الكثير منا يستعد ويجهز لعودة أبنائهم إلى المدرسة بعد إجازة صيفية مليئة بألوان المرح والتسلية، وبدأت الخطوات تقترب أكثر نحو أبواب المدارس، فبالرغم من كون الصيف وقتاً ممتعاً للجميع، لما يحدث فيه من ترابط وقضاء وقت مميز مع الأهل، إلا أن العودة إلى المدرسة تكون دائماً موضع ترحيب، لكن لطالما كان اليوم الدراسي الأول من أكثر الأيام اضطراباً، لما يغمر الآباء والأبناء من مشاعر مختلطة، تمزج بين السعادة والقلق المرتبط بتساؤلات كثيرة تراود أذهان الآباء: كيف سيكون اليوم الدراسي الأول للأبناء؟ من سيكونون زملاؤهم الجدد؟، هل سيتمكنون من تكوين صداقات جديدة؟، هل سيتكيفون مع الأوضاع الجديدة؟، وما المطلوب منهم أكاديمياً في هذا الصف؟ هل سينالون رضا مدرسيهم؟، وغيرها من التساؤلات التي تشعر أولياء الأمور بنوع من القلق والتخوف. ولتخفيف هذه المخاوف ومساعدة أطفالنا على الاستعداد النفسي للعودة إلى المدرسة وتهيئتهم للانتقال من حالة الإجازة بكل ما فيها من أوقات المرح والسهر والراحة، إلى حالة الدراسة والالتزام، فقد أكد عدد من التربويين على أهمية تهيئة الأبناء بمختلف أعمارهم لاستقبال العام الدراسي الجديد، بدءاً من تغيير العادات السلوكية اليومية التي كانت متبعة خلال الإجازة، مروراً بالاستعداد النفسي والذهني وتقييم أداء السنة الماضية، مشددين على أهمية تكاتف جهود الأسرة مع إدارة المدرسة وتهيئة أطفال الروضة وطلاب الصف الأول على تكوين اتجاه نفسي إيجابي نحو المرحلة الدراسية الجديدة، فهناك مجموعة من النصائح والقواعد التي قد تساعدنا في ذلك: أولاً: تنظيم النوم، فبعدما مرت أوقات العطلة الصيفية بشكل غير منتظم، أو بدون رقابة، فقد حان الوقت الآن للعودة إلى النظام تدريجياً، بحيث نحاول تقديم وقت نوم أطفالنا شيئاً فشيئاً، بدءاً من عشرين دقيقة إلى نصف ساعة كل يوم، حتى يتم تنظيم النوم، بما يضمن استيقاظهم بكل نشاط وحيوية في اليوم الأول من المدرسة. ويجب تثبيت مواعيد تناول الوجبات الغذائية، وكذلك اختيار نوعية الوجبات الطازجة والعصائر والسكريات الطبيعية التي تساعد على زيادة النشاط والانتباه والتركيز المطلوب للتحصيل العلمي. وعلى الآباء إشراك أبنائهم في التحضير للمدرسة، من خلال اصطحابهم لشراء الكتب والحقائب ومستلزمات المدرسة، والمساعدة في وضع بطاقات أسمائهم على ممتلكاتهم، فمشاركة الأطفال في هذه الأعمال، تشعرهم براحة نفسية أكبر. كما أن التحدث مع الأبناء حول مخاوفهم ومشاعرهم وتوقعاتهم لهذه السنة الدراسية، شيء ضروري. وبما ان التعليم قضية مجتمعية، فلا بد أن يشارك فيها جميع الأطراف، من الأسرة والمدرسة، وذلك لتأدية الرسالة على أكمل وجه، وذلك بتوثيق الصلات بين البيت والمدرسة، ومتابعة أولياء الأمور للتحصيل العلمي لأبنائهم بشكل مستمر، فالعديد من الدراسات والبحوث التربوية، تؤكد على وجود علاقة إيجابية بين مشاركة أولياء الأمور ومستويات تحصيل الطلبة وسلوكياتهم واتجاهاتهم، فهذه المشاركة تعمل على زيادة الدعم المعنوي للطلبة. وإعطاء مساحة لممارسة الهوايات، لما لعملية إشباع الهوايات من تأثير ودعم إيجابي في عملية تنمية الشخصية، وبالتالي، ينعكس ذلك على الإنتاج الدراسي والتميز. كما يجب على الآباء تعزيز التواصل مع الطفل، وذلك بطرح تساؤلات عن كيفية قضائه اليوم الدراسي، وأبرز الأحداث التي حصلت له، لمعرفة ما يحصل داخل المدرسة. وبالتالي، من الممكن الحصول على معلومة حقيقية سلبية كانت أو إيجابية عن وضع الأبناء، مع الإصغاء التام له، ومدحه وتشجيعه على مواصلة الالتزام، ويجب على أولياء الأمور إبلاغ المدرسة بأماكن وجودهم، وكيفية الاتصال بهم في حالات الطوارئ، وإطلاع المدرسة على احتياجات الأبناء الخاصة، لضمان نجاحهم دراسياً واجتماعياً، وإشعار المدرسة بأي مشكلة تواجه الأبناء، والتعاون مع الاختصاصي الاجتماعي في استخدام الأساليب الإرشادية والتربوية لمساعدتهم على التوافق السليم. ومن الضروري المواظبة على حضور جميع المناسبات المدرسية التي يشارك فيها الأبناء، فوجود الآباء يؤكد لهم أهميتهم، وعلى الآباء أن يبدوا اهتمامهم بواجبات أبنائهم المنزلية، فذلك سيشجعهم على العمل بشكل أفضل، وأن يكونوا قدوة لأبنائهم، وأن يمدحوهم على جهدهم وطريقة تحضيرهم للواجبات، وليس على النتيجة النهائية فقط. فالاستعداد لدخول عام دراسي جديد، لا يتمثل فقط في توفير متطلبات الدراسة من زي مدرسي أو دفاتر أو أقلام ومواصلات وغيرها، بل هو استعداد بمعناه الشامل، الذي يفوق حدود الاستعدادات المادية، ليغطي الجانب النفسي والمعنوي والاجتماعي. نتمنى لجميع الطلاب والطالبات التوفيق والنجاح في عامهم الدراسي الجديد.