ارتفع الين الياباني واليورو أمس بفعل مخاوف بشأن الاقتصاد الصيني؛ إذ تخلص المستثمرون من رهاناتهم على العملتين اللتين تستخدمان على نطاق واسع لتمويل مراكز في أصول تنطوي على مخاطر أعلى. ووفقا لـ "رويترز" باع المضاربون والمستثمرون العملات ذات العائد المنخفض لشراء العملات والأسهم ذات العائد المرتفع من أجل عوائد أفضل. وعزز استطلاعان للصناعات التحويلية والخدمات في الصين المخاوف من تفاقم التباطؤ الاقتصادي بينما هبط مؤشر نيكي للأسهم اليابانية نحو 4 في المائة عند الإغلاق وهبطت جميع الأسهم الأوروبية خلال تعاملات أمس. وتراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية أكثر من 2 في المائة مما يشير إلى بداية ضعيفة في وول ستريت. وقال يوجيرو جوتو محلل أسواق الصرف في نومورا: "المخاوف بشأن الصين محرك رئيس لأسواق العملات وكانت مؤشرات مديري المشتريات أضعف وهذا ليس جيدا للرغبة في المخاطرة بشكل عام... تعزز الدولار بتدفقات نهاية الشهر ويبدو أن ذلك انحسر". وهبط الدولار أكثر من 1 في المائة إلى 120 ينا بعد أن تراجع عن مستوى 121.76 ين الذي حققه الأسبوع الماضي. وارتفع اليورو 1 في المائة إلى 1.1332 دولار خلال التعاملات في لندن ليعزز تعافيه من انخفاضه الأسبوع الماضي لأدنى مستوى في أسبوع عند 1.1156 دولار. ووصل في آخر التعاملات خلال أمس إلى 1.1265 دولار وما زال مرتفعا 0.6 في المائة. وتوقع مورجان ستانلي أمس أن يصل اليورو إلى 1.15 دولار بنهاية الربع الثالث من العام في ظل دوره كعملة للتمويل وبالنظر إلى الفائض في الحساب الجاري في منطقة اليورو. وعلى صعيد نشاط قطاع التصنيع في الصين انكمش بأسرع وتيرة في ما لا يقل عن ثلاث سنوات في آب (أغسطس)، حيث سجلت الطلبيات المحلية وطلبيات التصدير تراجعا حادا مما عزز مخاوف المستثمرين بشأن قوة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وما يزيد من القلق أن قطاع الخدمات الصيني الذي كان أحد النقاط المضيئة في اقتصاد البلاد المتعثر أظهر هو الآخر إشارات على التباطؤ كما جاء في مسح مشابه للمسح الذي جاءت فيه نتائج نشاط قطاع التصنيع. ومع ما يعانيه بسبب تراجع الطلب والاستثمارات في ظل زيادة الطاقة الإنتاجية عن المطلوب تضرر الاقتصاد الصيني أيضا من هبوط الأسهم وتخفيض قيمة اليوان بصورة مفاجئة فيما أسماه البعض "عاصفة مكتملة" من العوامل تضرب الأسواق العالمية وقد تضر العلاقات بين الصين وكبار شركائها التجاريين. وقال وزير المالية الياباني تارو إسو أمس إنه سيكون مفيدا لمجموعة الاقتصادات العشرين الكبرى أن تناقش خلال اجتماعها المزمع هذا الأسبوع ما يحدث في الاقتصاد الصيني. وقال بيل آدامز كبير الاقتصاديين لدى مجموعة بي.إن.سي للخدمات المالية إن "الاضطرابات في أسواق المال جعلت الشركات والمستهلكين الصينيين أكثر حذرا" في إشارة إلى تراجع الأسهم الصينية أكثر من 40 في المائة منذ حزيران (يونيو). وقال آدامز إن الاقتصاد الصيني قد ينمو بنحو 6.5 في المائة خلال النصف الثاني من العام و6.2 في المائة في 2016. ويعتقد بعض المحللين أن مستويات النمو دون ذلك بالفعل ما يضع مستوى النمو الرسمي الذي تستهدفه الصين والبالغ 7 في المائة على المحك. وتسببت الأنباء حول تراجع أحوال الأعمال في موجة جديدة من بيع الأسهم الصينية، حيث هبط مؤشر سي.إس.آي 300 لأسهم الشركات الكبرى المدرجة في شنغهاي وشنتشن 4 في المائة مؤديا إلى تراجع الأسهم في أنحاء آسيا إضافة إلى أسواق العقود الآجلة للأسهم في الولايات المتحدة. وقال مختصون إن القراءات السيئة تؤكد المراهنة على أن الصين التي خفضت أسعار الفائدة خمس مرات منذ تشرين الثاني (نوفمبر) يتعين عليها تخفيف سياستها النقدية مرة أخرى في وقت قريب لتجنب تراجع الاقتصاد بشكل أكثر حدة بما قد يؤثر على النمو العالمي حتى في ظل تأهب البنك المركزي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة. وقال المكتب الوطني للإحصاءات أمس إن المؤشر الرسمي لمديري المشتريات بقطاع التصنيع تراجع إلى 49.7 الشهر الماضي من القراءة المسجلة في تموز (يوليو) والبالغة 50.0 متماشيا مع توقعات استطلاع للرأي أجرته رويترز لكنه الأدنى منذ آب (أغسطس) 2012 وأقل من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. وهبطت الطلبيات الجديدة - وهي مؤشر على الطلب الداخلي والخارجي - إلى 49.7 في آب (أغسطس) مقابل 49.9 في تموز (يوليو) كما انكمشت طلبيات التصدير الجديدة للشهر الحادي عشر على التوالي. وأشار مسح خاص لكاسينماركت ركز على المصانع الصغيرة إلى هبوط أكثر حدة مع تراجع القراءة النهائية لمؤشر كاسين ماركت لمديري المشتريات إلى 47.3 في آب (أغسطس) وهي أدنى قراءة منذ آذار (مارس) 2009. وأظهر المسحان أن عمليات تسريح العمالة في قطاع الصناعات التحويلية سجلت أعلى وتيرة مع تقلص حجم الطلبيات من المصانع. كما تظهر شركات الخدمات الصينية إشارات واضحة على الضعف إلى درجة تجعل النمو في هذا القطاع غير كاف ربما للاستمرار في تعويض الضعف المستمر في قطاع المصانع. وتراجعت القراءة الرسمية لقطاع الخدمات قليلا إلى 53.4 نقطة لكنها ظلت في منطقة النمو إلا أن مؤشر مديري المشتريات في القطاع سجل هبوطا حادا إلى 51.5 وهو أدنى مستوى له منذ تموز ( يوليو ) 2014. وأدى هذا إلى تراجع مؤشر مجمع لمديري المشتريات يضم قراءات المصانع والخدمات إلى أقل من 50 نقطة للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل) 2014. وفي إشارة أخرى إلى انتشار ضعف الاقتصاد لقطاع الخدمات أظهر مؤشر كاسين/ماركت لمديري المشتريات بقطاع الخدمات تراجع سوق التوظيف للشهر الـ22 على التوالي في آب (أغسطس)، حيث هبط التوظيف في قطاع الخدمات إلى مستوى 50.1 وهو مستوى يجعله بالكاد في منطقة النمو. وقال اقتصاديون في بنك أيه.إن.زد "نعتقد أن هناك حاجة لتخفيف السياسة النقدية بشكل أكبر ولسياسة مالية فاعلة إلى جانب التحرير المالي من أجل المحافظة على نمو بنحو 7 في المائة." وأظهرت عدة تقارير أرباح من المصارف الصينية الكبرى الأسبوع الماضي وأن هذه المصارف تكافح في ظل أبطأ نمو للأرباح في ست سنوات على الأقل وزيادة القروض المعدومة، وأن هبوط أسواق الأسهم في الأسابيع الأخيرة يرجح الحد من إسهامات القطاع المالي في الأشهر القادمة. وقال هي فان كبير الاقتصاديين لدى كاسين انسايت جروب إن "التقلبات الأخيرة في أسواق المال العالمية قد تؤثر على الاقتصاد الحقيقي وربما تصبح النظرة المتشائمة للمستقل ذاتية التحقق". وأطلقت السلطات الصينية أكبر حملة لتخفيف السياسة المالية منذ الأزمة المالية العالمية في عامي 2008-2009 في مسعى لوضع حد لتراجع النمو. لكن البعض يتشكك في مدى فاعلية المزيد من التخفيف في السياسة النقدية في ظل تحذير البعض من "فخ سيولة" إذا واصلت الصين ضخ السيولة في سوق آخر، ما تريده الشركات فيه هو تحمل المزيد من الديون. وكانت آخر مرة تخفض الصين فيها سعر الفائدة في 25 آب (أغسطس) عندما أقدمت أيضا على تخفيض حجم الاحتياطيات النقدية التي يتعين على المصارف الاحتفاظ بها للمرة الثانية في شهرين.