تابع المهتمون الجلسات التي عقدها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في دورته الجديدة وتم نقلها مباشرة على شاشة القناة الثقافية برعاية رائد الحوار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لم تتح لي متابعة الجلستين الأولييين وتابعت جلستي يوم الخميس الموافق 26 / 12 / 1434هـ وكان حوارهما متواصلا، حيث حفلتا بالأفكار والآراء الثرية المتنورة لعدد من المشاركين والمشاركات من ذوي الرأي والخبرة وأهل الفكر والدراية. علما بأن الحوارات قد ركزت على التساؤل المقدم من قبل إدارة الجلسات حول التصنيفات المنتشرة في الأوساط المجتمعية والخطاب الثقافي المعتدل وعن انزواء وتواري بعض من ينتمون إلى النخب الفكرية المعتدلة عن الساحة والمشهد الثقافي الوطني. فقد يكون للبعض منهم مبرراته وأعذاره منها على سبيل المثال حالة الإحباط واليأس من التفاعل والقبول عند الطرف الآخر أو أن مرد ذلك يكمن في محدودية تأثيرهم في الأوساط الرسمية والمجتمعية. أما مسألة التصنيفات ومسميات التفريق التي تطلق من قبل البعض فهي تعكس مدى الغلو في الخلافات والتوجهات، مؤكدا أنها إذا تعمقت أحدثت فجوة وشرخا في نسيج مجتمعنا الذي مكثنا زمنا نتجاهله ونردد أننا ننعم بمجتمع متماسك متجانس، يجد صعوبة بالغة من يظن أن بإمكانه اختراقه أو توجيهه لتحقيق غايته ومآربه المشبوهة. ولا يوجد أدنى شك أن الاختلاف والتباين في وجهات النظر على أرضية مشتركة هو ظاهرة صحية ولا يفسد للود قضية. والاعتدال والوسطية وإشاعة روح التسامح والانفتاح أمور مطلوبة بل إنها ضرورية في هذه المرحلة التي يعبر عنها بأنها بالغة الحساسية والدقة. فالانغلاق والتصلب وممارسة إلغاء الآخر مسألة مرفوضة تحتم علينا الظروف الراهنة أن نتجاوزها ونتحرر من الوقوع في شراكها وشباكها. ورب قائل كما سمعت من أحد الإخوة إنه يجب علينا أن ننأى وننكفئ على أنفسنا «ومالنا ومال وجع الراس» وضرب مثلا بدولتي ماليزيا وعمان وألا نتأثر أو نؤثر في محيطنا العربي والدولي، وهذا ليس صوابا، بل إن قدرنا ومسؤولياتنا نحو أشقائنا يستوجب منا القيام بدورنا وألا نحيد عن ذلك ولا نتخلى عنه مطلقا. نسير جادين نحو منهج إصلاحي حقيقي مبني على المواطنة السليمة والمساواة والعادلة والمشرفة متسحلين بمبدأ الشفافية والوضوح من غير تعال أو منة من أحد أو على أحد. ولو لم تكن من محاسن جلسات الحوار الوطني ومداخلات المشاركين فيه إلا بث إشاعة روح الحوار والمحاورة البناءة والمجادلة الحسنة لقلنا إن ذلك كاف، إنها بحق نقلة نوعية جيدة تحسب للقائمين على مركز الحوار الوطني إن فعلنا نتائجه وأخذنا بتوصياته للصالح العام. على أن ينتظم عقده بخطط وبرامج مستقبلية ودورية ثابتة واستشعار الخطر وليست كرد فعل أو حسب المستجدات. وبفضل الله إن مواطني هذه البلاد المقدسة الشرفاء ملتزمون بالمنهج والرسالة التي شرفهم الله عز وجل بأمانة حملها ونشرها. فهم القدوة لغيرهم من أمم الأرض تمسكا وطاعة لله سبحانه وتعالى ورسوله صل الله عليه وسلم وولي الأمر. عبدالله ناصر مصطفى