هناك مثل شعبي يقول «دخن عليها تنجلي»!! فالتدخين في هذه الأوقات العصيبة- كما يعتقد المدخنون- يخفف من الكبت.. ويقلل العصبية .. ويريح الأعصاب.. وينسي هموم المواطن. ومهما كان هناك من أخطار أثبتتها البحوث الطبية والصحية بأن التدخين هو من الأسباب الرئيسة لسرطان الرئة، فإن أكثر المدخنين يؤمنون بالمثل الذي يقول "تعددت الأسباب والموت واحدُ"، وفي النهاية واللي ما بموت من السرطان بموت جلطة وكلها ميتة وحدة لا تخافوا ما حد بموت ناقص عمر!! *** ولعل هذا المثل هو الذي قاد الروائي الكبير إحسان عبدالقدوس إلى كتابة روايته «حتى لا يطير الدخان» التي تحولت، مثل أغلب قصصه، إلى فيلم سينمائي لاقى نجاحاً كبيراً، فهي تتحدث عن الفساد وغرز الحشيش، ومعاناة الشباب مع الفقر، وذلك من خلال استعراض قصة شاب يضطر للتضحية بسمعته لتأمين مصاريف الدراسة ومكان يسكن فيه دون أن يحمّل والدته التي عجزت عن العمل لمرضها، عبء دراسته واحتياجاته. *** وقد يكون نفس هذا المثل أعلاه، إضافة إلى خيال خصب لبعض المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية التي تعمد أحياناً إلى اختلاق بعض الأخبار بشكل ساخر ومتعمد لمجرد النشر والتسلية هو الذي حدا ببعض هؤلاء إلى نشر خبر يقول باعتماد إحدى شركات الطيران الخليجية تقديم الشيشة "النارجيلة" على متن أسطولها لركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال. وبعد التقصي عن مصدر الخبر تبين أنه تم نشره من خلال أحد المواقع الأجنبية في ظل الأخبار الخفيفة التي تهدف الى الدعابة والسخرية لإضفاء نوع من التغيير والخروج عن المألوف. وقد نفى مصدر مسؤول في شركة الطيران المعنية هذه الأنباء، وذكر أن الشركة تعد من أوائل شركات الطيران التي منعت التدخين على متن رحلاتها على مستوى العالم. *** بالطبع الفكرة جامحة لا تأتي، في ظل محاصرة التدخين على الأرض، إلا من باب التفكُّه والتسلية. فالتدخين بكل أنواعه أصبح محظوراً على متن الطائرات منذ سنوات ماضية. وإذا كان التدخين إغراء لبعض المسافرين، فإنه مرض ودمار لأكثرهم. وقد انتشر تقديم الشيشة في كثير من مقاهي أوروبا حتى أصبحت تراها تُقدم في أعرق المقاهي. وفي كندا تُقدم المطاعم العربية الشيشة رغم منع التدخين في المطاعم معتمدين على ثغرة قانونية حيث لا يُدرج النظام القضائي الكندي "الشيشة" لعدم معرفة المقننين بها. فلزوم تجريم أي فعل هو أن تتوافر له أركان ثلاثة، هي: الركن المادي أو الفعل، ثم الركن المعنوي وهو القصد الجنائي، وثالثها الركن الشرعي وهو نص القانون الذي يجرم ذلك الفعل. وهو ما تستغله تلك المطاعم والكازينوهات دون أن تكون قد خالفت الأنظمة؟! *** «القانون حُمَار» جملة مشهورة في اللغة الإنجليزية. تُذكر كلما لجأت السلطة إلى أحد القوانين البالية أو المتعسفة أو المنافية للحس السليم وطالبت الناس باحترام ذلك القانون وما يفرضه عليهم من التزامات. فحين تعجز نصوص القانون أو تطبيقاته عن حماية المجتمع فإنه يصبح مدعاة للسخرية ويتحول إلى «حُمَار» يمتطيه الخارجون على القانون. لذا فإن هذه العبارة تترجم مشاعر الكثيرين في مختلف أنحاء المعمورة ممن تتعرض حياتهم ومصالحهم لأحكام قوانين بالية أو لتفسيرات وتطبيقات متعسفة لقوانين لا تتلاءم مع ما شهدته وتشهده المجتمعات من حراك وما يتطلبه ذلك من تأكيد التوافق الاجتماعي على منظومة القوانين السارية. • نافذة صغيرة: [[إذا كان تشارلز ديكنز يصف القانون بأنه «حُمَار» يحتاج إلى إنسان يقوده، فأنا أقول إن غياب القانون يُحيل بعض الناس إلى «ثعالب» تتذاكى على مصالح المجتمع لتطوعه إلى خدمة مصالحها دون مصالح بقية أبناء المجتمع.]] عبدالعزيز الصويغ nafezah@yahoo.com nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain