بالطبع، يمكن لأي أحد أن يقول إن المنتخب السعودي الحالي لا يصل حد الطموح أو لا يرجى فيه أن يفعل شيئًا يذكر بماضيه ناصع البياض، فتقول له كيف إذن بالله عليك يمكن أن يصلح حاله، فيثور وينتفض لكنه لا يقول شيئًا، مع أنه كان يتكلم. المنتخبات الوطنية في كل الدنيا هم مجموعة مختارة من اللاعبين لهم قدرات وإمكانات متفاوتة، وبعضهم لا ترتقي إمكاناته إلى اللعب لمنتخب هذا صحيح، لكن كل هؤلاء تم اختيارهم من الجهاز الفني المتاحة له فرصة الاختيار كاملة دون شروط أو ضغوط، فلماذا يمكن أن نتصور أن غير ذلك هو ما حدث؟ ولنفترض أن مدربًا مثل الهولندي فان مارفيك اعتمد كليًا على اختيارات المدرب السابق للمنتخب فيصل البدين، فهل يمكن أن يكون البدين فضل في اختياراته الأسوأ أو الأقل كفاءة ولماذا؟ ثم ما نسبة الخطأ في قائمة المنتخب، وما نوع الاختلاف بين عنصر غاب وآخر حضر، هل يصنع فارق في القيمة الفنية أم هو اسم بدلاً عن آخر؟ هذه أسئلته مشروعة، لكنها جدلية، وهواجس طبيعية، لكنها قد تتحول إلى وساوس، إن صنع أي مجموعة عمل يعتمد على القيام بوظائف متنوعة تتكامل يتطلب عناصر نوعية يمكنها التنفيذ، ليس بالضرورة أنهم متساوون، لكن يمكنهم في النهاية إتمام المهمة على ضوء خطة العمل التي يراها القائد، لذا فهو بالتالي المعني بالاختيار، ليس على خلفية تقييم آخرين، بل وفق رؤيته. هناك فرق بين أن تختار قائمة من اللاعبين بحسب نجوميتهم وشعبيتهم أو الإعجاب بهم أو لدعمهم، وأن تكون مطالبًا بتشكيل فريق ينفذ أفكارك للقيام بعمل درست متطلباته واحتياجاته قياسًا على قراءة ما ستواجهه الفرق في الأولى أنك شكلت مجموعة هي الأفضل، وفي الثانية كانت الأنسب على الأقل في تقديريك وتحت مسؤوليتك، في الأولى يمكن أن تتفادى غضب واحتجاجات الجماهير، لكن دون أن تتمكن في النهاية من أن تسعدهم، أما في الثانية فقد تواجه احتجاجاتهم، لكنك في نهاية المطاف ستتحول إلى تصفيق، وهذا الأمر يحتاج إلى صبر وتحمل وعمل لا يتوقف. لا أعرف «سوبر ماركت». يمكن أن اختار منها ما شئت من اللاعبين كما أحب ويجب، ولا أعتقد أن متآمرًا يخبئ عناصر فذة عن أعيننا، ولم ترفض أندية أوروبية تسليمنا لاعبينا المحترفين في صفوفها، وأتصور أن الهولندي مارفيك سيتعرف أكثر على العناصر التي رأى أو سيراها فيما بعد أنها ستفيد المنتخب قبل مواجهة الإمارات في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل أو بعدها، ولا أظن أنه سيجد أكثر مما يملكه في القائمة، ودخول عنصر أو اثنين يعني أن الوضع هو ذاته، بل وتأكيدًا على أن هذه بضاعتنا وأن العبرة كيف نجعلها في أحسن حالاتها، وما دور كل منا في دفع الأمور في الاتجاه الصحيح أكثر. أفضل من وجهة نظري استمرار المنتخب على القائمة الحالية أطول فترة ممكنة، والعمل على صنع حالة تجانس وهوية فنية، هذا لن يحدث إلا بتعزيز الثقة، وهي لن تتعزز إلا بطمأنة العناصر أنهم يحظون بها من خلال منحهم الفرصة الكاملة في الاستجابة لما هو مطلوب منهم، هذا يتطلب الوقت الذي يحقق الاندماج والتناغم، نريد للاعب المنتخب أن يتهيأ لأداء عمل ممتد لا متقطع أو منقطع، نعم لسنا مع استمرار من لا يستطيع، لكن يجب أن يكون ذلك قرارًا فنيًا.. لو سألت مشجع نادٍ هل تقبل أن يكون في كل مباراة أو حتى موسم بفريق جديد يمثل ناديك لرفض، إذن فلماذا يكون ذلك مقبولاً في المنتخب؟