتبين أن وراء تلك الجريمة البشعة، مصري وليبيين اثنين، كونوا تشكيلًا عصابيًا يقوم على السرقة بالإكراه.. استطاع رجال الشرطة الليبية القبض على المتهمين الليبيين، بمعرفة لجان المقاومة الشعبية الليبية والقوات النظامية بالجيش الليبي، بينما فر المتهم المصري هاربًا إلى مصر عبر الحدود، بمعاونة بعض المتطرفين. وعقب ورود خطاب الإنتربول لمكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام بالإحاطة بتسليم المتهم الهارب، وكذلك الملف رقم 249 دولي ومحاكمته بليبيا، وبعرض الأمر على الأجهزة اﻷمنية، تم تشكيل فريق بحث جنائي من قطاع مباحث الجيزة، وتمكن من ضبط المتهم بمنطقة كرداسة، وبحوزته بعض المسروقات وبعض مقاطع الفيديو لواقعة القتل واغتصاب الزوجة، وكمية من العملات اﻷجنبية. وبعرض الأمر على مكتب النائب العام المساعد، أمر بعرضه على محكمة الجنايات المختصة للبت في شأنه.. وأمام محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد عبد اللطيف، وعضوية المستشارين إبراهيم عبد الخالق وخالد الشباسى، وبحضور علاء سمير رئيس النيابة، أصدرت المحكمة قرارها بحبس المتهم ويدعى محمد حسن السيد حيدر 45 يومًا حبسًا مطلقًا على ذمة التحقيقات، وإحالته للمحاكمة العاجلة محبوسا عملا بالمادة 3 من قانون العقوبات. كما رفضت المحكمة تسليمه للسلطات الليبية لمحاكمته هناك، على أن تجرى محاكمته في مصر وفقًا للقانون المصري. تبين أن المتهم كان من الهاربين من السجون أثناء أحداث ثورة يناير، واستغل حالة الانفلات الأمني وسافر إلى ليبيا، وهناك كون تشكيلا عصابيا للسرقة بالإكراه بمعاونة المتهمين الليبيين، وارتكبوا جريمتهم البشعة.