×
محافظة حائل

عام / حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء

صورة الخبر

تأنيب الضمير هو سبب امتناع غالب الناس عن المحرمات والممنوعات حتى مع القدرة عليها والحصانة من نيل عقاب دنيوي، ولهذا طورت نفوس البشر غير الواعية آليات لمخادعة الضمير لكي لا يشعروا بتأنيبه، وعلى سبيل المثال حسب العلماء الذين درسوا الحروب الأهلية والدولية وعمليات الإبادة، فالمرحلة الأولى فيها دائما هي؛ تجريد الطرف المستهدف من صفته الإنسانية وبالذات عند الحديث عن موته كما يقول العرب حاليا عند موت أحد من الطرف الذي يعتبرونه عدوا «نفق» أو «فطس» وما شابه من المصطلحات التي تجرد الشخص حتى في موته من صفته الإنسانية وتجعله لا يزيد عن حيوان، ولذا أول خطوة لإيقاف الحروب هو أنسنة الطرف الآخر وإظهار معاناة أهله من مقتله، ومثال آخر القول إن المرأة المحرومة من الحقوق المتساوية العادلة هي ملكة لأن توصيف حالها بموضوعية سيؤدي لتأنيب الضمير لدى من هو جزء من هذه المشكلة، وكما تقول الحكمة «من ليس جزءا من الحل فهو جزء من المشكلة»، وبالمثل أيضا الصور الشاعرية التي يتم تبادلها عبر وسائط التواصل الاجتماعي وتتداول بالإنترنت على نطاق واسع لفقراء كادحين مقطعي الملابس ونحيلين لكنهم يضحكون كأي شخص تصوره الكاميرا وفي وضع يضحك فيه بغير سعادة، فهناك ابتسامة الإحراج والخجل والمجاملة وغيرها، ويتم إرفاقها بمقولات طوباوية يعبر فيها كاتبها عن حسده لهؤلاء الفقراء السعيدين الذين يعيشون في جنة الفقر، ويندب حظه السيئ لأنه محروم من سعادة الفقراء ويتغنى بسعادة الفقراء، فهل يا ترى الفقراء سعداء؟ حاول أن تسأل أي فقير إن كان سعيدا وخلال لحظات ستجد عينيه تفيض بدمع حزن عميق وسيعدد لك مآسي حياته مع كثرة الأمراض التي تكثر في الفقراء بشكل زائد عن غيرهم لأن بيئة معيشتهم تكون غير صحية وطعامهم غير صحي لأن الطعام الأرخص هو وللأسف الطعام غير الصحي، وستجدهم يشتكون لك أنه منذ فترة طويلة لم يأكلوا لحما ولا يملكون تكلفة تعليم أبنائهم الذين ضاع مستقبلهم لأجل هذا السبب وأن «عشتهم» متهالكة وتنقصها الأساسيات كالمكيف بالصيف وتدخل عليهم الأفاعي والجرذان، وأنهم يتقطعون على أحبتهم الذين لا يملكون ثمن علاجهم وقد أذلوا أنفسهم بحثا عن قرض وواسطة للعلاج وعليهم ديون متراكمة تهددهم بالسجن أو بالطرد من مسكنهم، وأنهم لا يمكنهم تفريح أطفالهم باللباس والهدايا بالعيد، هذه حقيقية حياة الفقراء، لكن بعض الأغنياء يخادعون ضمائرهم بأن الفقراء يعيشون سعادة طوباوية لكي لا تأنبهم وتضطرهم بذلك لمساعدتهم.