تميزت العمارة في الحضارة الإسلامية بتنوعها الفني والأسلوبي، وبرزت العديد من العمائر الجديدة التي استخدمت لأغراض متعددة ومختلفة، ومن هذه العمائر ما يعرف بالأربطة، والرباط في الأصل كان يطلق على إعداد الخيل وربطها وملازمة الثغور استعداداً للجهاد في أية لحظة، ثم أطلقت على البناء نفسه الذي يضم المقاتلين المتطوعين والفدائيين الذين يجمعون فيها بين حياة الجهاد وحياة العبادة. أي أن إقامة الأربطة يرجع لسببين ديني وسياسي حيث كان يقيم فيه المحاربون وينقطعون للعبادة، ويستعدون للجهاد متربصين بأعداء الدولة، ومن هنا أكثر العرب من بناء الأربطة خاصة على حدود دولة الروم في المشرق وفي المغرب وثغور الأندلس، حتى إن دولة كبرى من دول المغرب العربي عرفت باسم دولة المرابطين، وكان لها دور في إرسال الأخبار المهمة إلى المدن عن طريق الإنذار السريع عند تعرض البلاد لخطر ما. أما تخطيط الأربطة فهو متشابه المسقط المستطيل الذي يتوسطه صحنه، كما أن مصلاها يقع في الناحية القبلية، أما النواحي الأخرى ففيها قاعات لسكنى المرابطين، كما تحيط بها أسوار مزودة بأبراج ركنية وضلعية، ولها مدخل واحد وطبقتان اثنتان، وفي بعض الأربطة كان يوجد مكان لإقامة البنات اليتيمات والنساء الأرامل والمطلقات، ومن أهم الأربطة تلك التي أنشئت في المغرب العربي: المنستير، والرباط، وسيدي ذويب، وغيرها الكثير. ويرجع رباط المنستير إلى سنة 180 ه /796م، وبني على يد هرثمة بن أعين والي العباسيين على إفريقيا، وهو مربع الشكل طول ضلعه 32 متراً يتوسطه صحن في وسطه بئر، وحول الصحن حجرات من طابقين كان يقيم فيها المرابطون، عدا حجرات الضلع الجنوبي فيرجح أنها كانت اسطبلات خيل، وأمام الحجرات ظلة تستخدم في الوقت نفسه ممراً للطابق الثاني، ولم يتبق من تلك الحجرات غير حجرات الضلع الجنوبي، أما الطابق الثاني فكان فيه المسجد الذي يقع محرابه فوق المدخل مباشرة، ويتكون من سبع بلاطات مغطاة بأغطية طولية عمودية على حائط القبلة. ويحيط الرباط سور خارجي في أركانه أبراج للمراقبة دائرية الشكل فيما عدا البرج الشرقي الذي يغلب عليه التربيع، وفوق البرج تقوم منارة أسطوانية تبدأ من مستوى سطح قصر هرثمة الذي يقع داخل الرباط، أما المدخل فيقع في محور الجدار الجنوبي، وهو قائم الزاوية، ويؤدي إلى دهليز مستقيم يقود إلى الصحن. ويعد رباط سوسة الذي بني على يد زيادة الله ابن إبراهيم الأغلب من أجمل الربط الإسلامية، وتميزت عمارته بالقوة والرصانة والتقشف وغلب عليه الطابع العسكري، وهو عبارة عن مربع طول ضلعه 39 متراً، ويتوسطه صحن يحيط به أروقة من ثلاث جهات تحملها دعائم مغطاة بأقبية بعضها نصف أسطواني وبعضها الآخر متقاطع، ويوجد خلف كل رواق من الأروقة الثلاثة مجموعة من الغرف عمودية على الجدران الخارجية يبلغ عددها 26 غرفة ليس لها نوافذ على الخارج، بل أبواب تفتح على الأروقة، أما مجموع الغرف في الدور الأرضي فيبلغ ثلاثاً وثلاثين غرفة متباينة المساحة.