تزوجا بعد قصة حب بريئة استمرت مدة طويلة وباركتها الأسرتان. سارت بهما الحياة هادئة خالية من المشاكل وأنجبت 3 أطفال زادوا من سعادتهما ورفعت عنه جميع مسؤولياتهم وصانته في حضوره وغيابه، ورفعت من شأنه أمام الجميع حتى فوجئت به يصاب بحالة مراهقة متأخرة. طلبت منه الطلاق بهدوء لكنه رفض فلم تجد أمامها سوى اللجوء إلى محكمة الأسرة لتقيم دعوى للخلع. فتحت منى عينيها على الحياة فوجدت نفسها في أسرة ميسورة الحال، فوالداها من الأثرياء ولها شقيقان لكن للأسف الشديد حصل كل منهما على وظيفة مرموقة وهاجرا إلى دولتين أوروبيتين مختلفتين ليعيشا هناك من دون عودة، ويكتفيا بالتحدث إلى الأسرة تليفونيا من وقت إلى آخر للاطمئنان عليهم. عندما بلغت منى عامها السابع عشر كانت قد اكتملت أنوثتها وأعلنت عن نفسها وبدأ الشباب من الجيران في محاولة جذب انتباهها وافتعال الأحاديث معها، لكنها لم تهتم بهم جميعاً فقد تعلقت بجارها محمود الذي كان وما زال يتمتع بشخصية جذابة تطغى على كل الحاضرين، وكان هو الآخر من أسرة ميسورة الحال أيضاً وكان والده يشغل وظيفة مرموقة وترك له إرثاً كبيراً. كانت تربط الأسرتين روابط الصداقة الطيبة وكان يكبرها بنحو خمس سنوات ما جعله مؤهلاً لمساعدتها في استذكار دروسها أمام والديها. نشأت بينهما قصة حب بريئة وجمعت بينهما الأحلام وسرعان ما أصبح كل منهما لا يستطيع الاستغناء عن الآخر وتركزت كل أمانيهما في تتويج قصة حبهما بالزواج وحلقا بخيالهما في السعادة التي تنتظرهما معا، وكانت قصة حبهما البريئة تعلم بها الأسرتان بل كانوا يباركونها وتعاهدا على الزواج بعد انتهاء دراستهما. رغم قصة الحب التي تجمعهما فقد حصل محمود على البكالوريوس واحتل ترتيبا متقدماً بين خريجي دفعته، ما أتاح له فرصة التعيين فور تخرجه معيدا في كلية الهندسة بينما كانت منى مازالت تدرس بها وبالطبع استمر محمود في مساعدتها حتى أنهت دراستها الجامعية هي الأخرى وعملت بإحدى شركات المقاولات الكبرى وبدأ الإعداد للارتباط الفعلي وتمت خطوبتهما في حفل رائع وزادت قوة العلاقة بينهما خلال مدة الخطوبة، حيث عاشا أسعد أيام حياتهما لا يفترقان ويقضيان معظم وقتهما مع بعضهما حتى شعرت منى وقتها بأنها ملكت الدنيا بين يديها فقد توجت قصة حبها بالإطار الشرعي، وأخذت مع خطيبها يخططان لحياتهما الزوجية معا وكان يستشيرها في كل كبيرة وصغيرة ويترك لها حرية الاختيار والتصرف. بعد الانتهاء من إعداد عش الزوجية السعيد اكتمل الحلم بحفل رائع حضره الأهل والأصدقاء زفوا العروسين إلى جنتهما وتمنوا لهما السعادة، أغلق العريس الباب ليبدأ مع عروسه الجميلة حياتهما وعاشا سويا ينهلان من نهر الحب الذي جمعهما وشعرت منى أن الحياة ضحكت لها واستمرت حياتهما كالسيمفونية الرائعة أساسها الثقة والتفاهم، وبعد مرور حوالي ثلاثة شهور فقط على زواجهما شعرت منى بدوار ينتابها ونفور من الأطعمة يجتاحها وقبل أن تتملكها الحيرة كان الطبيب يهنئها بالمولود القادم، فكادت تطير هي وزوجها من الفرحة ومرت شهور الحمل بسلام ورزقهما الله بطفلتهما رشا التي أخذت كل ملامح أمها الجميلة الجذابة الرقيقة، وبعد ثلاثة أعوام من مولد رشا حملت منى للمرة الثانية لكن في هذه المرة عانت معاناة شديدة في مدة الحمل وكادت أن تجهض لولا أن الأطباء نصحوها بالراحة التامة، وبعد ولادتها لطفلتهما الثانية سما أكد عليها الأطباء ضرورة عدم المخاطرة بالحمل مرة أخرى فرحمها ضعيف ومن المفترض ألا يتحمل حملاً مرة أخرى. حصلت على إجازة بدون مرتب من عملها حتى تكبر طفلتاها وتطمئن عليهما وقررت أن تتبع نصيحة الأطباء بعدم الإنجاب، لكنها عندما شعرت أن زوجها يتمنى أن يكون له ولد يحمل اسمه عدلت عن قرارها وأقدمت على الحمل من دون علم زوجها وعندما أخبرته بحملها لامها كثيرا فهو يخشى عليها وحتى تضمن اكتمال حملها حصلت على إجازة جديدة لمدة عام من دون مرتب وكلل الله تضحيتها ومجازفتها بالنجاح، فقد أنجبت الولد وكانت فرحة ما بعدها فرحة للأسرة جميعاً خاصة محمود، كانت تبذل كل مجهود حتى تشعر أسرتها بالسعادة ورفعت عن عاتق زوجها مسؤولية أولادهما الثلاثة ومسؤولية مذاكرتهم ورعتهم حق الرعاية وكل الدخل الذي تحصل عليه سواء مرتبها أو من نصيبها في الميراث عن والديها بعد وفاتهما جعلته رهن إشارتهم لإسعادهم وتلبية كل طلباتهم وكانوا كل عام يمضون مدة الصيف في إحدى القرى السياحية، وسارت كل الأمور طبيعية والحياة هادئة خالية من المشاكل ولم يكن النجاح حليفهما في حياتهما الزوجية فقط إنما كان كذلك في عملهما، فقد حقق كل منهما تفوقا ملحوظا في عمله حتى لاحظت منى أن البرود بات يملأ لمسات زوجها وتصرفاته حتى كلماته ونظراته أصابها عدوى البرود، وأصبحت تخلو من أي رغبة أو مشاعر وأصبح يقضي معظم وقته معلقا عينيه بشاشة حاسبه المحمول ويتحدث في هاتفه بالساعات ليلاً بصوت منخفض، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد فبدأت خيوط الشك تتسلل إلى قلبها خاصة أنه بدأ يهتم بمظهره ليس بما يتناسب مع عمره كما كانت تفعل معه من قبل، فقد كانت تختار له بدلاً أنيقة وملابس تناسب سنه ومنصبه، لكنه بدأ يميل إلى الملابس الشبابية وعندما كانت تعترض على شرائه لها بدأ يشتري ملابسه من دونها وليت الأمر اقتصر على ملابسه وإنما حلق شاربه وبدأ يصبغ شعره كل مدة بلون مختلف، كما كان تليفونه المحمول يرن في أوقات غريبة فيرتبك بشدة ويغلقه نهائياً حتى لا يرن مرة أخرى. أيقنت منى أنه توجد امرأة وراء تغير زوجها إلى أن كان يوم شعر فيه زوجها بتعب مفاجئ وقرر الذهاب إلى المستشفى حيث تم احتجازه رغم أنه كان لا يريد ذلك لكنه وافق أمام إصرار الطبيب. عادت منى إلى بيتها حزينة خوفا على زوجها لكنها وفي الوقت نفسه قررت أن تنتهز الفرصة وأن تبحث في أوراقه أو الحاسب المحمول، وكانت المفاجأة المروعة التي كاد عقلها يطير من هولها عندما اكتشفت أنها تزوجت من شخص غير ناضج، ويأتي بأفعال المراهقين فقد رأت عدداً من الصور غير اللائقة لفتيات وعدداً من المواقع الإباحية على شاشة الكمبيوتر من جميع أنحاء العالم وأنه يقوم بالاتصال بطريقة (الشات) مع بعض الفتيات في دول عربية وأجنبية وكلهن من صغيرات السن. شعرت منى بالفزع وعرفت وقتها لماذا يبتعد عنها زوجها في الفترة الأخيرة ويفتعل الإرهاق والمرض، ومع ذلك فقد فكرت في الأمر بعقلانية بعيداً عن مشاعرها وكرامتها واعتقدت أنها السبب وأن عليها أن تساعده، فبدأت تهتم بمظهرها وتدعوه للخروج سويا لكن نزهاتها لم تعد تروق له كما أنه بدأ يسخر من مظهرها وأنه لا يتناسب لخروجها معه. قررت أن تواجهه بتصرفاته وبالفعل صارحته باكتشافها للأعمال المشينة التي يقوم بها لكنه للأسف لم يخجل أو يعتذر بل أصر على موقفه. باءت كل محاولاتها لإصلاح زوجها بالفشل حتى أنها طلبت منه الذهاب إلى طبيب أمراض نفسية، لكنه رفض واتهمها بالجنون. ازدادت المشاكل واستحالت العشرة بينهما حتى شعرت منى أن حياتها لا طعم لها ولا معنى مع زوج لا يحترمها، وكان الحل الوحيد أمامها عندما رفض تطليقها بهدوء هو اللجوء إلى محكمة الأسرة لتقيم دعوى تطلب فيها الطلاق خلعا، وأمام أعضاء مكتب تسوية المنازعات في المحكمة أخفت السبب الحقيقي لطلبها للخلع واكتفت بأنها تخشى ألا تقيم حدود الله، وأنها كرهت حياتها مع زوجها وبعد فشل محاولات الصلح بين الزوجين قضت المحكمة بالطلاق خلعاً.