جمال الدويري التعليم شأن مجتمعي شعار طالما رفعته وزارة التربية والتعليم، أطرافه المدرسة والطالب والأسرة، يستظلون جميعهم بالوزارة وقراراتها ولوائحها، لكن الأخيرة دأبت مؤخراً على التفرد بقرارات تهم الميدان التربوي بعناصره كافة. شأن التربية شأن أسري، وقضاياها وقراراتها تطال أكثر من مليون نسمة، من طلبة ومدرسين وتربويين وعاملين، وهي بذلك تمس المجتمع بأكمله، ولا حديث مؤخراً، إلا عن المدارس والمناهج والمقاعد والزي، ولا شكوى ولا هم ولا إجازات إلا ترتبط بالحدث الأكبر الذي ينطلق اليوم، بدء العام الدراسي. الهم الذي يحمله وزير التربية والتعليم لا يحسد عليه، وكل كلمة أو قرار له، تحت مجهر آلاف البشر، لكن المتتبع لبعض ما صار مؤخراً، لا يضع الرجل في موقع الحسد، وطافت كمية الملامة وأحياناً الاستنكار ما عهده مجتمعنا. مديرو المناطق الذين قضوا سنوات طويلة في مواقعهم هم أدرى بشؤون الطلبة والمدارس هناك، ومن حقهم أن يظهروا على الإعلام ويصرحوا، ويتفاعلوا مع شكاوى الأهالي، ومن غير المنطقي أن يعود صحفي إلى وزارة التربية في دبي للسؤال عن موضوع في منطقة الفجيرة التعليمية. ثم إن كان مدير هذه المنطقة أو تلك غير مؤهل، فَلِمَ السكوت عليه من أساسه، أم أن الموضوع مرده احتكار الظهور في الإعلام، وهو ما ليس بحاصل، ولِمَ لا يوجد في وزارة بحجم وزارة التربية عشرات الأشخاص المهيئين للرد على الإعلام بفاعلية وشفافية؟ متى كان آخر مؤتمر صحفي عقدته وزارة التربية وتحدثت فيه إلى الأهالي من خلال الصحافة والإعلام؟ لِمَ قراراتها أصبحت مفاجئة؟ هل مجلس المعلمين البالغ عددهم 220 معلماً، يدرون بما يحاك في الوزارة قبل اتخاذ القرارات، أم أن حالهم من حالنا؟ لِمَ أصبحنا نخضع لسياسة كل وزير، وتدار الوزارة ومعها آلاف المدارس والطلبة وفق ما يستجد بباله من طرائق ووسائل جديدة للتعليم؟ لِمَ لم نصل حتى اليوم إلى استراتيجية واضحة المعالم للتعليم، يخطط لها وتناقش بشكل مستفيض وتقر ما يجعل منها مسار حياة لدولتنا؟ إلى جانب ذلك، لا ننسى التكلفة المادية الضخمة التي تتحملها الدولة جراء المبادرات التي يفترض لها أن تخدم العملية التعليمية وتحاكي في الوقت نفسه المتغيرات العالمية في المجال التعليمي. في فنلندا مثلاً، لا يصدر أي قرار قبل طرحه للنقاش والتداول، فهل تعلمون أن وزيرة التعليم والعلوم هناك التي تتصدر بلادها في السنوات الأخيرة قمة الدول صاحبة أفضل وأنجح نظام تعليمي في العالم، ناقشت خلال لقاء جمعها مع وفد صحفي عالمي يضم صحفيين من (مصر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والهند وروسيا وأوكرانيا وتركيا) خطة إعادة هيكلة النظام التعليمي في بلادها، وأبدت استعدادها للتعاون مع أي دولة أو شخص لسماع فكرته، ونحن نمنع مدير منطقة أو مدرسة من التصريح لصحيفة عن استعدادات منطقته للعام الدراسي. jamal@daralkhaleej.ae