لا شيء في الكويت أو شوارعها ومنتدياتها يشير الى ان انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) ستجري السبت المقبل. الأجواء الرمضانية التي حلت في طقس صيفي لاهب طغت على اي مظهر انتخابي، ومقار المرشحين شبه خالية تلفحها رياح تموز (يوليو) الساخنة، في وقت قسم جمهور الناخبين الاهتمام بين الحدث المصري وبين المسلسلات التلفزيونية الرمضانية. وفي غياب المعارضة عن الانتخابات غاب ايضا اي حوار سياسي مفيد، في حين دعا القليل من المرشحين الى ندوات تناولت القضايا المكررة اياها، مثل سوء الخدمات والمطالبة بتوفير وظائف وما شابه ذلك. ما لم يعد جاذباً للناخب، في وقت تضرب الحملة الانتخابية فضائح رشاوى انتخابية وصل بعضها الى النيابة العامة. وتمسكت المعارضة، بمعظم مجموعاتها ورموزها، بمقاطعة الانتخابات احتجاجاً على المرسوم الذي اصدره الامير الشيخ صباح الأحمد بتعديل قانون الانتخاب، مخفضاً التصويت من اربعة مرشحين (من اصل 10) في كل دائرة انتخابية الى واحد فقط. وتوقع الخبير في شؤون الانتخابات عبدالرزاق الشايجي ان ترتفع نسبة المشاركة في الاقتراع السبت، «لكنها ستبقى دون المعدل الطبيعي بشكل واضح». و قال لـ»الحياة» انه «في الانتخابات الاخيرة اعترفت الحكومة بان المشاركة كانت دون الاربعين في المئة في حين قدرتها المعارضة باقل من 28 في المئة». وقال: «في الانتخابات المقبلة قد تتجاوز فعليا اربعين في المئة لكن معظم الشريحة المثقفة والنشطة فكرياً ستقاطع، وحتى بين القبائل سيقاطع كثير من الشباب على رغم جهود شيوخها». ورأى الشايجي ان تكرار حل المجلس او ابطاله قضائياً 3 مرات خلال اقل من 18 شهراً «أضعف في نفوس الكثيرين دافع الاقتراع اذ لا احساس عند الناخب بان مشاركته ستنتج برلماناً فاعلاً. فحتى المجلس المقبل تعترضه شكوك دستورية في رأي بعض الخبراء وقد يبطل قضائيا أيضا». وقال: «اذا اخذنا بالاعتبار ان التصويت السبت سيكون من الثامنة صباحا حتى الثامنة ليلاً فان هذه الساعات تعتبر ميتة في رمضان، خصوصاً وان السبت عطلة رسمية». وستكون «مقاطعة سياسية وممانعة نفسية للخروج والاقتراع في ظل حرارة 50 درجة مئوية لناخب صائم». واستمرت المعارضة في دعوة الناخبين الى المقاطعة، وعقدت ندوات عدة في هذا الاتجاه ونشط مؤيدوها في وسائل التواصل الاجتماعي لشن حملات على العملية الانتخابية عموماً، وبعض المرشحين خصوصا. وبدأ نواب سابقون معارضون يطرحون فكرة تعديل الدستور اوحتى كتابة دستور جديد لمواجهة ما يعتبرونه «التفافا من السلطة على دستور العام 1962». وقال رئيس مجلس الامة السابق أحمد السعدون في ندوة ليل الأحد - الاثنين: «كنت ممن يعارضون اي مساس بالدستور لكن أي دستور؟ الدستور المحترم الشعبي الذي يحترم إرادة الشعب... أما اليوم فأقول نعم لتعديل الدستور». ورأى ان « السلطة لم تكن مؤمنة بالدستور، ولن تكون مؤمنة به، والعبرة ليست في النصوص بل بالنفوس». من جهة ثانية قضت محكمة الاستئناف أمس ببراءة النواب السابقين فلاح الصواغ وخالد الطاحوس وبدر الداهوم من تهمة المساس بالذات الأميرية. وألغت الحكم الذي اصدرته محكمة الدرجة الاولى بسجنهم 3 سنوات. ويخفف الحكم الذي جاء قبل خمسة ايام من الانتخابات من حدة التوتر بين السلطة والمعارضة، لكن المحاكم لا تزال تنظر في عشرات الدعاوى الحكومية ضد رموز المعارضة و ناشطيها. وكان النواب الثلاثة تحدثوا في ندوة عامة قبل نحو 9 شهور منتقدين الاوضاع السياسية وتصرفات السلطة. وفسرت النيابة العامة بعض ما قالوه بانه اساءة وتطاول على مقام الأمير ما يجرمه الدستور وهي تهم نفاها الثلاثة. واحتجزت النيابة الثلاثة، وهم ينتمون الى قبيلتي العوازم والعجمان، وجرى حبسهم 10 ايام في السجن المركزي وحلق رؤوسهم الأمر الذي اعتبرته المعارضة استفزازا.