سجلت القوة الشرائية لمواد البناء والكهرباء والأدوات الصحية والأسمنت حاليا انخفاضا بنسبة بلغت 30 في المائة، وذلك بسبب ركود الحركة الإنشائية العقارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة (المنازل والمحال التجارية) في السوق المحلية السعودية، نتيجة ندرة العمالة الأجنبية النظامية المتخصصة في قطاع الإنشاءات. ويشهد القطاع هذه الأيام حالات ترقب من قبل المختصين والمستثمرين والمستهلكين لواقع ومستقبل القطاع بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة، ولا سيما أن المقاولين الصغار غير النظاميين في السعودية يديرون 70 في المائة من أعمال المقاولات المستفيد منها الأفراد، إما لبناء المنازل أو المحال التجارية الصغيرة. ركود في عملية شراء مواد البناء. وقال لـ "الاقتصادية" فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين في مجلس الغرف السعودية، إن قطاع الإنشاءات يشهد في الوقت الحالي تراجعا غير مسبوق في حركته العمرانية، ذلك بسبب العماليات التصحيحية التي تقوم فيها الجهات الرسمية السعودية، ولا سيما في مجال بناء المنازل والمحال التجارية الصغيرة والمتوسطة. وأشار الحمادي إلى أن أسعار مواد البناء والأدوات الصحية والكهربائية أيضا تمر بمرحلة ركود وتراجع في منتجات أخرى بلغت نسبتها 40 في المائة مقارنة بالأشهر الثلاثة الماضية، مبينا أن سعر كيس الأسمنت في السوق بلغ هذه الأيام 12 ريالا بعد أن كان متاحا بسعر 16 ريالا. "الاقتصادية" من خلال جولتها على عدد من محال مواد البناء والكهرباء في العاصمة الرياض لاحظت أن هناك عزوفا من قبل المستهلكين في شراء هذه السلع ترقبا لوضع القطاع بعد العمليات التصحيحية للعمالة الوافدة، إضافة إلى انتظار تحركات وزارة الإسكان من خلال برامجها ومشاريعها الإسكانية ودعمها للمواطنين. كما ارتفعت أسعار أجرة العمالة الوافدة النظامية المتخصصة في قطاع الكهرباء والسباكة والأدوات الصحية والدهان والبناء بنسبة تراوحت ما بين 30 و40 في المائة نظرا لغياب العرض مقارنة بالطلب على الأيدي العاملة في هذا المجال. ويستبشر المواطنون والمراقبون خيرا نتيجة هذه العمليات التصحيحية للعمالة الوافدة رغم ندرة الأيدي العاملة في هذا المجال، متوقعين أنها أزمة ستخلق مستقبلا عملا نظاميا يحفظ للمواطن وللمستثمر والعامل حقوقهم بشكل آمن ومنظم، وستنتج أيضا مجالا مفتوحا يمكن استثماره من المواطنين وخريجي المعاهد والكليات التقنية التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في السعودية. وقال لـ"الاقتصادية" المهندس فهد النصبان عضو لجنة المقاولين في مجلس الغرف السعودية في وقت سابق، إن المقاولين غير النظاميين في السعودية يديرون أكثر من 70 في المائة من أعمال المقاولات الخاصة للأفراد، فيما يتعلق ببناء المنازل أو المحال التجارية الصغيرة، مشيرا إلى أن غير النظاميين يديرون عمالة غير شرعيين لا تلتزم بأداء مهامها في البناء والجودة وتخل بالعقود. وأشار إلى أن شركات المقاولات المسجلة رسميا في السعودية تصل إلى 200 ألف شركة مقاولات موجودة في مختلف المناطق، إلا أن المصنف منها بشكل رسمي عن طريق وزارة الشؤون البلدية والقروية لا يتجاوز ألفي شركة، مبينا أن كثيرا من المقاولين غير الشرعيين انسحبوا من السوق في الوقت الحالي ترقبا للنتائج التي ستسفر عنها الحملة التصحيحية للعمالة المخالفة ومدى جدية الحملة. ودعا المواطنين إلى أهمية الرجوع إلى الغرف التجارية لأخذ قوائم المقاولين المعتمدين والرسميين لدى اللجنة ووزارة الشؤون البلدية لتجنب الوقوع في عقود وهمية مع مقاولين صغار وغير شرعيين، لافتا إلى أن حملة العمالة التصحيحية ستعالج قطاع المقاولات في السعودية، وستجعله يدار بشكل نظامي بعيدا عن المخالفين ومتجاوزي النظام، ويقدم الخدمة للمستفيد منها بأسلوب صحيح. وأبان أن لكل قرار إيجابياته وسلبياته على القطاع، لكن قرار الحملة التصحيحية يحمل في طياته الكثير من الإيجابيات على القطاع بشكل عام، كما سيتيح منظومة سليمة وصحية للعمل بشكل راق، ويمنح أيضا الثقة لدى المستفيدين الأفراد من خلال التعامل مع مقاولين معتمدين وموثقين. ويشير مختصون إلى أن هناك تباينا في نسبة التشييد والبناء في السعودية خلال السنتين الماضيتين، إلا أن السنوات القليلة الماضية قد شهدت نموا ملحوظا في الحركة الإنشائية في جميع المجالات والقطاعات، ولا سيما في القطاع السكني مع وجود رغبة قوية لدى الحكومة في إيجاد حلول لقضية المساكن للمواطنين في الآونة الأخيرة. واستاء المختصون من استقطاب العمالة غير المؤهلة للبناء، في السوق السعودية وهم عمالة وافدة تستطيع القيام بجميع أعمال البناء، دون كفاءة أو خبرة تؤهلهم للقيام بتلك الأعمال. وهذا يجعل الحاجة ملحة لضرورة التوسع في إنشاء المعاهد المتخصصة لاستقطاب الشباب السعودي في صناعة التشييد، حيث تقوم أعداد كبيرة من العمالة الوافدة بالإشراف على المشاريع، كما تستحوذ العمالة الوافدة على النسبة الكبرى من وظائف المهندسين في تلك المشاريع.