على الراديو، يشير الخبر الشارد إلى أن لجنة استشارية تدرس مع وزارة العمل "قفل نشاط الشارع التجاري السعودي عند التاسعة مساءً عدا بعض المطاعم والصيدليات ومحطات الوقود على الطرق السريعة". وإذا صح هذا الخبر، وبدأت مسيرة التنفيذ، فسأقول إن مثل هذا القرار سيكون القرار التصحيحي الأروع والأجمل والأكبر والأطول والأعرض في كل تاريخ قراراتنا الإدارية. سيكون مثل هذا القرار التاريخي أروع صيغة قرار لإنقاذ نسقنا الاقتصادي، لأنه سيجعل "ابن الوطن" في موضع المنافسة مع المحتكر الوافد، وسيكون هذا القرار أيضاً أجمل قرار إنقاذ لبنيتنا الاجتماعية لأننا وبكل شفافية: تعبنا ونحن نسأل عن أطفالنا وأولادنا في الشوارع المفتوحة إلى صلاة الفجر. كل أب وأم، وكل رب أسرة في هذا الوطن، ينتظر مثل هذا القرار التاريخي، لأننا تعبنا بصدق من "تساوي" الليل بالنهار! نريد أن نعود إلى روح العائلة المجتمعة بعد "العشاء" مثل كل مجتمعات الأرض. خذوا هذه الحقائق: أشهر شوارع أوروبا في الميزان التجاري هو شارع أكسفورد اللندني الذي يقفل تماماً عند السابعة، فيما عدا السبت حين يمدد لساعة إضافية. أشهر الشوارع التجارية الأميركية هو شارع "فيفث أفنيو" النيويوركي الذي يغرق في الظلام عند الثامنة مساءً، رغم أنه "أم الدنيا" التجارية. تتصدر "ميلانو الإيطالية" سوق أشهر ماركات العالم: وبالقرار تغلق تماماً عند الساعة السابعة. هنا: نحن خلقنا سوقاً مفتوحة طوال اليوم كي يبقى صحن الفلافل وكبسة المضغوط متاحة لأولادنا حتى الثالثة قبل الفجر، وخذوا في المقابل: تقفل شوارع الأمم المتحضرة عند الثانية وما زال الأميركي يصنع "البوينج" في سياتل، والفرنسي يعيد تركيب "الإيرباص" في "قولوز"، ومثله البريطاني يصنع "الرولزرويس" بمعدل عشر سيارات في اليوم في "لوتون". وخذ في المعدل، أن الإنجليزي الأصيل ينام في التاسعة وبعده الفرنسي بنصف ساعة. هنا ما زال "قدر الكبسة" على النار عند الثالثة منتصف الليل.