بالنسبة للموظف وساعات إنتاجه أقول إن زمن الهاتف (أبو هندل) كان وفير الأداء الوظيفي، قصدي الإنتاج الذي يبذله الموظف أثناء الدوام الرسمي. لم يكن الموظف يُشغل نفسه بالحديث بجواله أمام المراجعين. رأيتُ شخصيّاً موظفاً حكومياً قد تجاهل رتل (طابور) المراجعين وبدا عليه أنه يعبث بالجوال، ليته كان يتحدث، لربما وجدنا العذر له على اعتبار أن للحديث صلة بمعاملة أو نحوها، إذا افترضنا حسن النية عند المراجع. في منتصف الستينات الميلادية قامت شركة أجنبية متخصصة بتطوير الأداء الوظيفي، بدراسة ومسح ميداني للعمل الحكومي في بلادنا، وخرجت باستنتاجات كان من بينها أن الموظف الحكومي يُنتج فقط ما مقداره ساعتا عمل من الدوام المقرر. وأعتقد أن الساعتين تلك كانتا حدّاً كافياً إذا قارنا الحال الماضية بالحال المعاصرة. ففي السابق - قصدي وقت الدراسة تلك - قلما نجد موظفاً ينشغل بشؤونه الخاصة التي تُبعدهُ عن حياته العملية كما هي عليه الحال الآن. فالمحيط العملي للموظّف كان أكثر ملاءمة وراحة. فلم يكن يوجد آنذاك ما يُقلق، أو يجعل أعصاب الموظف متوترة على الدوام. وكان الموظف متمكناً من قضاء مصلحته إذا كانت خارج عمله باستئذان بسيط لا يأخذ من وقته الكثير، مقارنة بالاستئذان في الوقت الحاضر، حيث اكتظاظ السير وصعوبة الحصول على موقف السيارة والوقوف في أرتال (طوابير) وأرقام الخدمة. أقول لو أن تلك الشركة رأت ما نحن عليه الآن فما عساها أن تكتب في تقريرها. ثم إن تلك الشركة قامت بالدراسة وقدمتها للحكومة قبيل تعميم الهاتف الأتوماتيكي في الدوائر (كان الهاتف يسمى أبو هندل). أي لم يكن هناك وسيلة تجعل المسؤولين ينشغلون عن المُراجع بالحديث مع الأصحاب، في أعمال غير ذات صلة بالوظيفة. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net