×
محافظة الرياض

بالصور.. “قطار الشمال” المزود بقاطرة للنوم يصل إلى الرياض ضمن رحلاته التجريبية

صورة الخبر

كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً، حين تحركت الحافلة التي خصصت لنقل وفد إعلامي بحريني من أحد فنادق مدينة غازي عنتاب في شرق تركيا، باتجاه أحد مخيمات اللاجئين السوريين في المنطقة الحدودية الفاصلة بين سورية وتركيا. كانت الحافلة تعبر طريقاً طويلا في مناطق جبلية اكتست غالبية مساحاتها باللون الأخضر، ومما زاد من جمال الطريق الإطلالة الرائعة لنهر الفرات... وبعد نحو 45 دقيقة من المسير استوقف الحافلة مجموعة من الجنود الأتراك للاستفسار عن وجهتنا، وبعد التدقيق في البيانات تم السماح لنا بالعبور، وهنا وصلنا إلى مقصدنا، مساحة محاطة بسياج رفيع تحاذي نهر الفرات، إنه مخيم للاجئين السوريين. وما إن نزلنا من الحافلة حتى استقبلنا مدير المخيم إبراهيم خليل دمير الذي دعانا لقاعة خصصت لاستقبال الضيوف، وتحدث للإعلاميين البحرينيين، قائلاً: افتتح هذا المخيم الذي يقع على مساحة 145 ألف متر مربع في 11 فبراير/ شباط 2013 لاستقبال ضيوفنا اللاجئين السوريين. وأشار دمير بيده إلى لوحة مثبتة في القاعة دونت عليها معلومات عن عدد اللاجئين في المخيم، وقال: حتى اليوم يوجد في المخيم 5002 لاجئ سوري من رجال ونساء وأطفال. وأضاف حالياً لا نستقبل المزيد من اللاجئين في هذا المخيم لأن طاقته الاستيعابية لا تتحمل المزيد، وبالتالي يتم تحويل اللاجئين الجدد إلى المخيمات الأخرى الموجودة في مدينة غازي عنتاب والبالغ عددها 5 مخيمات، وتضم ما مجموعه 50 ألف لاجئ سوري. ونفى أن تكون إدارة المخيم قد قبضت على أي من المنتمين لتنظيم الدولة الإسلامية داعش في داخل المخيم، وبين أنه يوجد في المخيم فريق من الأمن الخاص لحفظ الأمن الداخلي والأمن العسكري هو المسئول عن حفظ الأمن الخارجي للمخيم، كما تم تثبيت كاميرات في أطراف المخيم لحفظ النظام الداخلي والخارجي. كيف يعيش السوريون في المخيمات؟ بادرنا مدير المخيم بالسؤال كيف يعيش السوريون في هذه المخيمات؟، من أين يأكلون؟، كيف يمارسون حياتهم؟، وهنا أجاب نحرص على توفير مختلف الخدمات التي يحتاجها الإخوة السوريون خلال إقامتهم في المخيم، وبخصوص نظام الأكل، توفر إدارة المخيم بطاقات تموينية لكل سوري مقيم في المخيم تتضمن 85 ليرة تركية شهرياً، من أجل إتاحة الفرصة لهم لشراء احتياجاتهم من السوبرماركت الموجود داخل المخيم. وهل يسمح للاجئين السوريين بالخروج إلى المدينة؟، أجاب مدير المخيم نعتمد في المخيم على نظام البصمة لطلبات الخروج من المخيم ليوم واحد لإنهاء أية معاملات أو أعمال خاصة بهم، كما نتيح للاجئين السوريين فرصة الخروج في إجازة لا تتجاوز مدتها 10 أيام. وبخصوص الخدمات التعليمية المتوافرة في المخيم، ذكر مدير المخيم أن المخيم يضم قسما خاصاً بالروضة، إلى جانب أقسام خاصة بالمراحل الدراسية الإبتدائية والإعدادية والثانوية، وتقام في المخيم دورات في اللغة التركية ودورة في تصنيع الكرتون ودورة في الحلاقة. أما عن الخدمات الدينية، أوضح أن المخيم يتضمن جامعاً واحداً ومدرستين لتعليم أصول الدين الإسلامي، إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم وحلقات لتحفيظ الأحاديث الشريفة وحلقات للأناشيد الدينية ودروس عامة للإرشاد والتوجيه. وأضاف نقدم في المخيم خدمات عامة تتمثل في توفير مدينة ألعاب صغيرة للأطفال، ومركزاً لغسيل الملابس ومركزاً للحلاقة الرجالية والنسائية ومركزاً لتعليم فن التطريز ومركزاً لصناعة السجاد. وتابع علاوة على ذلك يقدم المخيم خدمات تراثية واجتماعية للاجئين السوريين، تتمثل في دورة ومعرض للرسم، إذ يوجد في المخيم مرسم واحد ومعرض لعرض اللوحات والرسوم وبإمكان إخوتنا السوريين الرسم وعرض لوحاتهم في المعرض، كما تنظم دورة لتعليم الحاسوب يتم من خلالها تعليم الأطفال السوريين على برامج الحاسوب المختلفة، كما توجد دورة لتعليم تصنيع لوحات الفسيفساء، كما تقام دورات لتعليم اللغات التركية والشركسية والانجليزية، وأقيمت في المخيمات 3 حفلات ترفيهية لإخوتنا السوريين حتى يتخلصوا من الضغوطات النفسية والخوف الذي مروا به خلال الحرب السورية. وفي سؤال عن الإجراءات المتبعة في حال وفاة أحد اللاجئين السوريين في المخيم، ذكر مدير المخيم فيما يخص دفان الأموات من السوريين، فهناك خياران وفقاً لعائلة المتوفى أو بناء على ما أوصى به المتوفى قبل وفاته، والخيار الأول أن يدفن المتوفى في تركيا في منطقة قريبة من المخيم، والخيار الثاني أن ينقل جثمان المتوفى إلى أقرب منفذ حدودي مع سورية لاستلامه من قبل أقاربه وتولي مهمة دفنه في سورية. زيجات سورية رغم الألم وعلى رغم ألم الغربة، إلا أن اللاجئين السوريين يحرصون بقدر الإمكان أن يمضوا في حياتهم، إذ يشهد المخيم بشكل شبه أسبوعي حفلات زواج، كان آخرها قبل ليلة من زيارتنا للمخيم. وذكر مدير المخيم نقدم في مخيمنا للشباب والشابات الذين يريدون الزواج تسهيلات كسيارة العروس وصالة للأفراح وهدايا للعروسين. 100 مريض يترددون على مستشفى المخيم يومياً وبعد الحديث مع مدير المخيم، بدأنا الجولة في أرجاء المخيم، وكانت المحطة الأولى زيارة المستشفى الموجود هناك، إذ التقانا الطبيب المسئول في المستشفى خليل فلقان الذي ذكر أن المستشفى يستقبل يومياً نحو 100 مريض، غالبية المراجعين تتعلق مراجعتهم بالولادة وأمراض الأطفال. وقال: أقيم هذا المستشفى لتقديم العلاج والوقاية من الأمراض وتقديم اللقاح للأطفال وإسعاف الحالات الطارئة، وفي حال عدم استيعاب المستشفى للمرضى يتم تحويلهم إلى مستشفيات أخرى في مدينة غازي عنتاب. نسرين القادمة من حلب... لم تترك مهنة التعليم نسرين نداف... سورية اضطرتها الحرب للنزوح من منزلها في مدينة حلب واللجوء إلى المخيم في غازي عنتاب، كانت تجلس برفقة مجموعة من السوريات في أحد فصول تعليم اللغة التركية، قالت: بسبب شدة الحرب قررت مع زوجي ترك منزلنا في حلب ومغادرة بلادنا بحثاً عن الأمان. وأضافت كنت أعمل في مجال التعليم، ومع وصولي للمخيم حرصت على أن استمر في ممارسة هذا العمل، لخدمة أبناء وطني، ففي الصباح التحقت بدورة لتعليم اللغة التركية ومدتها شهرين، ومن بعد الظهر أعمل على تعليم الأطفال في الروضة. ورغم أنها وصفت الوضع في المخيم بالممتاز، إلا أنها لم تخفِ رغبتها الكبيرة في العودة إلى منزلها في سورية اليوم قبل الغد، وأضافت أدعو الله أن يمنحني العمر لأعود لأعانق تراب بلدي. وعلى أحد المقاعد في القاعة المخصصة لتعليم اللغة التركية تجلس سيدة سورية وعلى جانبها وضعت طفلها ابن الأشهر على كرسي خاص بالأطفال، حرصاً منها على أن تكتسب ما تستطيع أن تكتسبه من مهارات خلال فترة تواجدها في المخيم، على حد قولها. أطفال الروضة: نحلم بالعودة إلى سورية وفي القسم الخاص بالروضة، كانت مجموعة من الأطفال يجلسون على طاولة مستديرة، وما إن دخلنا عليهم حتى بدأوا في إنشاد الأغاني الوطنية السورية، وتحدثوا جميعاً عن أمنيتهم بالعودة إلى سورية، فيما ذكر بعضهم أن منازلهم تهدمت جراء الحرب، غير أنهم يحلمون بالعودة إلى سورية للعيش فيها. ووفقاً لمسئولي المخيم، فإن قسم الروضة يضم 250 طفلاً سوريا من الأولاد والبنات. سيدة سورية: عمري 79 عاما... تعبت وأريد العودة لمنزلي الكثير من السوريين من رجال ونساء ممن التقينا بهم تحاشوا الحديث باسمائهم، والكثيرون رفضوا تصويرهم، ولم نعلم سبب ذلك... وفي إحدى قاعات المخيم التي خصصت لعمل النساء في مجال الخياطة لكسب الرزق، أشارت لنا سيدة سورية بعدم تصوير النساء وهن يعملن، وقالت: لا تصورونا... تعبنا... نريد العودة لبيوتنا ولبلدنا. وأضافت بحرقة عمري 70 سنة، والله اني تعبت، هل أنا مجبورة بالعمل في مجال الخياطة، ولكن للأسف مبلغ التمويل الذي يمنح لنا لا يكفي ولذلك أعمل لإعانة عائلتي. أحمد حمو... يعمل على إصلاح المصاحف في المخيم وخلال الجولة في المخيم، استوقفنا رجل سوري طاعن في السن يمشي متكئاً على عصا، وبعد تبادل التحية، عرف بنفسه قائلاً: أنا أحمد حمو من حلب السورية أبلغ من العمر 80 عاماً، أعمل على إصلاح مصاحف القرآن الكريم. وكم تتقاضى من وراء ذلك؟، نفى أن يكون يتقاضى أي مبلغ، وقال: لا أستلم فلوس، أقوم بذلك لوجه الله. وأضاف أمنية حياتي أن أعود إلى سورية لأعيش ما تبقى لي من عمري. 4 سوريين حفظوا القرآن الكريم خلال تواجدهم بالمخيم ومع اقترابنا من الجامع الموجود في المخيم، التقانا سوري يتنقل على كرسي متحرك والابتسامة تعلو محياه، بادرنا التحية وقال: أنا ديبو محمد المشرف على الجامع الموجود في المخيم. طلبنا منه إعلامنا عن الفعاليات التي يحتضنها الجامع، فقال: لدينا 600 طالب و350 طالبة، تبدأ الدورات معهم بتعليم اللغة العربية الصحيحة، إلى أن ننتهي معهم بختم القرآن الكريم، وقد استطاع الجامع تخريج 4 حفاظ للقرآن الكريم من الذكور، كما تقام دورات لقرآة القرآن الكريم للكبار من الرجال والنساء. مشاهد لا تنسى من الوجع السوري قد تعجز الكلمات عن وصف حقيقة ما يعانيه السوريون خارج حدود بلدهم، بعضٌ ممن التقيناهم في المخيم تحدثوا بالنزر البسيط عن معاناتهم وبعضهم اعتذر اسمحوا لي لا أود الحديث، مشاهد مؤلمة حقاً يضمها مخيم اللاجئين... بعضها لطاعنين في السن يجلسون على مداخل المساحات المخصصة لهم في المخيم وهم ينظرون إلى السماء بألم ويحملون في داخلهم علامة استفهام كبيرة متى أعود إليك يا وطني؟. ومن تلك المشاهد المؤلمة صوت امرأة سورية طاعنة في السن خرجت مسرعة لتروي معاناتها، تقول: انظروا إلى ولدي الذي يجلس هنا في الطريق، هو يضطر لذلك يومياً لأن المساحة المخصصة لنا لا تكفي، ففي الداخل توجد شقيقاته وأزواج إخوته، فأين يذهب ابني؟. أما الأطفال فهم قصة أخرى في المخيم، فما إن رأونا حتى بدأ الكثير منهم باللحاق بنا، حتى إن بعضهم بدأ بالحديث بشكل عفوي من دون أن نسأله أريد أن أرجع إلى سورية، فيما قالت طفلة أخرى بيتنا انهدم بسبب القصف، لكنا بدنا نرجع. قد يكون المخيم ممتازاً من ناحية ما يوفره من خدمات للاجئين، إلا أن الحنين للعودة إلى سورية يبقى هو الشغل الشاغل لهم جميعاً، وعلى رغم أن المسافة التي تفصلهم عن أرضهم (سورية) لا تتجاوز 30 كيلومتراً إلا أنهم يشعرون بأنها مسافات طويلة في ظل ما تعيشه سورية من صراع.