دعا كتاب الرأي في «اليوم»، الآباء والأسر والمجتمع والمربين إلى حماية أطفالنا من هذا المد التقني الجارف والمجرمين الإلكترونيين، لافتين إلى أن هذه العصابات تستدرج الأطفال والمراهقين للوقوع في فخ الانحراف الفكري والجنسي والإجرامي. وأشار الكتاب في ختام ملف «اليوم» الشهري الحادي عشر «تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال.. الإهمال يغتالهم»، إلى أنه مهما بلغت متابعة ورقابة الوالدين لأبنائهم من الجنسين فإنهم لن يستطيعوا أن يسيطروا على هذا «الطوفان» أو يقوموا بتقنينه، ذلك الطوفان الذي اخترق فكر الأبناء وخاصة من الأطفال والمراهقين والشباب هذا الاختراق الذي حدث ويحدث على مدار جزء من الثانية بكثافة معلوماتية غزيرة جداً وجاذبة جدا. وأكدوا «ليس منع الطفل من الأجهزة الذكية حلا ناجعا وإن كان يخدم إلى حد ما ولكن الأهم هو قرب الوالدين والمعلمين والأسرة من الأبناء في كل عمر وتعليمهم الصواب من الخطأ وإقناعهم بذلك بل وإفهامهم ومناقشتهم والصبر والدعاء لهم». وقالوا إن أسلوب الضوابط هو الأفضل في معالجة ثنائية النفع والضر في هذه التطبيقات الحديثة أو بلغة الشرع «التقوى»، وهي منهج وقائي ذاتي ييسر الانتفاع بالأشياء ويجنبنا مضارها. وأضافوا «لا مناص من أن يكون دور المربين جميعا بحجم خطورة هذه الموجة المضطربة العاتية بأن تكون ردة فعلنا معاكسة لها في الاتجاه وليس مساوية لها في القوة بل القوة يجب أن تكون هنا مضاعفة ولكن بالشكل العلمي المدروس وبطريقة يشترك فيها الجميع فالكل مسئولون وكل له دوره الذي لا يسعه التنصل منه». ولفتوا إلى أن الإفراط في استخدام تلك الأجهزة يؤدي إلى ضعف شخصية الطفل، وزيادة عدوانيته ويجعله يعاني من غياب الهوية، نتيجة تعرضه للعديد من الأفكار والمعتقدات والثقافات الغريبة على المجتمع، كما أنها تؤثر في علاقات الطفل الاجتماعية والأسرية. وأشاروا إلى أن هناك اجتهادات عدد من الدول في محاولاتها لحماية الأطفال من جرائم الانترنت، ففي سويسرا مثلاً اعتمدت السلطات وسيلة اعتبرتها ناجحة، تتلخص بنشر وتوزيع سلسلة من القصص الواقعية الحاصلة لأشخاص تعرضوا لجرائم الانترنت، وفي الإمارات انتهجت السلطات عمل «كمائن إلكترونية» لاستدراج مرتكبي الجرائم الالكترونية ضد الأطفال، كما طرحت مشروعا لوضع سجل مرتكبي الجرائم الجنسية ومن بينها المتعلقة بالأطفال، فيما أعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» مبادرة تتضمن «مشروع دليل توجيهي لحماية الأطفال من مخاطر الانترنت». واسترسل الكتاب قائلين «المفزع بحق أن الجريمة بشكلها الحديث وعبر الفضاءات الالكترونية التي أصبحت لصيقة بحياة الصغار والكبار تتطور بصورة مذهلة تبعا للتطور السريع الذي يشهده قطاع التقنية والاتصالات، وفي المقابل لا تزال التشريعات والرقابة الاجتماعية متأخرة عما يحدث في الواقع. متمنين أن يكون هناك موقف جماعي للدولة وللناس وللقانون تجاه هذا السيل الجارف، لكي لا تبقى قلوبنا ضحايا مجانية للتقنية». أيها الآباء.. أطفالكم أمانة! عبدالله آل الشيخ في زمن الأعاصير والفتن انتشرت في بيوتنا جميعاً الأجهزة الإلكترونية بكل أنواعها وللأسف تركنا الكثير منها بين أيدي أطفالنا من الجنسين للتسلية بين لهو ولعب وجدّ وهزل دون أن ندرك مخاطرها الصّحية والنفسّية والاجتماعية ومدى تأثيرها السلبي الغالب على الإيجابي وتناسينا أن هناك عالما آخر يعمل من أجل تغيير عقلية هذا الطفل والزّج به دون علمنا بالمحظور. نعم هناك إيجابيات متى ما تم الاستخدام بشكل صحيح ولكن مشكلتنا اليوم هي الاختراق الذي يسعى له أعداء الأمة لإلغاء هوية الطفل العربي المسلم واستغلال براءته بالألعاب وإدخال أمور كثيرة لا يتفهمّها الطفل ولا يعلم أن بين يديه مغريات بعيداً عن مراقبة الوالدين من هنا يجب وضع حدّ من استخدام الإنترنت ويقول العلماء، يتوجب وضع كمبيوتر العائلة في مكان مركزي بهدف مراقبة سلوك الأطفال في تصفح الإنترنت. ووفقاً لعمر الطفل فإنه من الهام جداً تحديد وقت ومدة الاستخدام وأهمية مناقشة سبل استخدام الشبكة وخصوصاً للأطفال الصغار، وتنصح تريند مايكرو الآباء بوضع قائمة بالمواقع الإلكترونية المفضلة لأبنائهم. ويتوجب على الآباء تصفح الموقع لتحديد ما إذا كان هذا الموقع مناسباً لعمر الطفل. ويتوجب على الآباء الحذر في حالة محاولة الغرباء في التواصل مع أطفالهم عبر الشّبكة فإن التبادل المشترك والدائم للتجارب بين الآباء والأطفال فيما يخص أساليب استخدامهم والحرص على تحديد المواقع الإلكترونية غير الآمنة بالتأكد من سلامة المواقع الإلكترونية مثل برنامج تريند مايكرو Trend Protect وأمن الصفحات الإلكترونية وتوفر تحذيرات خاصة حول المواقع المصابة أو تلك التي تعمل على نشر البرمجيات الخبيثة. واستخدام المرشحات الخاصة بعناوين المواقع الإلكترونية التي توفر حلول السلامة التقنية، مثل برنامج الحماية Trend Micro Internet Security 2009 م، مرشحات خاصة بعناوين المواقع الإلكترونية التي تعمل على تجنب الوصول إلى المواقع التي تتضمن محتويات غير ملائمة. وتذكر المصادر العلمية بأن الإنترنت يؤثر على الأطفال تأثيراً كبيراً، بما أنه أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، كما أنه قد أصبح غير مقتصر على فئة عمرية تدرك بأن هناك آثاراً إيجابية من أهمها: القدرة على البحث عن معلومات في أي مجال. تكوين صداقات من جميع أنحاء العالم عن طريق برامج المحادثة. التعرف على الثقافات الأخرى. ومن السلبيات أنه يضعف شخصية الطفل، ويجعله يعاني من غياب الهوية، نتيجة تعرضه للعديد من الأفكار والمعتقدات والثقافات الغريبة عليه. تأثير الإنترنت على علاقات الطفل الاجتماعية والأسرية، حيث يقضي الطفل ساعات طويلة على الإنترنت يومياً، مما يجعله ينفصل إلى حد ما عن الآخرين. يساعد الإنترنت على زيادة العدوانية في سلوك الأطفال وذلك بسبب ممارسة الألعاب العنيفة أو مشاهدة الصور والأفلام التي تروج للعنف على الإنترنت. يسهم الإنترنت سلباً في تفكير الطفل وشخصيته، من خلال انتشار مجموعة من المواقع المعادية للمعتقدات والأديان، وكذلك المواقع الإباحية والتي تؤثر مشاهدتها في السن المبكرة ليس فقط على نمو فكر الطفل، بل أيضا على سلوكياته وتصرفاته مع الآخرين. تعلم الآباء والأمهات كيفية استخدام الإنترنت؛ لتكون لديهم القدرة على فرض قيود وضوابط على استعمال الطفل للإنترنت. مراقبة سلوك الطفل وتفكيره أثناء استخدام الإنترنت مع ضرورة تواجد أحد الأبوين أثناء استخدام الطفل للإنترنت. توفير الوعي الديني والتربية السليمة للطفل بحيث يكون هو الرقيب على نفسه عندما يتصفح مواقع الإنترنت. تشجيع الطفل على ممارسة بعض الهوايات، مثل الرسم، أو ممارسة الرياضة التي يحبها. وأخيراً: هناك اجتهادات لعدد من الدول في محاولاتها لحماية الأطفال من جرائم الانترنت، ففي سويسرا مثلاً اعتمدت السلطات وسيلة اعتبرتها ناجحة، تتلخص بنشر وتوزيع سلسلة من القصص الواقعية الحاصلة لأشخاص تعرضوا لجرائم الإنترنت، وفي الإمارات انتهجت السلطات عمل «كمائن إلكترونية» لاستدراج مرتكبي الجرائم الالكترونية ضد الأطفال، كما طرحت مشروعاً لوضع سجل مرتكبي الجرائم الجنسية ومن بينها المتعلقة بالأطفال، فيما أعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» مبادرة تتضمن «مشروع دليل توجيهي لحماية الأطفال من مخاطر الانترنت»، وأشركت المواطنين في مكافحة الجريمة الالكترونية عن طريق فتح مكتب لتلقي شكايات المتضررين من هذه الجرائم لإيجاد الحلول. « كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته». أطفالنا والعالم المفتوح عبداللطيف الملحم قبل عدة أشهر قرر عدد من الباحثين في الشؤون الاجتماعية والمهتمين بشؤون الطفل في الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة هشاشة وضعف الطفل أمام تحديات التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة استجابة الطفل لمجموعات (قروبات) همها هو استدراج الأطفال من صغار السن إلى اوكار الجريمة بأنواعها، سواء أكانت الاتجار بالبشر أو تعاطي المخدرات أو أي نوع آخر من الجرائم. وتم التنسيق بين هؤلاء الباحثين مع بعض الأسر التي تعتبر مستقرة اجتماعيا ولا يوجد لديها عوائق مادية، ولكن يوجد بها أبناء وبنات في سن المراهقة لكي يتم اختبار تجربة جرهم لمثل هذه الأمور. وقد ابدى معظم هذه الأسر صعوبة جر أبنائهم من قبل أناس غير معروفين وفي مجموعات (قروبات) في وسائل التواصل الاجتماعي لا يتابعها هؤلاء الأطفال. ولكن وفي مفاجأة كبيرة لأحد الآباء وهو أن ابنته ذات الثلاثة عشر ربيعا تفاعلت مع مجموعة من خلال عدة أسطر لتوافق على مقابلة من لا تعرفه في أحد مراكز الألعاب القريبة من منزلها. وقد تم عمل اللقاء وسط مراقبة خفية من الباحثين ووالد الطفلة. والمشكلة تكمن في أن هذا شيء أصبح منتشرا في كل المحتمعات بغض النظر عن وضعها الاجتماعي أو في أي بلد يعيش هؤلاء الأطفال. وبمعنى آخر أصبح العالم المفتوح خطرا يهدد حياة الأطفال ويعرضهم لغسيل الدماغ وتشويش الأفكار وجرهم إلى عالم الجريمة، وفي أحيان كثيرة قد يكون منظمات إرهابية هي وراء تلك المجموعات للإطاحة بصغار السن. وصغار السن كما هو معروف عنهم يكونون عرضة لتصديق كل ما يقال وعرضة لمراحل يكون فيها الطفل به نوع من العناد وتحدي الذات وحب المغامرة. وقد تكون الأسر المفككة أو التي بها مشكلة تعاطي أي نوع من الممنوعات هم أكثر عرضة من غيرهم للدخول في متاهات المجموعات التي تترصد لهم وتستقطبهم. إن البيت في الوقت الحالي عليه دور كبير في مراقبة صغار السن ومعرفة مع من يتحدث وعن اي شيء يتحدث. ولا بد من مراقبة أي تغيرات في أحاديث الطفل وعلاقته مع بقية أفراد اسرته. وأهم شيء هو ملاحظة نزعته للخروج من المنزل. وللأسف نرى الكثير من الأطفال يجوبون الشوارع حتى ساعات متأخرة من الليل دون معرفة الأهل بأماكن تواجدهم أو ماذا يقومون به أثناء تواجدهم في الخارج. وفي وقتنا هذا بالذات زاد خطر المجموعات التي تنوي الشر وتسعى لاستقطاب أبنائنا وبناتنا للأنفاق المظلمة التي لا يعي خطورتها صغار السن. وأهم شيء في محاربة من يريد الشر لأبنائنا من صغار السن هو التواجد المستمر للأب والأم أو كليهما. فتربية الأطفال ومراقبتهم ليست دواما جزئيا، بل هو واجب طوال اليوم. ووسائل التواصل الاجتماعي ليست مثل الخروج من المنزل في أوقات محددة، بل إنها وسيلة يخرج فيها الطفل من بيته في أي وقت ويتحدث مع العالم. لابد من توعية الأطفال وغرس الرقابة الذاتية فيهم زياد محمد الغامدي لا يمكن صد الانحلال الذي تعج به المواقع الإلكترونية إلا بغرس فضيلة الرقابة الذاتية في عقول وقلوب النشأ. فهذا السيل العارم من المحتوى الهابط يستحيل السيطرة عليه بالرقابة مهما بلغ مستوى إحكامه وسيطرته. ويزداد الوضع تعقيدا حين تقدم غرف للمحادثات الحية والتي تغتال براءة الطفولة في مهدها لتشكل عقلا منحرفا لا يقيم وزنا للأخلاق ولا للقيم، عقل لا هم له سوى السعي وراء لذة لا يمكن اشباعها ولا يمكن السيطرة عليها وغالبا ما تنتهي بمن تستعبده إلى مرض لا يرجى شفاؤه كالايدز وغيرها. الهجمة الانحلالية يتعرض لها العالم كله، شرقا وغربا، وينتج عنها غالبا استغلال بشع للقصر سواء كانوا أولادا أم بنات. ويخطئ من يعتقد ان الوعي من المنزل يكفي للحماية من مثل هذا الخطر، ومن يعتقد ان بإمكان الرقابة الحكومية ان تصد مثل هذا يخطئ ايضا، لا يمكن صد مثل هذا الخطر إلا بتضافر جهود الجهات كافة لبناء انسان ذاتي الرقابة. ووزارة التعليم والقائمون على التربية يتحملون الجزء الأهم في التعامل مع هذا الواقع الذي فرضه الانفتاح على العالم. الوعي يأتي بالتدريج، ويتم غرسه على مدى اعوام، وتكون المحصلة إنسانا يستطيع التمييز بين ما هو صواب وما هو خطأ. ولأن الجنس فطرة، فالانسياق وراء دعوات الرذيلة يكون بطريقة سهلة، وهذا مشاهد ومحسوس وإنكاره لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، ومن هنا لا بد ان تكون ادوات بناء انسان واع قادر على التمييز بين صواب الأمور والخطأ من العمق ما يكفي لجعل الطفل راشدا في تصرفاته حكيما في اختياراته، بل وقادرا على التأثير على أقرانه تأثيرا إيجابيا. اجزم ان مثل هذا ليس بصعب، كل ما يحتاجه هو قناعة أن الأمر من الخطورة ما يستوجب التحرك وبسرعة. فجيل قضى طفولته بين صفحات السوء والرذيلة، منتهكا ومستغلا من عصابات الدعارة الدولية لا يمكن له ان يكون جيلا قويا ذا شيمة ومروءة. وما نسمع ونشاهد من عمليات التحرش الجماعية في الشوارع والأماكن العامة ليست سوى نتاج لتغلغل ثقافة المواقع الإباحية وغرف الدردشة الجنسية. على وزارة التعليم ان تنهض بوعي اطفالنا بما يضمن قدرتهم على تمييز الصواب من الخطأ، وبما يضمن بناء جيل ذاتي الرقابة، جيل لا يمكن ان يقع ضحية لأي ذئب بشري واي عصابة منحلة. أبناؤنا وبناتنا عماد مستقبلنا، واي تشوه يصيبهم سينعكس سلبيا على واقعنا، لا يكمن لأجهزة الرقابة التقليدية ان تصد مثل هذا الأمر مهما بلغ تعقيده وتطوره، لا يمكن صد هذا الخطر إلا ممن يتعرض له، واقصد اطفالنا بنين وبنات. الرشد هو ما نهديهم، والفضيلة ما ينبغي علينا غرسه في نفوسهم، ونحن قادرون وهم يستحقون. العين الأخرى د. عبدالمنعم القو كيف يتعامل الأب الأمريكي أو الكندي أو الأوروبي مع أبنائهم في البيت والمدرسة هل يسمحون لهم بالانفتاح الذهني والفكري أم يغلقون على أطفالهم كل وسائل التقنية قبل أن يبلغوا سن البلوغ أو الثامنة عشرة؟ ومن ثم يغادرون بيت الأسرة؟ هل هنالك من وصاية لصيقة من الوالدين بحيث إن الطفل ومنذ سن مبكرة لا يحق له قانونا فتح النت والمواقع الخارجية ومشاهدة القنوات الفضائية الا في أوقات محددة وضمن اطار مقنن؟ وهل يمكن للوالدين فعل ذلك؟ وكم عدد أطفالهم الذين يراقبونهم بشكل لصيق؟ اثنان.. ثلاثة.. أربعة أم أكثر؟ وهل نجحت محاولاتهم كما قد يعتقد البعض أم هل أفلحت الدول الخارجية في الحجر على الأطفال عن شرب البيرة والخمر وأكل المحظورات كشراء الدخان وتعاطيه والخروج منفردين مساء من الجنسين، وهل للمدرسة دور في ذلك وهل تملك دولهم قوانين تحظر أي شيء يخالف الطفولة والرعاية السوية بل وتعاقب عليه لمن يثبت عدم اهتمامه بالطفل أشد العقوبات ام أن الأمر حبر على ورق ومجرد تنظير؟ ما رأي المربين عندنا في مجتمعاتنا الشرقية والاسلامية تحديدا حول دخول الأطفال غير المقنن على المواقع الاباحية أو محاولة البعض فك طلاسمها عبر برامج مجانية تفك شفراتها؟ أترونهم يؤيدون حرية الطفل أم لهم موقف آخر يتضمن عدم جواز ذلك وأن لابد من قوانين تحمي الأطفال من المواقع الاباحية والمجرمة والارهابية التي تتسلل الى عقولهم وصورهم وأفئدتهم بشكل سريع وسهل؟ هل يعتقد البعض أن بامكان الدول العربية والخليجية أن تحفظ أبناءها وأطفالها ومراهقيها من أوكار الظلام والفساد عبر المنع والحجب كما كانوا يعيشون قبل عشرين عاما حين لم يكن مايكروسوفت ولم يكن أندرويد ولم تكن هنالك كيابل بحرية ولا اشارات عبر الأقمار الصناعية لتنقل كل كلمة وحرف وصورة وتعبير من أقصى الشرق لأبعد نقطة في الغرب؟ وهل يعتقد البعض أن حقوق الكبير تختلف عن الصغير وهل الكبير لا يجنح فكريا ودينيا ووطنيا وعقليا ام أن الأمر محصور فقط على من هم دون الخامسة عشرة كحد أدنى؟ من الذي يحكم على النضج والسفه والرشاد والبله لأي شخص؟ أهو العمر أم التصرفات في المواقف، بمعنى آخر هل يمكن أن نرى مختلا عقليا فجر نفسه أو خطط أو ساعد أو جهز أو خزن أسلحة فتاكة ليقتل الوطن قبل كل شيء فمن العاقل هنا ومن الرشيد أهو الطفل البريء الذي يحتاج للتوجيه الديني والتربوي والنفسي لما هو حلال وحرام منذ سن مبكرة والقدوة الحسنة؟ أم هؤلاء الحمقى الذين قبضوا بصكوك للجنة ومفاتيح لها قطعة أرض على نهر جار كما يحلو للكهان؟ انني أعتقد بعد كل التساؤلات آنفة الذكر أن المسؤولية مشتركة بين الوالدين والأسرة والدولة والمجتمع والمدرسة فهي منظومة متكاملة وأتذكر أنني كنت بالجامعة قبل سنوات عدة وتم وضع أجهزة حاسوب للطلبة وبعد مراجعة السيرفر تبين دخولهم المتردد على مواقع محظورة وفك شفرتها وهم طلاب جامعيون فماذا نقول عن الأصغر سنا؟! وفي الختام ليس المنع حلا ناجعا وان كان يخدم الى حد ما ولكن الأهم هو قرب الوالدين والمعلمين والأخ والعم من الأبناء في كل عمر، وشرح الصح من الخطأ واقناعهم بذلك بل وافهامهم ومناقشتهم والصبر والدعاء وجعلهم يبغضون ذلك واحتساب مكوثهم معهم وارشادهم فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فلن يغني المال ولا الجاه ولا السفر والمرح عن هدر نعم قد فرطوا في وزنها والله الحافظ وحده. القيم الأخلاقية تحمي الطفل من الاستغلال!! أنيسة الشريف مكي ومرحلة الطفولة المبكرة أهم المراحل العمرية التي من خلالها نستطيع أن نبني القيم والمبادئ التي تحمي الطفل من الاستغلال، فقد كانت مكان اهتمام علماء النفس الذين أجروا الكثير من الأبحاث والدراسات، وكلهم مجمعون على أهميتها، ومنهم مدرسة التحليل النفسي، حيث أكدوا على أن شخصية الفرد تتكون خلال السنوات الخمس الأولى، وهنا تظهر مسئولية الأم والأب والأسرة ومعلمي رياض الأطفال في مدى الاهتمام بهذه المرحلة لنمو الطفل حيث يكون أكثر قابلية للتغير والتأقلم النفسي والبيئي. هذه المرحلة مرحلة تكوين الضمير وبداية نمو الشعور بالمسئولية الذاتية والدينية والوطنية، مرحلة تشكيل القيم الأخلاقية والاجتماعية وتأسيس المبادئ والمثل. وغرس الثقة في النفس والصدق والصراحة، وغرس المفاهيم التي تساعد على اكتشاف السلوك الخاطئ، جرس إنذار ينبه ويحمي مع كل محاولة اختراق للاستغلال. فكلما تكاملت شخصية الطفل في هذه المرحلة تتكامل في المراحل الأخرى بتوفيق من الله. آراء كثيرة لإنقاذ البراءة ووجهات نظر كثيرة كلها احترمها إلاّ أن لي وجهة نظر أخرى وهي الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة أولاً لكمال شخصيات الأطفال وهذه مسئولية الأم والأب ومدارس رياض الأطفال. وإنْ لم تتمكن بعض الأسر من الاستفادة من أهمية هذه المرحلة فلا بأس ولن نيأس فمرحلة الطفولة المتأخرة (9- 12) تكمل شخصية الفرد عند الاهتمام بها. صداقة الأهل ضرورية ومهمة لكل المراحل. فلماذا لا نكون أصدقاء لأبنائنا وننزل لمستوى عقولهم؟!! لماذا نتعامل معهم بطريقة رسمية تبني سداً بيننا وبين الدخول إلى أعماق نفسياتهم وعقولهم؟!! لماذا لا نساعدهم على تحدي مشكلاتهم وما يتعرضون له؟!!. لماذا نصنع المتاريس؟! لماذا لا نكون أصدقاء نشجعهم للتحدث معنا عن مكنونات نفوسهم وما يشعرون؟!. الأطفال لديهم هموم وإن كانت صغيره إلا أنها تكبر في رؤوسهم ويتضخم حجمها وتزيدهم تعقيداً وعقداً نفسية وتراكمات تجعلهم يكرهون أقرب الناس إليهم ويلجأون للغرباء صيداً سهلاً عجباً كل هذا نفعله بأبنائنا وهم أعز ما نملك؟!!. يخطئون نعم، ويشعرون بالذنب الذي يمزق أعماقهم فيدخلون في متاهات لا أول لها ولا آخر معاناة ومشكلات نفسية واضطرابات سلوكية وربما صحية والسبب بعدنا عنهم. آراء كثيرة لحماية الطفل من الاستغلال في الشبكة العنكبوتية والالكترونيات منهم من فضل عدم السماح للأطفال باستخدام تكنولوجيا العالم الافتراضي في غير وجود آبائهم، وغيرهم فضل وضع كلمة مرور لا يعرفها الطفل، وغيرهم أكد على ضرورة منع الطفل من استخدامها في غرفته الخاصة، وآراء كثيرة احترمها لكن في نظري صداقة الأهل للطفل أهم بعد التأكيد على بناء شخصية الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة المبنية على القيم والمبادئ والأخلاق والتمييز الذاتي للخطأ والصواب، شخصية تعرف من هو اللص الذي لا يظهر بشخصية طفل ليغتال براءة أطفالنا ويصطادها بأقل مجهود. صداقة الأهل ضرورية خاصة في هذا العصر ومع كل المغريات وما أكثرها، نصادقهم لنشعرهم بالأمان، ونراقبهم وهو الواجب والمفترض بشرط عدم إحراجهم وإشعارهم بعدم الثقة. تعويدهم وتعليمهم الخصوصية فلا يجب تقديم أي معلومات شخصية سرية للغرباء خاصة غرباء الشبكة العنكبوتية الذين قد يكونوا ممن يتربصون بهم لاستغلالهم مالياً أو جنسياً وربما يحاولون استدراجهم للحصول على أسرار أهلهم. وإذا تمكنا من عمل حظر لمواقع معينة أفضل وعند استفسارهم للسبب تكون الإجابة بحب وإقناع بأن هذه المواقع لا تتناسب وأخلاقهم وعاداتهم وتربيتهم الصالحة والأهم أنها لا تتناسب معهم ديناً وأدباً. نعرفهم أن ليس كل ما يشاهد حقيقة، هذا بالنسبة لما يشاهدونه في الأفلام والألعاب التي تشجع على العنف والقتل. نعمم وننشر ثقافة صداقة الأهل للأبناء، لم لا وهي واجب وتفهمنا كأهل وأسر للصداقة مع أولادنا الهدف الرئيس لبناء جسور الود والثقة، فلا ولن يستطيع السيطرة على المخاطر التي تنتهك براءة أطفالنا غيرنا نحن الآباء والأمهات والأسر. ولأني اعتز بدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم دولتنا الحبيبة أتأمل خيراً كثيراً منهم ومن جهودهم المعروفة والمميزة لمواجهة كل التحديات في القضاء على خطر وسائل الاتصال الحديثة التي تهدد أمن أطفالنا وبراءتهم. عصابات تستهدف أطفالنا على مواقع التواصل د. عادل غنيم (نفع عظيم وخطر داهم) ثنائية محيرة أصف بها تطبيقات الحواسيب والهواتف الذكية التي تقدم منافع شتى حياة الناس، فهي وسيلة للتواصل الاجتماعي والترفيه والمعرفة، وشغف بها الأطفال والمراهقون إلى حد الإدمان، مما حدا بالمسئولين والدعاة والأخصائيين إلى التحذير من المخاطر المتوقعة والآثار السلبية الناتجة عنها، وضرورة وضع ضوابط لتقنين استخدامها. من أشد هذه المخاطر: انتشار القروبات (Groups) بالجوالات على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما الواتس أب (WhatsApp) والانستغرام (Instagram). في سيل من التغريدات حذرت الكاتبة سلوى العضيدان من هذه القروبات التي تبحث عن صغار السن من 10 إلى 16 سنة، تبدأ في إرسال رسائل حب واحتواء لهم ببداية الأمر ثم بعد ذلك السيطرة عليهم، وتبدأ هذه القروبات بإرسال رسائل وصور بشكل مكثف إلى أن يتقبلها الطرف الآخر ويدمن على مشاهدتها يوميا، ثم يبدأ إرسال المقاطع التي تستثير كل الغرائز في نفس المتلقي، وبعدها يبدأون بطلب إرسال صور شخصية لهؤلاء الصغار، وشيئا فشيئا يستجيبون لهم ويطلبون منهم إرسال صور وحين تصلهم يبدأون بابتزازهم. ومن الدراسات القليلة التي تكشف عن حجم المشكلة في عالمنا لعربي «ندوة الثقافة والعلوم» المُنظمة من قبل «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال»، ضمن فعاليات «حملة طفولتي أمانة.. فاحموها»، واتضح خلالها أن نسبة 18% من الأطفال المتعرضين للتحرش، قد تعرضوا له عبر «النت»، وهذه النسبة مُقسّمة أيضاً إلى 66% منهم تعرضوا للتحرش من غير قصد، فيما كان 42% منهم يشاهدون أفلاماً مُخلّة عن قصد. وأكد المختصون على أن المعتدين على الأطفال إلكترونياً يسعون إلى المتاجرة بهم من خلال التغرير والاستدراج؛ حيث يُوهم المجرم ضحاياه بالرغبة في تكوين علاقة صداقة على «النت»، وتتطور إلى التقاء مادي بين الطرفين، من دون معرفة أسرة الطفل. إن أسلوب الضوابط هو الأفضل في معالجة ثنائية النفع والضر في هذه القروبات، أو بلغة الشرع (التقوى)، وهي منهج وقائي ذاتي ييسر الانتفاع بالأشياء ويجنبنا مضارها. قال تعالى :«لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (93) سورة المائدة، على قياس الآية ليس علينا جناح في استخدام الأشياء بشرط التقوى والإحسان، وهذا يحتاج إلى تنشئة تربوية لا تكتفي بالرقابة والسيطرة ولكن بالحوار ولغة الإقناع والاتفاق على آليات الاستخدام الراشد لاسيما مع أطفالنا الكبار. أما صغار السن فإن عبثهم بالجوال من دون رقيب يعرضهم لمحاولات الإغراء والمساومة فلا بد من متابعتهم وتدريبهم على الحذر. وإذا اعتبرنا هذه الشبكات الاجتماعية طرقا للتواصل والحديث فلنعطها حقها، ونستلهم ذلك من حديث (حق الطريق) الذي رواه أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ))أخرجه البخاري ومسلم. نعم، بوسعنا أن نستفيد من هذه (القروبات) في الاستخدامات الاتصالية الشخصية الآمنة وإنشاء مجموعات تعلمية تعاونية والمشاركة الدعوية من مصادرها وعلمائها الثقات أو الأنشطة الترويحية الهادفة. إن المسئولية الأولى تقع على عاتق البيت، من خلال إجراءات تكفل وقاية الطفل، وذلك بواسطة جانبين الأول: يتمثل في تأمين أجهزة حاسب يستخدمها الأطفال لمنع المخترقين من جهة، مع عدم السماح للطفل بالدخول في مواقع مشبوهة من خلال استخدام تقنيات متوافرة في بعض المواقع، ويساند الأسرة في هذه المهمة الوسائل الإعلامية والمدرسة والمسجد، كما أننا بحاجة إلى الأنظمة الحازمة ضد من يحاول الإساءة إلى الأطفال، ومنها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي ينص على تشديد العقوبة إذا ما ارتكبت الجريمة من خلال عصابة منظمة، أو استغل الجاني سلطاته، أو نفوذه، أو تم التغرير بالقُصّر ومن في حكمهم. ومن الضروري تفعيل مبادرة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» التي تتضمن «مشروع دليل توجيهي لحماية الأطفال من مخاطر الانترنت»، وأشركت المواطنين في مكافحة الجريمة الالكترونية «عن طريق فتح مكتب لتلقي شكايات المتضررين من هذه الجرائم لإيجاد الحلول الناجعة. ليس كافيا أن تعالج المشكلة من خلال مقال أو حديث متلفز بل نحتاج إلى حملة وطنية تتشارك المسئولية فيها الوزارات المعنية والمؤسسات التربوية والدعوية مع البيوت لمواجهة تلك العصابات؛ حماية لأطفالنا. قُلُوبنا ضحايا التقنية سالم اليامي تابعت قبل مدة برنامجاً في احدى القنوات العربية يتحدث عن الجرائم الجديدة التي يتعرض لها الأطفال على وجه التحديد في المجتمع. ومختصر تلك الحلقة لقاءات مع مسؤولين أمنيين وتربويين ومع أسرة أحد الأطفال الذي كان ضحية جريمة الكترونية. بالقدر الذي كانت متابعة البرنامج محزنة، من ناحية موقف أسرة الطفل الفقيد، ومقززة من ناحية تفاصيل الجريمة وتفحص أقوال الجاني، ومربكة من ناحية التصرف الجماعي للناس وللدولة وللأنظمة والقوانين في ما يخص هذا الشكل الجديد للجريمة الذي بدأ يغزو مجتمعاتنا العربية. أقول بالرغم من ذلك كله إلا أنها خطوة يساهم بها الإعلام لقرع نواقيس خطر داهم، وفي تقديرنا أنه مرشح أي الخطر ربما يأخذ أشكالا أكثر حدة وتأثيرا في المجتمعات المعاصرة ما لم يكن هناك عمل جاد لوقف الخداع والتحيّل الالكتروني بقوانين وأنظمة، وما لم يكن هناك وعي اجتماعي في المقام الأول ينطلق من الأسرة بالدرجة الأولى للقيام بادوار المتابعة والتصدي والحماية. قصة البرنامج قصيرة جداً والجريمة التي كان يناقشها هي الأخرى قصيرة بل ربما أقصر مما يتخيل البعض. طفل لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره نظيف مرتب من أسرة متوسطة، يهوى الألعاب الالكترونية التشاركية أو الجماعية التي تلعب عبر الشبكات الاجتماعية الالكترونية والتي غزت المجتمعات العربية ومجتمعات العالم الثالث دون استعداد أو هضم مناسب للتعامل معها. شارك اللعب عن بعد مجموعة من الأشخاص على مدى أسبوع، أو أكثر، ثم بدأت علاقة تنشأ بين الطفل وبين احد اللاعبين الذي أبدى للطفل إعجابه بمهارته في اللعب، وامتدح قدراته، وأخبره أنه يملك برامج خاصة تساعد اللاعبين على تحقيق أعلى الدرجات، وتمكنهم من هزيمة الخصوم، وانه أحضر هذه البرامج من بلاد بعيدة وأغرى الطفل بالحصول على هذه البرامج خلال هذه المدة بمقابل زهيد جدا. الغريب أن المجرم الالكتروني يقطن في الشارع الخلفي مباشرة للشارع الذي يقيم فيه الضحية، وبعد إلحاح وإغراء من المجرم، وفي احد الأيام غادر الطفل منزل أسرته بعد صلاة العصر متوجها لمنزل المجرم الالكتروني للحصول على البرامج المعززة للعب والفوز، وقبل صلاة المغرب كان ملقى من الدور الرابع ميتا على أرضية الشارع وعلى جسمه آثار اعتداء وبطريقة وحشية جدا. لن أصف اللقطات التي تحدث فيها والد الطفل، ووالدته وشقيقه الأصغر، عن صدمتهم مما حل بابنهم. لان كل هذه المشاهد رغم ما اعتقد انه جرى عليها من التعديل المهني والمونتاج التلفزيوني مؤثرة، وقاتلة وتمزق نياط القلوب. القاتل المجرم ظهر في لقطات بوجه مموه، وكانت اعترافاته تصل للمشاهدين بصوته. حاول أن يبرر موقفه ولكنه يبقى مجرما ومريضا ومختل السلوك وعدوا للمجتمع. بقي هناك أمران أجد من المهم التوقف عندهما، الأول الدور الاجتماعي المباشر، والذي يجب أن ينطلق من الأسرة ورقابتها ومتابعتها للأبناء والبنات، وأشير إلى هذه الجزئية لان الطفل أخبر والدته وهو يغادر المنزل بأن سيزور صديقه. ولكن الأم لم تسأل من هو هذا الصديق، وكيف أصبح صديقا لابنها، وأين يقيم؟ ولماذا يذهب ابنها إليه؟. والأمر الآخر، يمكن ملاحظته من خلال آراء المختصين في القانون والعقوبات والجهات التشريعية والرقابية في المجتمع والتي أظهرت لي على الأقل من خلال برنامج عابر في قناة فضائية عربية القصور المروع في هذا الجانب في مواجهة الجرائم الالكترونية عموماً وتلك التي يكون ضحاياها الصغار من فلذات الأكباد. المفزع بحق أن الجريمة بشكلها الحديث وعبر الفضاءات الالكترونية التي أصبحت لصيقة بحياة الصغار والكبار تتطور بصورة مذهلة تبعا للتطور السريع الذي يشهده قطاع التقنية والاتصالات، وفي المقابل لا تزال التشريعات والرقابة الاجتماعية متأخرة عما يحدث في الواقع. أتمنى، وأتطلع إلى أن يكون هناك موقف جماعي للدولة وللناس وللقانون تجاه هذا السيل الجارف، لكيلا تبقى قلوبنا ضحايا مجانية للتقنية. منزل واحد وعناوين مختلفة أ.د فريال الهاجري تعيش بعض الأسر في الآونه الأخيرة بوحدة قاتلة، في منزل يتكون من أشخاص عدة، ولكل شخص حياته الخاصة، يلازمه جواله الآيفون iPhone أو الآيباد iPad أو الآيبود تتش iPod Touch أكثر من والده أو والدته أو أي أحد من أفراد أسرته. وفي ذلك الجهاز الصغير حياة أخرى فيه العلم والعمل والثقافة والمتعة والفكاهة التي تملأ حياته، وتسد فراغه، وتحقق مراده . فقد أصبحت التقنية جزءاً أساسياً من حياتنا، نستمتع بها في كمالياتنا، ونرتكز عليها في حاجاتنا الأساسية. تلك الآلة الصغيرة سلبتنا حياتنا الجميلة بقضاء أوقات دافئة برفقة الأهل والأصحاب فأصبحنا في منزل واحد ولكن لكل منا عنوان مختلف بسبب التقنية التي تغلغلت حياتنا وحياة أبنائنا بعمق شديد، فهي لا تنتظر أحدا، ولا يمكن لأحد أن يقف في وجهها. المشكلة لا تقف عند هذا الحد، وإنما تتجاوزه بأن الصغير والكبير أصبحا يملكا هذا الجهاز الذي يحوي ما ينفع وما يضر، فالعاقل منا يستقي منه ما ينفعه، والجاهل أو الصغير الذي لا يميز بين الضار والنافع، والخير والشر يكون عرضة للانجراف عقلاً وجسداً، فهي مصدر شقائنا، ووسيلة لانتهاك براءة أطفالنا، وضياع شبابنا وعندما تقع الواقعة لا ينفع صوت ولا عتاب. والجدير بالذكر أن التحكم بالأطفال مقدور عليه بأن نحدد أوقات دخولهم ونراقبهم ونعلمهم الطرق المثلى للتعامل معها والاستفادة منها؛ كي لا يقعون في مضار هذه الممنوعات، ناهيك عن وضع قيود على البرامج التي لا نحبذ دخولهم عليها باستخدام أيقونة Restrictions أفضل من المنع والحرمان الذي قد تكون له مضار لا حصر لها على نفسية الطفل وتصرفاته فهذا ما لا نريده لأطفالنا لنضمن لهم مستقبلاً أفضل. يأتي دور الشباب أو الرجال الناضجين من لا يمكن مراقبتهم أو ضبطهم إلا بأنفسهم لأنفسم أن يعوا جيداً أن هناك غزوا فكريا يحيط بنا ويتربص لنا ويهدد أمننا واستقرارنا ويسيء لأخلاقنا الموروثة سواء بتضليلنا بأفكار منحرفة إما بالتشدد والغلو، وإما بالانحلال والانحراف في الفكر، بأن لا ننظر لها، ولا ندعها تأخذ جزءا من أوقاتنا الثمينة، ومكانة في أجهزتنا المفيدة. وأن نسخر تلك الأجهزة لمنفعتنا وليس لمضرتنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ). فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون. وأخيراً، كل ما نتمناه جميعاً أن يمن الله علينا بالأمن والأمان، وأن ترجع قلوب الناس إلى الصفاء كسابق عهدها في تواصلها فيما بينها، وصلة رحمها بمحبة وود واحترام.