عندما ظهرت نغمة "متصدر لا تكلمني"، الموسم قبل الماضي ملأت الدنيا ضجيجا وصخبا وأخذت حقها من الانتشار، ولا سيما بعد أن حقق فريق النصر لكرة القدم لقب دوري عبداللطيف جميل بعد أعوام عجاف، وكان الهلاليون أكثر من عانوا ترديدها؛ لأنها تحمل من الاستفزاز ما لا يحتمل بالنسبة إليهم، خصوصا أن فريقهم كان المنافس الأقرب حتى نهاية المنافسة. ولأن "متصدر لا تكلمني" وجدت أرضا خصبة للاستمرارية في ظل تفوق الفريق الأصفر، كان وقعها أكثر إيلاما على أنصار الهلال الذين ظلوا يتربصون بأي عبارة تكون بمثابة رد الصاع صاعين، إلا أنها تختفي تحت وهج "متصدر لا تكلمني"، وكادت "هيا تعال" التي أتى بها مهاجمه ناصر الشمراني أن تكون المقصودة لولا أن فريقه خرج مهزوما بهدف وطرد منه ثلاثة لاعبين ما أحبط المحاولة في مهدها. ولم تدر جماهير الهلال أن الرد الشافي، الذي سيأخذ بثأرها يكمن في اسم لاعب بعينه، فكان "جحفلي" هو الترياق الناجع لـ "متصدر لا تكلمني"، وأخمدت ثورتها تماما، وأصبح اسمه مثارا ومستفزا للطرف الآخر، بعد تسجيله هدفا غاليا في الدقيقة الـ119، منح فريقه لقب كأس خادم الحرمين الشريفين في ختام الموسم، رغم أن المباراة كانت في طريقها للنصر الذي كان متقدما بهدف محمد السهلاوي. هدف جحفلي جعل جماهير الهلال تتغنى باسم اللاعب حتى أصبح الأكثر انتشارا، عن ذلك يقول المختص النفسي حاضر آل حاضر: "في الأعوام الماضية كان هناك تنافس محتدم بين الهلال والنصر، جعله الأكثر إثارة في الكرة السعودية رغم انخفاض مستوى الأخير في بعض الفترات، لكن المنافسة لم تتغير، وحينما عاد للواجهة من جديد أخرج كل ما بداخله معوضاً ما فاته من خلال ترديد عبارة "متصدر لا تكلمني"، هذا الأمر أغاظ جماهير الهلال التي لم تعتد أن يكون كعب المنافس هو الأقوى". وأضاف: "بعد فوز الهلال على النصر في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين كان له الرغبة في الرد على تلك العبارة بعبارة أخرى، وتم اختيار اسم جحفلي الذي سجل الهدف لإغاظة النصراويين، وقد يكون السبب في ذلك أنه لم يكن مرشحاً للتسجيل، ما جعل اللاعب المغمور يحرم الأصفر من اللقب قبل نهاية المباراة بثوان معدودة، هذا الأمر جعل الهلاليين يتغنون باسم صاحب الهدف، ونجحوا في ذلك، والدليل حجم الاعتراض على ترديد الاسم، وبالذات ما تم في الفترة الأخيرة من استفزاز اللاعبين بترديده، وهو ما حدث سابقاً من جماهير الهلال بترديد كلمة "سيدني" على سبيل المثال، وهذا الأمر لا يخرج عن إطار المنافسة وروح الدعابة التي تتحول في بعض الحالات إلى استفزاز بطريقة مبتكرة". وحول تأثير ترديد اسم جحفلي في اللاعب نفسه، سواءً في الجانب السلبي أو الإيجابي، أجاب حاضر بقوله: "في مثل هذه الحالات فإن الحكم بهذا الأمر يختص باللاعب نفسه، في حال قدرته على جعلها أمراً إيجابياً يزيد من ثقته بنفسه، فإن ترديد اسمه لاستفزاز الآخرين لن يكون مؤثراً بشكل سلبي، أما في حال اعتقاده أنه وصل من النجومية أن يكون الخصم للمنافس بلسان الجماهير، فحينئذ فإنه سيتأثر سلباً، لذلك فإن على الجهاز الإداري مسؤولية إيضاح الصورة كاملة للاعب، إضافة إلى زملائه المقربين، حتى لا يقع في فخ الغرور، وكأنه وصل إلى قمة المجد الكروي لأنه ما زال في بداية الطريق". في الأيام الماضية، ردد البعض أن استفزاز لاعبي النصر في الأماكن العامة بترديد اسم "جحفلي" جريمة يعاقب عليها القانون، عن هذا الموضوع يقول المحامي خالد أبو راشد: "الاستفزاز ليس جريمة حتى يعاقب عليها القانون لعدم وجود أي من الجرائم التي يتم إيقاع العقوبة عليها، حيث لا تتم العقوبة ما لم يتضمن السب أو الاتهام أو القذف أو الاعتداء على النفس، بل إن ردة الفعل تجاه هذا الاستفزاز هي ما قد تكون جريمة لو تضمنت أحد الأسباب الأربعة التي تم ذكرها". وحول المطالبات بمعاقبة من يقوم بهذا الفعل بالسجن؛ لأن الاستفزاز يعد إيذاءً كما يردده البعض، أجاب: "الاستفزاز أمر مختلف تماماً عن الإيذاء، وهذا يتضح جلياً في تفسير نظام الحماية من الإيذاء، أما السجن فهو أمر مستبعد؛ لأنه لا بد من ارتكاب جريمة حتى يتم إيقاع عقوبة السجن، ومسألة القياس في مثل هذه القضايا يختص بالقضاء، لكن لا عقوبة بلا جريمة ولا جريمة بلا نص، والحديث هنا عن الجوانب القانونية بغض النظر عن الجوانب الأخرى التي قد يراها البعض مثل الجوانب الأخلاقية، وإن كانت هناك مخالفة في هذه المقاطع، فهي تختص بنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وذلك يعود للتصوير ونشر المقطع، وهو ما يدخل تحت إطار الجرائم المعلوماتية".