صديقتي الإماراتية ونحن في طريقنا للعشاء بدت قلقة وطلبت مني أن أدعو لدبي بأن تفوز في معرض إكسبو 2020. وفي الطريق شاهدت أحد فنادق الجميرا قلقاً هو الآخر من العد التنازلي لاقتراب إعلان النتيجة، وبدا رقم ستة مرسوماً بالضوء على رأسه. الأربعاء المقبل سيجتمع سفراء 166 دولة كي يعلنوا عبر الجمعية العمومية لإقامة المعارض العالمية من هي المدينة الفائزة بين ثلاث مدن، أزمير في تركيا، وإيكاترينبرغ في روسيا، ودبي لن أقول في الإمارات بل في بلاد العرب، لأنها تمثلنا كلنا، وعليه فليست صديقتي الإماراتية وحدها وفندق الجميرا من يترقبان النتيجة بحذر، هناك كثيرون وأنا منهم، شاهدنا على مدى أشهر طويلة جيشاً من شباب الإمارات وشيوخها يخططون ويرسمون ويعدون ويسافرون ويقفون أمام الكاميرات وفوق مسارح العالم، كي يقدموا صورة دبي ورسالتها المنافسة التي تريد أن تدخل بها هذه المسابقة في شعار يقول: التواصل مع العقول وصناعة المستقبل، شعارها حديثاً كما هو ظاهر، لكنها تؤكد أنه امتداد تاريخي لحضارة عربية تألقت في بغداد في عهد المأمون حين اشتهرت بأول جامعة في العالم، ومهدت لنهضة أوروبا الحديثة حين وصل العرب للأندلس وكانت جوهرة الدنيا وقاطبة العالم. دبي تريد أن تكون حفيدة هذه المدن العربية في رسالة حضارية، كي تبعد تهمة تقول إن منطقة العرب ما هي إلا منطقة توتر ونزاعات، ولن يكون هذا إلا بتقديم دبي منافساً لاستضافة معرض إكسبو ثقافي عالمي عام 2020، لذا فهي تحاول إقناع العالم بأنها تستحق الفوز به لأنها نجحت في أن تكون مركزاً عالمياً للتجارة والسياحة والأعمال، ولديها بنية تحتية استثنائية تضم مطارات عالمية وطرقاًَ حديثة ومواصلات، أشهرها مترو دبي وموانئ ومدن أكاديمية تستضيف 70 جامعة ومدناً إعلامية، وحققت نجاحاً في إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة. مطار دبي هو الثالث عالمياً، استقبل في 2012 نحو 85 مليون مسافر، وتعيش على أرضها 200 جنسية من كل دول العالم ومن أديان مختلفة في تناغم وسلام، وعلى أرضها أُنشئت أفضل الجامعات العالمية والمصارف والأسواق، وهي مدينة صرح 30 في المئة من الشباب العربي في استفتاء أخيراً بأنها المدينة التي يحب العيش فيها. إن لم تفز دبي في الترشح لاستضافة معرض إكسبو 2020 فقد فازت بالمنافسة فيه، إذ قدمت دبي نفسها للعالم بصورة تجعل الفوز مكافأة تستحقها مدينة مجتهدة وطموحة مثلها. وليس لدي شك في أن قائد هذه المدينة وفارسها محمد بن راشد عرف جيداً أي فرس جيدة تم تدريبها لهذا السباق، والفريق الذي سافر وهو يشرح مدى توسع دبي وتحضر دبي وبنية دبي، أدرك أنه لا يوجد أسعد منهم بامتلاك هذه المواصفات. الفوز لذيذ، لكن امتلاك مدينة بهذه الطاقات ألذ من الفوز، لقد عرفنا مثلاً أن المدينة الروسية إيكاترينبرغ التي تنافس دبي لا تستطيع الوصول إليها سوى عن طريق خطوط فلاي دبي التي أصبحت واسطة العقد لثلث سكان العالم، ومحطة انطلاقهم للجزء الآخر. دبي تستحق أن ندعو لها وقد قاربت ساعة الحسم، لكن، قبل أن تعلن النتيجة دعونا نتذكر أن المنافسة ودخول دبي القائمة القصيرة بين ثلاث مدن فوز آخر. دبي فازت منذ أن قررت أن تعيش في المستقبل وأن تحلم، لهذا دبي تستحق الفوز. نقلاً عن صحيفة الحياة ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.