قبل قرابة العام من الآن وتحديدا بتاريخ 18/10/2014، كتبت مقالا في هذه الصحيفة بعنوان "كيف ضاع حق هذه الطفلة في التعليم؟" تحدثت فيه عن طفلة تأتي برفقة والدتها التي تقوم بأعمال خدمية غير رسمية في مقر عملي، وتشاركها صغيرتها العمل وملازمتها بدلا من الذهاب إلى المدرسة على الرغم من وصولها للسن النظامية للالتحاق بالتعليم، وها هو العام الدراسي الجديد بدأ منذ أسبوع وما تزال تأتي إلى مقر عملي برفقة والدتها التي لم تستطع إلحاقها بالتعليم؛ لعدم وجود أوراق نظامية لها بسبب إهمال والدها وعدم سعيه إلى استخراج ما يثبت وجود هذه الطفلة حسب الأنظمة، ولا لتصحيح وضع والدتها؛ حتى تنال حقوقها كطفلة ومواطنة ضمنت لها الدولة الحق في التعليم والعلاج المجاني. أعيد الكتابة حول هذه القضية بعد عام انقضى من عمر هذه الصغيرة تعلمت فيه بدلا عن الحروف والحساب، معنى الخوف من فقدان والدتها التي تبرر لها عجزها عن عمل شيء حتى لا تفقدها و"تُرحّل" إلى بلدها لعدم نظامية بقائها، وتعلمت مبكرا معنى القلق من والد لا يبالي بشأنها، والقهر من مقارنتها لنفسها وهي ترى الصغيرات مثلها يرتدين اللون "الوردي" هذا العام وهي ما زالت تطارد حلم الاندماج بهن. تفاعل البعض مع قضيتها العام الماضي ووعد البعض الآخر بحل المسألة وعلى رأسهم رئيس فرع حقوق الإنسان بمنطقة عسير، ثم ذابت قصتها مع النسيان وخفت الحماس وتلاشى، والمثل حدث قبل أيام من تفاعل وحماس ووعود لحل القضية، وأخشى أن تمضي الأيام وننسى. في نظام حماية الطفل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/14 بتاريخ 3/2/1436، توجد عدة فصول تضم مواد تفصيلية تضمن حماية الطفل وبقاءه في أجواء سليمة نفسيا وجسديا واجتماعيا، منها على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في المادة الثالثة التي تشرح بعض حالات الإيذاء والإهمال التي قد يتعرض لها الطفل ومنها: - إبقاؤه دون سند عائلي. - عدم استخراج وثائقه الثبوتية، أو حجبها. - التسبب في انقطاعه عن التعليم. - وجوده في بيئة قد يتعرض فيها للخطر. - سوء معاملته وبإسقاط هذه الحالات على وضع الطفلة محل الحديث في هذا المقال، نجد أنها حتى اليوم منذ ولادتها في منتصف شعبان عام 1429-حسب شهادة التطعيم التي تعد الوثيقة الوحيدة التي تملكها الأم لها وتوجد أمامي الآن- نجد أنها دون سند عائلي، وأن والدها المسؤول المباشر عنها لم يستخرج لها حتى اللحظة أي أوراق ثبوتية بحجج واهية مرات، ومرات أخرى بالتهرب وإعلان عدم ضرورتها إليها، وهذا تسبب في عدم التحاقها بالتعليم؛ مما يعد إضرارا بالصغيرة نفسيا واجتماعيا، أما النقطتان الأخيرتان في المواد المذكورة أعلاه، فأنا لا أستبعدهما ما دام أن والدها لم يهتم بهذا الحق المفصلي لها طيلة هذه الأعوام، والذي تستطيع من خلاله العلاج والتعلم لتضمن على الأقل مستقبلا كريما وسويا لها، لا أستبعد أن تمتد لها يد أذى بطريقة أو أخرى منه، أو من غيره خاصة وأنه لا يوجد ما يثبت وجودها إلا هذه البطاقة الخضراء، أو لأسباب أخرى لا يمكن ذكرها هنا. جميع هذه المعطيات حول وضع هذه الصغيرة تتطلب تدخلا سريعا ولو بصفة إنسانية في البدء؛ حتى تتم جميع الإجراءات النظامية في حق الطفلة ووالدتها المقيمة التي بسبب عدم نظامية إقامتها تخشى انفصالها عن صغيرتها، وإلحاق ضرر أكبر بها. ونعلم أنه توجد حالات كثيرة تشابه حالتها استطاعت الالتحاق بالتعليم عن طريق أوراق مؤقتة ومعاملات جارية في الجهات المختصة، ولعل النداء يكون هذه المرة في صالح الطفلة لا ضدها، وأن يجد له صدى للتعاون فيما يمكن العمل عليه لأجلها. وأن تكون مثل هذه الحالة بداية لتطبيق عملي وفعلي لنظام حماية الطفل الذي ذكرت إحدى الصحف المحلية قبل أسبوع من الآن أن البدء بالعمل باللائحة التنفيذية الخاصة به سيبدأ بعد 90 يوما، والذي لو طُبق مسبقا كما يجب لحُلّت كثير من الأمور التي تعانيها بعض الأسر بشكل عام والأطفال على وجه الخصوص، خاصة أولئك الذين قدر لهم أن يكونوا بين يدي والدين أحدهما أو كليهما مهمل أو مؤذٍ. ولمَا ضاق صدرنا وازدادت حيرتنا بما نسمع لاحقا من تساهل في حل بعض القضايا، وإصدار الأحكام التي يكون المجرم والمعتدي فيها الأب ويكون الحكم في صالحه تحت مبررات واهية، لو وجدت قبلها هذه اللائحة التنفيذية وطبق كامل نظام الحماية بشكل صارم وقانوني لما وصلت بعض الحالات لإزهاق النفس.