على إيقاع مفاوضات جنيف دارت رحى حرب سرية بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية استندت إلى التصريحات والاتصالات والتهديدات والعمليات العسكرية والاستيطان. لكن كل هذه الأسلحة الإسرائيلية لم تمنع واشنطن من التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي مع إيران. فالاتهامات الإسرائيلية طالت وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حيث اتهمه وزير الاتصالات الإسرائيلي جلعاد أردن بأنه عميل إيراني. فيما خاض بنيامين نتنياهو معركة لاستمالة القوى المؤيدة لإسرائيل في الكونجرس لإحباط أي اتفاق متوقع مع إيران وحشد أنصاره هناك لهذا الهدف، وعندما شعر الرئيس باراك أوباما بذلك رفض عدة مرات استقبال مكالمات من نتنياهو، وشن نتنياهو غارة جوية على موقع عسكري سوري مهجور قرب اللاذقية مدعيا أنه ضرب صواريخ في طريقها لحزب الله، لكن الاتصالات الأمريكية الروسية أثبتت أن المكان خال باستثناء وجود بعض الخبراء الروس وهو ما آثار حفيظة روسيا التي أبلغت إسرائيل رسالة شديدة اللهجة تحذرها من تكرار هذا الأمر. وكان الهدف من الغارة استفزاز النظام السوري للرد بهدف خلط الأوراق في المنطقة. كما كثفت الحكومة الإسرائيلية من الإعلان عن مشاريع استيطانية لتخريب المفاوضات مع الفلسطينيين كان آخرها الإعلان عن مشروع لبناء عشرين ألف وحدة استيطانية وهنا وجهت الإدارة الأمريكية تهديدا مباشرا بوجوب الإعلان عن سحب المشروع فورا وهذا ما حدث. الإدارة الأمريكية لم تكتف بذلك في مجال ردها على التدخلات الإسرائيلية في السياسة الأمريكية بل سربت رسائل من الإدارة السابقة للرئيس بوش إلى الكونجرس مفادها أن إسرائيل فقدت القدرة على الحسم العسكري وأنها تريد من الآخرين شن الحروب عنها، وأنها بعد حرب لبنان لم تعد قادرة على الحروب السريعة، فقد أبلغ إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد اختطاف جنديين إسرائيليين في جنوب لبنان أنه سيحسم المعركة خلال ساعات وستكون الضاحية الجنوبية من بيروت ساحة المعركة، لكنه فشل في حسم المعركة ومني بخسائر كبيرة. وإضافة إلى ذلك استدعت سوزان رايز مستشارة الأمن القومي الأمريكي زعماء الجالية اليهودية ووجهت نقدا لاذعا لنتنياهو ووصفت سياسته بالمجنونة وقالت إنها لا تسمح بالتطاول على الإدارة الأمريكية وأن الولايات المتحدة موحدة حول رئيسها وأن أي اتفاق مع إيران سيحظى بدعم الشعب وأوروبا وأن دول الخليج العربية ستؤيد الاتفاق بعد توضيحه لها من قبل الإدارة الأمريكية. عمليا فشل نتنياهو في انتهاج سياسة معارضة لواشنطن دون أن يثيرها بعكس سلفه إسحاق شامير الذي كان يعارض سياسة المفاوضات وواصل التردد على الولايات المتحدة في زيارات خاصة ولم يثر عندما كان المسؤولون يتجاهلونه ويرفضون استقباله. الاتفاق مع إيران صار واقعا رغم المعارضة الإسرائيلية أو كما قالت رايز لدينا مصالح في المنطقة هي الأهم من إسرائيل رغم التزامنا بأمن إسرائيل. فإذا كان نتنياهو يتهمنا بالتفريط بأمن إسرائيل فإنه هو من يفرط بشعب إسرائيل ككل.