لا زالت وزارة الصحة حتى الساعة، تعلن عن وجود إصابات جديدة بفايروس (كورونا) سواء بالرياض أو الخرج أو القويعية، وهي في كل مرة تشير إلى ارتفاع نسبة الحالات المسجلة بالمملكة، حتى بلغت في آخر إحصائية 1223 حالة، بينها 520 وفاة، و76 حالة تتلقى العلاج أو معزولة في المنازل، ووفقا للأبحاث الطبية التي قامت بها شعبة الأمراض المعدية، فقد ثبتت علاقة الإبل بنقل هذه الحمى القاتلة للإنسان، بعد أن تمكن الفريق الطبي من عزل هذا الفايروس وتحديد التسلسل الجيني له من أحد الجمال حتى أظهرت النتائج المخبرية تطابقه بنسبة 100 % مع الفايروس المعزول من المريض (صاحب الجمل) والذي لم يمهله المرض كثيرا ففارق الحياة. نتذكر جميعا تلك الإجراءات الوقائية والعلاجية المتخذة حين ظهرت أزمة جنون البقر، أو حين غزا فايروس انفلونزا الطيور غالبية الدول الأوروبية، فقد سارعت ألمانيا منعا لتفشي المرض إلى فرض الإبقاء على الدواجن السليمة داخل مباني المزارع المحمية لضمان عدم اتصالها مع الطيور المهاجرة التي من المحتمل أن تكون مصابة، أما هولندا وهي من أكبر الدول المصدرة للدواجن والبيض بالعالم، فقد قامت سلطاتها الصحية بإعدام ثمانية آلاف بطة لمنع انتشار محتمل لانفلونزا الطيور بعد أن ظهرت في ثلاث مزارع خلال أسبوع واحد، أما المستهلك فلم يكن مغيبا عن هذا الحدث بل كان مدركا لحجم الأزمة من حوله ولهذا أدى تجنبه لاستهلاك لحوم الطيور إلى انهيار سوقها بشكل تام. أما لدينا فالوضع مختلف كالعادة، والأمور تكاد تكون ماشية بالبركة، فالملاحظ أن الإجراءات الاحترازية المتخذة من قبل الجهة الصحية المختصة غالبا ما تكون لاحقة لوقوع الإصابة ومقتصرة على محيط مدخل الطوارئ أو قسم الباطنية الذي تفشى فيه المرض منذ أيام، أما الأخبار التي تصدرها فهي تعقيبيه بدلا من أن تكون سباقة تنقل الحدث لحظة بلحظة، ومع أنها والدنيا بخير كانت تصم آذان المجتمع بشعار (الوقاية خير من العلاج) نجدها الآن تغلق آذانها خشية أن يرتد الصدى إليها فيزعجها صراخ هذا الشعار الفارغ، لهذا فإن السبل المتخذة قد كرست لمحاولة إنقاذ الحالات المصابة، أما تحسين البيئة والقضاء على مصادر الفايروس فلا يزال الأمر سابق لأونه!. لا تزال حظائر الإبل البدائية تنتشر أطراف المدينة وعلى جنبات الطرق السريعة، وأنت ترمقها من بعيد لا بد أن تجد أمامها أكثر من سيارة ترجل سائقوها ليتذوقوا (طاسة حليب الناقة) من يدي ذلك الراعي الأفريقي كون المعلومة الطبية الرائجة لديهم هي أن هذا النوع من الحليب يساعد على علاج آلام المعدة والأمعاء! ولا تزال مطاعم (كبسة الحاشي) تنتشر في أغلب الحواري والأحياء وتجد إقبالا كبيرا على أساس أن لحومها قليلة الكولسترول! ولا تزال مهرجانات ومزايين الإبل التي تسام بالملايين تقام في مواعيدها على اعتبار أن العادات المتوارثة لا تتقبل تحت أي ظرف فكرة إلغائها، فمتى يتم التصدي لهذه المفاهيم المتلبدة، ومتى نسمع بخبر هبوط أسعار الإبل وانهيار أسواقها؟.