×
محافظة نجران

3 مراكز انتخابية جديدة في نجران

صورة الخبر

يعاني المسرح السعودي من إشكالات عدة، مادياً ولوجستياً وثقافياً، تنبع أساساً من عدم الاعتراف به وسيلةً لتربية وتهذيب الذوق وترقيق الشعور وتنمية الوعي والإدراك، ورغم أن المملكة في سنوات مضت أبدت اهتماماً بالمسرح وجعلته أحد الأنشطة التربوية المهمة في التعليم العام والجامعات، إيماناً بقيمته وأهميته في ميدان التربية، إلا أن هذا الاهتمام انحسر في الفترة الأخيرة وتُرك أطفالنا نُهبة للتقنية تنهش وعيهم من كل اتجاه دون أن يجدوا فرصة لامتلاك الوعي النقدي الذي كان يوفره لهم النشاط المسرحي في المدارس سابقاً. عن هذه المحاور تحدثنا مع الفنان عبدالإله السناني الذي يعتبر ابن المسرح وأحد نجوم مسرح جامعة الملك سعود في الثمانينيات: * للمسرح المدرسي أهمية في تربية النشء وتنمية مداركهم، وكان من أهم الأنشطة في المدارس في الثمانينيات لكنه أصبح نشاطاً هامشياً في الفترة الحالية وفقد الاهتمام به من قبل المؤسسة التعليمية.. ما سبب ذلك وما تأثيره؟. - صحيح المسرح المدرسي أو "التربوي" مهم جداً وعادة يبدأ من الصفوف الأولية من التمهيدي والروضة وصولاً إلى المراحل المتقدمة، ويكون بتعويد التلميذ على قبول الطرف الآخر واكتساب الجرأة في الإلقاء والبعد عن الخجل ويساعد على سرعة الانطلاق في الكلام وهو وسيلة من وسائل التعليم، وإذا أردت أن تنشئ مسرحاً تربوياً مدرسياً فيجب أن يتصدى له أشخاص متخصصون مثل ما فعلت مصر حيث يتولى هذا النشاط خريجو المعاهد الفنية من أقسام المسرح والسينما، وهذا برأيي ما ينقص المسرح المدرسي عندنا حيث لا يوجد شخص متخصص وصاحب دراية وخبرة في المجال المسرحي، وأصبح وجود المسرح المدرسي معتمداً على وقفات بعض معلمي المواد الدراسية بأن يكلفوا بالنشاط المسرحي دون أن يكونوا متخصصين فيه، ونستثني بعض المدارس الخاصة أو الأهلية التي نجدها تهتم بشكل أكبر بهذا النشاط وتحضر له معلماً مسرحياً متخصصاً لإنتاج حفل مسرحي متكامل الأدوات. لكن التعليم الرسمي هو الأهم في هذا السياق ونتمنى أن يعود الاهتمام كما كان في السابق.. قبل سنوات كان هذا النشاط يحظى باهتمام كبير وكانت تجرى مسابقات بين المدارس على مستوى المنطقة التعليمية لتقديم أفضل مسرحية وتمنح الجوائز للفائزين برعاية أكبر مسؤول في وزارة المعارف آنذاك أو أمير المنطقة. * وماذا عن المسرح الجامعي وأنت ممن تخرجوا فيه.. لماذا غاب عن المشهد تماماً؟ - في وقتنا والجيل الذي سبقنا ازدهر المسرح الجامعي بأعمال مسرحية لا تنسى وتضاف إلى تاريخ المسرح السعودي، فعلى سبيل المثال كان مدير الجامعة الملك سعود تحديداً آنذاك مؤمناً بالعمل المسرحي وأهميته وبدوره الموازي للتعليم الجامعي فقام بجلب الخبرات المسرحية من الدول العربية مثل مصر وتونس كمخرجين وأساتذة مسرح، وكان جيل الفنانين د. بكر الشدي "رحمه الله" والفنان راشد الشمراني ومن معهم، ثم أتى جيلنا أنا وناصر القصبي، وكان المسرح حينها عبارة عن مكتبة متنوعة وثقافة تشمل أطياف المسرح العالمي فقدمنا المسرح الياباني والإنجليزي واليوناني والفرنسي وكان مهماً ومفيداً لنا، ومع ذلك فلم يستمر المسرح الجامعي واختفى (بل قل اختطف من قبل فئة معينة) ولم يستمر ذلك إلا فترة وجيزة بحمد الله حيث بدأ يعود الآن وألمس فيه انتعاشاً جميلاً حيث شاهدت عدة مسرحيات ممتازة على مسرح جامعة الملك سعود وأيضاً مسرح جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأهنئ القائمين عليهما لما رأيته من أعمال أنتجت بشكل جميل ومتكامل مسرحياً. وعندما نقول مسرح جامعي فليس المطلوب منه أن ينتج لنا فنانين محترفين بل نريده أن يرتقي بالذوق الفني ويمنح الطلاب القدرة على الإلقاء وهذا من الأدوار التربوية الكبيرة للمسرح والتي منها تنمية الفكر وتطوير الذات عند الفرد سواء في علاقاته الاجتماعية أو في تفاعله المثمر مع محيطه، أما من يمتهنون العمل المسرحي فهذا النشاط يفيدهم بشكل خاص ويمنحهم الزاد المعرفي والفكري الذي يساعدهم في مشوارهم. وما يهم هنا هو التأكيد أن النشاط المسرحي ليس ترفاً بل هو حاجة وللعلم فإن الجامعات في دول العالم الأول تحسب النشاط المسرحي كساعات حرة للطالب ما عدا في جامعتنا العربية والسعودية خاصة التي تمنح النشاط الرياضي أهمية ومساحة أكبر من المسرح. * لو دعيت للعمل في المسرح الجامعي بوضعه الحالي.. هل تلبي الدعوة؟ -نعم ولن أتردد في أي عمل يسند لي بل سأرحب بذلك ويسعدني، وقد شاركت العام الماضي ضمن لجنة تحكيم "مهرجان المسرح الخليجي" كما شاركت قبل ذلك ضمن مجموعة من الخريجين في مسرحية "المبتعثون" كعمل مسرحي خارج أسوار الجامعة. * وماذا عن مسرح "العيد" كيف تراه ولماذا أنت غائب عنه؟ - ابتعادي لعدم وجود نص مناسب يرضيني، وأنا أرى أن ما يقدم في مسرحيات العيد ليس إلا مسرح ترفيهي أكثر من أن يكون عملا مسرحيا حقيقيا متكامل الأدوات، وأشكر أمانة الرياض على تقديم وتبني المسرح الترفيهي، وأتمنى أن تعمم على جميع مناطق المملكة لما فيه من فائدة وتسلية للأسرة وإكمال لفرحة العيد. * لكن المسرح الجاد الذي تتمناه يعاني ولا يجد من يرعاه.. هل هناك جهات ترى أنها مسؤولة عن رعايته غير وزارة الثقافة؟ - نعم هناك جهات كثيرة يدخل المسرح في صلب اختصاصها، منها الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي أتمنى أن تحفز الأندية الرياضية بالاهتمام بالنشاط المسرحي داخل أروقتها أسوة بالنشاط الرياضي، فإذا كان دورها بناء الأجسام الرياضية الجيدة أيضاً يجب أن تساعد على بناء عقل وفكر جيدين يوازيان القوة العضلية، وتنمية النشاط الاجتماعي والتطوعي حتى يكون هناك تكامل بين العقل السليم والجسم السليم. * وما رأيك في وجود المسرح التجاري بشباك التذاكر.. هل هو ضروري الآن؟ - لدينا نموذجان وهما المسرح التجاري الخالص كما يقدم في موسم الأعياد في دولة الكويت الشقيقة، والنموذج الآخر مهرجان المسرح الذي يقدم على مدار السنة كما يحدث في الشارقة والتي أسميها "مدينة المسرح" وهي تقدم أعمالاً مسرحية من جميع الدول العربية للتعريف بالحركة المسرحية في عالمنا العربي الشاسع ومسرح تحضره الأسرة دون تردد ويقدم تراثاً وعادات وقضايا دولنا العربية كافة وكل ما يتمناه المشاهد، وأنا أميل إلى هذا الاتجاه أي مسرح الشارقة وما يقدم فيه من أعمال ترتقي بالذوق وتعود بالفائدة على المشاهد، وأتمنى أن يكون هذا النوع موجوداً في بلدي ويأخذ نفس الإطار لما يقدمه من لغة مسرحية راقية عن تاريخنا وشعرنا وثقافتنا وعن قضايانا الحالية بلغة مسرحية راقية متفوقة بعيداً عن الإسفاف والارتجالية المقيتة وعن التهريج المستخف بعقول الحاضرين ولا يمنع أن يكون بشكل تجاري وبمبيعات تذاكر، وهذا بالطبع لا يأتي بين يوم وليلة بل بعد دارسات متأنية وبهيئات استشارية متخصصة في مجال المسرح كما يجب أن تُهيأ الأرضية المناسبة لتقديم مسرحيات من هذا النوع الراقي لجمهور ذواق ولو مرة أو مرتين في السنة أو لكل مناسبة وطنية أو اجتماعية تقدم مسرحية تحاكي الوقت والمناسبة بما يليق بها. * كيف ترى تجربة مهرجان سوق عكاظ المسرحية؟ - تجربة رائعة ومهمة وأعتبرها نموذجاً يجب أن يعمم على كل محافظاتنا لإحياء تراثنا فكل محافظة غنية بما تكتنزه من ثقافة وتاريخ، وعكاظ مهرجان مسرحي وشعري وثقافي شامل ومنوع يجمع كل الثقافات الفنية، ونحتاج لمثله كثيراً لإشباع الذائقة الفنية، ولا زال يلقى النجاح سنة بعد أخرى وفي تطور يخدم الساحة الثقافية السعودية بشكل عام.