×
محافظة مكة المكرمة

استقبل قادة وحدات الحرس الوطني بالطائف وأمراء الأفواج .. الأمير متعب يضع حجر الأساس لمستشفى الملك سلمان التخصصي

صورة الخبر

على الرغم من قضائنا ما يقرب من ثلث أعمارنا نائمين، إلا أن أغلبنا لا يعرفون الكثير عن النوم، ويسود اعتقاد بأن وظائف الجسم الجسدية والعقلية تمر بحالة من الخمول أثناء النوم، بيد أن الواقع المثبت علمياً خلاف ذلك تماماً، إذ تحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة، وليس كما يعتقد البعض، وتصبح بعض الوظائف أكثر نشاطاً خلال النوم، كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفي بمجرد الاستيقاظ. النوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة وإنما حالة خاصة يمر بها الإنسان، تشهد أنشطة عديدة، وعندما يكون الإنسان مستيقظاً يتولد في المخ نشاط كهربائي، وعند الدخول في النوم، يبدأ هذا النشاط في التغير، ويمر النائم بعدة مراحل لكل منها دورها وشكلها، فهل يتعلم النائم أيضاً كما يحلم؟ لا تزال فكرة التعلم خلال النوم جدلية، وفي 1951 قرر باحثان في جامعة جورج واشنطن اكتشاف حقيقة الأمر، وفي تجربة لهما، أشركا 30 متطوعاً ووضعا أجهزة تسجيل ومكبرات صوت في حجرات نومهم، وشغلا قطعاً موسيقية أو مفردات صينية ومرادفاتها بالإنجليزية لمدة نصف ساعة أثناء نوم المشاركين. في الصباح التالي، وجد الباحثان أن أداء من استمع إلى المفردات كان أفضل عندما خضعوا لاختبار اللغة الصينية، واستنتج الباحثان أنه يمكن التعلم أثناء النوم، وزعم فريق من الباحثين تمكنه من تعليم شفرة مورس لمجموعة من الطلاب النائمين، كما توصلت مجموعة ثالثة إلى أن أطفالاً توقفوا عن قضم أظافرهم بمجرد الاستماع إلى الجملة مذاق أظافر يدي سيئ لست مرات في الليلة على مدار 54 ليلة. ولم يمض وقت طويل حتى لاقت هذه النتائج انتقادات لاذعة، حيث قال منتقدوها إنه لم تفرض رقابة على المشاركين، ومن ثم لم يكن هناك دليل على أنهم كانوا بالفعل نياماً عند تشغيل الصوت، لذا أجرى الباحثون مزيداً من الدراسات في 1955، لقياس نشاط الدماغ باستخدام جهاز تخطيط كهربية الدماغ EEG للتأكد من أن الأصوات تم تشغيلها بالفعل فقط أثناء نوم المشاركين، ولم يكتشف أنهم تعلموا بالفعل، ما أطاح بكل المزاعم السابقة، وحصر التعلم أثناء النوم في أفلام الخيال العلمي فقط، وبعد نصف قرن، ظهر الموضوع في الأفق مرة أخرى بعد تجارب جديدة كشفت أن المخ يمكنه اكتساب معلومات جديدة أثناء النوم، لكن في ظل توفر الظروف المناسبة. وزادت معرفة العلماء هذه الأيام حول ما يحدث داخل الدماغ أثناء النوم، بعد أن كان الناس يجهلون ذلك حتى عقد مضى، بحسب سيد قويدر، عالم الأعصاب في مدرسة المعلمين العليا في باريس، وباستخدام جهاز تخطيط كهربية الدماغ، اكتشف الباحثون أن نشاط المخ لا يتوقف أثناء النوم، وتبقى أجزاء منه نشطة حتى في غياب الوعي، ويبدو أن المخ النائم يراجع ويخزن الذكريات ويعيد تشغيلها في النهار ليحتفظ بالمهم منها، واكتشاف أن تماسك المعلومات يحدث أثناء النوم جعل البعض يتساءلون هل في الإمكان التحكم في هذه العملية. في 2007، درس الفكرة عالم الأعصاب جان بورن وزملاؤه في جامعة لوبيك الألمانية، فدعوا 18 متطوعاً للمشاركة في تجربة قبيل الذهاب إلى الفراش، وتم تعليم كل منهم مواقع 15 زوجاً من البطاقات على شاشة حاسب أثناء شم رائحة الورد، وأثناء النوم، تعرض هؤلاء للرائحة وتوقع بورن أن ذلك من شأنه تحفيز ذكريات ما سبق تعلمه. واختار الباحثون الرائحة لتحفيز الذكريات كونها لا تثيرنا أثناء النوم ولأنها ترتبط ارتباطاً قوياً بالذكريات، وفي حقيقة الأمر، فمناطق الدماغ التي تتعامل مع الروائح ترتبط مباشرة بمنطقة الحصين في الدماغ التي تلعب دوراً رئيساً في صنع الذكريات، ولتأكيد الفكرة، استطاع المشاركون تذكر مواقع مزيد من أزواج البطاقات بعد تعرضهم للرائحة. ورغب عالم الأعصاب كين بالر من برنامج علم الأعصاب في جامعة نورثويسترن في إلينوي في اكتشاف ما إذا كان الصوت يفضي إلى النتائج ذاتها التي أثارتها الروائح، فوجد أنه يحدث نفس الأثر، وبعد هذه التجارب، بات واضحاً أنه يمكن تأثر الذكريات بمؤثرات خارجية أثناء النوم، وفي 2011، توصل باحثون في مختبر بورن إلى كشف جديد، إذ وجدوا أن أداء المتطوعين الذين تمكنوا من تعلم مجموعة من المفردات كان أفضل عندما اعتقدوا بأنهم سوف يخضعون لاختبار في اليوم التالي، مقارنة بمن لم يعرفوا بخضوعهم لاختبارات أو بمن أخبروا بها لكن لم يناموا، ودلل ذلك على أن مجرد توقع أهمية الذاكرة مستقبلاً يكفي لتنشيط العقل النائم وتحفيزه وتعزيزه للذاكرة. وبحسب العلماء، فليس التعلم فقط ما يحدث أثناء النوم، فوجود مؤثرات صوتية يمكن أن يمنع النائم من تعلم معتقدات راسخة مثل سوء أداء السيدات في المجال العلمي، كما أشار كين بالر. ونجحت، تزامناً مع ذلك، كاثرينا هونر من جامعة نورثويسترن، في محو ذكريات سيئة لأشخاص أثناء نومهم، وأظهرت صور وجوه المشاركين أثناء تعريضهم لصدمة كهربية معتدلة ولرائحة النعناع والليمون أو الصبار، فعندما علموا الربط بين بعض الوجوه والألم، نام المشاركون أثناء تعريضهم للروائح فقط من دون صدمة كهربية، وأثار ذلك القلق في البداية، بدليل العرق الذي تصبب منهم، بيد أن الخوف تلاشى تدريجياً، وعندما استيقظوا قل قلقهم استجابة للصور، فالمتطوعون الذين مروا بالمراحل ذاتها لكن من دون نوم لم يتخلصوا من مخاوفهم. وبعد التوصل إلى قدرة المخ على تعلم أشياء بسيطة أثناء النوم، يعكف الباحثون حالياً على التوصل إلى الأكثر تعقيداً، متمثلاً في الإجابة عن السؤال: هل يمكن للعقل النائم تعلم أشياء حرفية أو لفظية، ويدرك العلماء أن الجزء من المخ الذي يعالج المعلومات السمعية نشط أثناء النوم ويستجيب بشكل تفضيلي للمعلومات ذات المعنى، فالنائم يستيقظ مثلاً إذا نودي اسمه أو عندما يسمع كلمة حريق، ولا يستيقظ إذا سمع اسم شخص آخر أو نداء غير ذي معنى. وبوضع ذلك في الاعتبار، سعى قويدر لاكتشاف ما إذا كانت للمخ القدرة على معالجة المعلومات اللفظية أثناء النوم، فتوصل إلى أن المخ النائم لا ينتقي ويستخلص المعلومات السمعية من البيئة المحيطة فقط، بل أيضاً يجهز استجابة مناسبة ويتخذ قراراً مناسباً، ويقول قويدر إن أهم ما توصل إليه أن المخ يستمر في العمل في معالجة مهمة بعينها بدأ التعامل معها قبل النوم، ويؤشر ذلك إلى أن أي مهمة تعمل آلياً مثل تصنيف المفردات، يمكن أن تستمر بعد النوم، كما تدلل على أن المخ يعالج المعلومات الجديدة حتى أثناء النوم، ومن ثم، إذا تمكنا من تصور آلية الطرق الصحيحة لتوصيل هذه المعلومات، إما عن طريق الصوت، أو الرائحة، فسوف نعد العقل النائم للتعلم، إلا أنه لا يزال الوقت مبكراً أمام أبحاث كهذه، كما يقر المتحمسون لها بضرورة توخي الحذر عند التعامل معها، بحسب سوزان ديكلمان من جامعة توبينجين في ألمانيا والتي كانت تعمل سابقاً في مختبر بورن، وتضيف: السبب أن النوم احتياج وليس اختياراً، ومن دونه، يصاب الإنسان بالاكتئاب والنسيان، بل ويصبح معرضاً للإصابة بالسكتة الدماغية وبالأزمات القلبية، وتصاعد احتمالية الموت المبكر. ويعتقد باحثون في إمكانية اكتشاف أساليب أو تقنيات لتحفيز التعلم أثناء النوم. يقول سايمون روتش، الذي يدرس النوم والذاكرة في جامعة برن في سويسرا إذا كان لابد من تعلم شيء ما، فمن الأفضل قضاء وقت أطول في دراسته وتعلمه ثم النوم لتعزيز عملية التعلم. وتشعر ديكلمان بمزيد من التفاؤل، فتعتقد أنه في المستقبل، ربما يساعد التعلم أثناء النوم في تحسين المهارات الموسيقية واللغوية، أو حتى الرياضية، بل ربما نستطيع يوماً ما استخدام النوم للتخلي عن بعض الأفكار البالية المترسخة في الدماغ، ومن ثم تغيير العادات السيئة مثل التدخين، كما من الممكن استخدام النوم لتعليم الربط الإيجابي بين الأشياء، مثل المشاعر الإيجابية تجاه بعض أنواع الأطعمة، ويحاول بالر ورفاقه حالياً تعزيز الذكريات المتعلقة بالمفردات اللغوية أثناء النوم باستخدام مؤثرات سمعية.