يبدو أيها الإخوة والأخوات أن صبرنا قد نفد وجهودنا وصلت إلى نهاية مسدودة من أجل كشف السر الكامن وراء استمرار مشكلة مزمنة وعويصة تعاني منها كل مدننا بلا استثناء. شحذنا كل قوانا العقلية وخبراتنا لكننا لم نصل إلى نتيجة، ولأنه في نهاية الأمر كما هو الحال في بقية مشاكلنا، كان لا بد من الاستعانة بالخبرات الأجنبية التي تملك قدرات خارقة، وكانت مدينة جدة التي تسجل لها مبادرات في أشياء كثيرة هي التي سبقت الجميع واستعانت بالله لتنفيذ الفكرة من خلال أمانتها الموقرة. بكل تأكيد أنتم تتلهفون لمعرفة هذه المشكلة الإعجازية التي فشلنا في معرفة أسبابها واضطرتنا للاستعانة بالخبراء الأجانب، حسنا تابعوا معنا. في صحيفة المدينة ليوم قبل أمس الاثنين خبر مثير يفيد بأن أمانة جدة لم يكن أمامها خيار لمعرفة الأسباب الغامضة لظهور الحفر والتشوهات في شوارع جدة سوى تكليف إحدى الشركات الأجنبية المتخصصة التي استنفرت عقول خبرائها الجبارة وإمكاناتها الخطيرة لإنقاذنا من ورطتنا المحيرة، وبعد وقت من وصول الشركة المنقذة وبحث القضية من كل جوانبها وسبر أغوارها بعقد لا تعلم قيمته سوى الأمانة، توصلت إلى كنه السر الذي حيرنا وأفادتنا جزاها الله خيرا بالآتي: يا قوم إن المتسببين في الحفر المزمنة وكل العاهات والتشوهات في شوارع مدينتكم هم ثلاث جهات رئيسية: شركة الكهرباء وشركة المياه وشركات الاتصالات. شكرا يا أمانة جدة على هذا الاهتمام، ولكن لو أنك وفرت المال والوقت والجهد بتشكيل لجنة في كل شارع لسؤال المارة، أو تم توزيع استبيان على كل منزل في جدة لتحديد أسباب الوضع المزري للشوارع لما اختلفت النتيجة عن تلك التي توصلت إليها الشركة الأجنبية المتخصصة. وهذه الحقيقة معروفة وواضحة لدى أجيال متعاقبة من سكان جدة وبقية مدن المملكة. أما الغريب حقا فهو عدم ورود إسم الأمانة ضمن الجهات المتسببة، وهنا قد يمد أحدكم لسانه في وجهي قائلا: يا شاطر كيف تتوقع من الشركة تحميل الأمانة أي مسؤولية وهي التي كلفتها بهذه الدراسة العبقرية ودفعت قيمتها!!