تضمن تقرير النتائج التفصيلية للتعداد العام للسكان والمساكن الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات الذي نشر في صحيفة «الرياض» يوم الأحد الماضي، بيانات مهمة تتعلق بنسبة تملك المسكن للأسر السعودية في المملكة، وكان من أبرز ما لاحظته على التقرير هو انخفاض نسبة تملك المسكن في كلٍ من مدينة الرياض (48%)، وجدة (42%)، والدمام (42%)، وهذا يعود بطبيعة الحال للتركز السكاني والخدمي وتوفر الفرص الاقتصادية والتوظيف في تلك المدن بينما نجد أن نسبة تملك الأسر لمساكنها ترتفع في حال صغر حجم المدينة وقل عدد سكانها. وعليه فإن انعكاسات الأرقام التي حواها التقرير يجب أن تظهر جلياً في خطط وزارة الإسكان لمعالجة قضية توفير السكن، فرفع نسبة التملك للأسر في الرياض وجدة والدمام وضخ مخططات سكنية وزيادة المعروض السكني من الأراضي والوحدات من شأنه القضاء على جزء كبير من المشكلة الإسكانية في المملكة. ومن جانب آخر فإن انعكاسات هذه النسب والأرقام يجب أن تتنبه لها جهات أخرى معنية بالتنمية والتطوير والتخطيط للمدن كوزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الاقتصاد والتخطيط، إذ ينبغي العمل على دعم تحويل التنمية نحو المدن الثانوية وتخفيف الضغط التنموي على المدن الكبرى التي لم تعد تعاني من مشكلة الإسكان فقط بل تعدى الأمر ذلك فأصبح هناك أزمة زحام وتكدس سكاني، وأزمة غلاء أسعار، وأزمة ضغط على الخدمات والمرافق، وعلاوةً على ذلك لن تستطيع برامج الإسكان الحكومية تلبية احتياجات تلك المدن الكبرى وستظل أزمة السكن قائمة فيها طالما أن معدل النمو السكاني في تلك المدن ينمو ويتزايد بشكلٍ متسارع، أو مواكبة ذلك النمو السكاني بما يناسبه من عدد الوحدات اللازمة وهذا يصعب تنفيذه بالنظر إلى قلة توفر الأراضي الحكومية في المدن الكبرى. أيضاً من انعكاسات تلك الأرقام يتضح مدى فاعلية توفير المنح البلدية السكنية في القرى والمدن الصغيرة فقد ساهمت بطبيعة الحال في زيادة نسبة تملك المسكن كون البلديات هي التي تقوم بتخطيط وتطوير المخططات السكنية في القرى والمدن الصغيرة ومن ثم تقوم بتوزيعها على المواطنين، بينما اخفقت المنح البلدية في تحقيق النجاح ذاته على مستوى المدن الكبرى بحكم زيادة طلبات المنح فيها. ومن ذلك كله، نتطلع إلى أن تؤخذ الأرقام والبيانات التي تضمنها التقرير بعين الاعتبار وأن تنعكس إيجاباً في خطط وبرامج ومشروعات الجهات التي تخطط للتنمية للعمل على توجيه التنمية نحو المدن الثانوية وتخفيف الضغط التنموي على المدن الكبرى ليساعد ذلك في تيسير وتمكين المسكن للمواطنين. * متخصص في التخطيط العمراني