×
محافظة المنطقة الشرقية

"تراجع السياحة" يهدد موارد الدول العربية - فيديو

صورة الخبر

ليس من قبيل الصدفة أن يتزامن حدثان مهمان يتعلقان بمستقبل الأزمة السورية، فقد أعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيري في الثاني من سبتمبر الجاري لشبكة سي ان ان بأنه مقتنع بأن دولاً في الشرق الأوسط سترسل في الوقت المناسب قوات برية إلى سوريا لقتال تنظيم داعش، مشدداً على أن القوات الأميركية لن تكون طرفاً في هذه المعادلة. في اليوم نفسه نشرت صحيفة تايمز البريطانية تقريراً تحت عنوان روسيا ترسل الرجال والسلاح لدعم القوات الحكومية السورية. ولم يمر وقت طويل حتى أطل علينا الناطق باسم الرئاسة الأميركية جوش أرنست ليعرب عن قلقه من المعلومات التي تفيد أن روسيا نشرت طاقماً عسكرياً وطائرات في سوريا. الخارجية الروسية وضعت النقاط على الحروف حين اعترفت بإرسال روسيا لتعزيزات عسكرية إلى سوريا لمحاربة تنظيم داعش. الغطاء المعلن لتبرير هذه التعزيزات هو محاربة تنظيم داعش الذي تعتبره روسيا المتسبب الرئيسي في مأساة الشعب السوري والهجرة الجماعية التي بدأت ترهق كاهل أوروبا في حين يعتبره الغرب أحد المتسببين بهذه الهجرة بعد قسوة وقمع نظام الرئيس السوري. موسكو لم تكن مهتمة بالحرب على تنظيم داعش الذي بدأت الولايات المتحدة حربها عليه بقيادة تحالف دولي منذ أكثر من سنة، فالاهتمام الروسي المفاجئ يأتي في سياق تفاقم الأوضاع في سوريا ووصول النظام إلى حالة شديدة من الضعف وإصرار الولايات المتحدة ودول عربية على أن لا مكان للرئيس الأسد في سوريا المستقبل. الأزمة السورية تعكس أحد الالتباسات في العلاقات الدولية التي تزداد تشنجاً مع تباين المواقف التي لا تعير اهتماماً لمعاناة الإنسان قدر ما تعزز سياسات الدول التي لديها مفاتيح السيطرة على مسارات الأحداث مثل الولايات المتحدة وروسيا. فقد مضت أكثر من سنة على تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش لم يتحقق خلالها ما يشير إلى تراجع قوة هذا التنظيم وليس من المتوقع أن تسهم روسيا في تغيير المعادلة سيما وأنها تسعى لتشكيل تحالف آخر بقيادتها يضم النظام السوري وربما لن تجد من ينخرط فيه غير إيران، تحالف لا تنظر إليه الولايات المتحدة وشركائها في التحالف الدولي بعين الرضا والقبول. الحرب على تنظيم داعش في سوريا لها وجهان، فمن وجهة النظر الروسية هي حرب لتقوية نظام الرئيس الأسد وتحسين فرصه في رسم مستقبل سوريا، في حين أنها من وجهة النظر الأميركية وإلى حد ما العربية حرب لا تستهدف تنظيم داعش فحسب بل تتجاوز ذلك لإضعاف نظام الرئيس الأسد وربما العمل على الإطاحة به. ثمة أمر آخر تجدر الإشارة إليه فتشكيل قوات عربية مشتركة ضاربة باشرت مهامها القتالية في اليمن للتصدي للنفوذ الإيراني بدأ يقلق روسيا لأن هذه القوة باتت لاعباً لا يمكن تجاهل دوره في المنطقة فهو يضعف من دور حلفائها وبالتالي يضعف من دورها. فما يجري في اليمن جزء من حملة التصدي العربي للتغلغل الإيراني العلني والخفي في شبه الجزيرة العربية وهو تصدٍ مرشح للامتداد إلى مناطق أخرى من العالم العربي. سوريا بكل تأكيد ليست مستبعدة عن ذلك، فروسيا ترى رابطاً قوياً بين ظهور هذه القوة وتصريح وزير الخارجية الأميركي الذي أشرنا إليه في السطور الأولى. يمكن تفهم أسباب الدعم الروسي لنظام الأسد على أسس المصالح فحسب لأن سوريا أهم حليف لموسكو في المنطقة العربية وأبرز شريك تجاري واقتصادي لها. وهناك لروسيا قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط تخطط لتطويره، وليس للتفريط به، خاصة أن الرئيس بوتين يسعى لتوسيع قدرات البحرية الروسية لأنه يعتبرها ركيزة أساسية في قواته المسلحة. كما أنه ليس هناك ضمانة بأن من يخلف الأسد سيبقي على المصالح الروسية دون مساس، فعلاقات فصائل المعارضة وثيقة مع الغرب ومع تركيا ومع دول الخليج، وهذا يفسر مستوى الانخراط الروسي في الساحة السورية ونوعيته. روسيا لم ترسل قوات في مهام قتالية خارج أراضيها منذ انسحابها من أفغانستان قبل ربع قرن ومن المستبعد أن تقوم بذلك في سوريا فهي مغامرة محفوفة بالمخاطر، إلا أنها ربما تزود النظام السوري بقدرات قتالية متطورة تعزز من رصيده ميدانياً، وبالتالي ترجح كفة قبول الرئيس الأسد كأحد اللاعبين في المرحلة الانتقالية لسوريا. الدخول الروسي لحلبة الصراع في سوريا لصالح نظام الرئيس الأسد قد لا يقود بالضرورة إلى تقوية هذا النظام، فالصراع الدولي في هذه المنطقة لن يحسم في نهاية المطاف لصالح السياسة الروسية لأن معادلات توازن القوى ليست في صالح بقاء نظام الرئيس السوري.. فالدخول الروسي على خط داعش ليس غير تعقيد للأزمة السورية. السياسة الروسية الخارجية تحمل إلى حد بعيد بصمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عمل جاهداً منذ رئاسته الأولى عام 2000 على استعادة مكانة روسيا الدولية وتجاوز مرحلة الانحطاط التي مرت بها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي. فهو يهدف إلى جعل روسيا وريثة للاتحاد السوفييتي السابق دولة عظمى ونداً للولايات المتحدة على المسرح السياسي الدولي على الرغم من التباين الكبير بين الدولتين في القدرات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية. فالرئيس بوتين يرفض أن يكون في خندق واحد مع الولايات المتحدة حتى في القضايا التي تهم الطرفين، ومنها محاربة التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تقلق روسيا أضعاف ما تقلق الولايات المتحدة.