لو كان للجشع سقف، وللطمع حد لكنا بأحسن حال، ولا يمكن أن يلام المواطن البسيط حين يشكو من ارتفاع أسعار كل شيء فالراتب محدود، والمواد يرتفع سعرها باستمرار، والدولة لا تفعل شيئا لعلاج ذلك، ووزراء التجارة يأتون ويروحون بدون أن نرى بصمة لهم لصالح المواطن، مع ذلك ولكي نكون منصفين فإن التاجر أيضا لا يلام في بعض الأحيان حين تجبره الظروف على رفع أسعار بضاعته. المواطن ذو الدخل المحدود لديه متطلبات كثيرة تلتهم منه الراتب عن بكرة ابيه وبكرة أمه وخالاته وعماته، أما التاجر فيلتهم جزءا كبيرا من أرباحه الإيجارات المرتفعة التي يفرضها عليه مالك العقار ومجالس إدارات الجمعيات التعاونية والشركات العقارية، وهكذا يلف الجميع في دائرة مجنونة سببها الطمع الشديد. الإيجارات كما أعتقد تأتي على رأس أسباب ارتفاع الأسعار وأذكر هنا أحد أصحاب المحلات في أرض المعارض الذي قال لي أنه لن يعاود المشاركة في الأسواق التي تقام فيه بسبب الإيجار الفاحش الذي يمنعه من تحقيق اية أرباح. كذلك الأمر مع بسطات سوق السمك التي يملكها مواطنون طاروا بنسب الإيجارات إلى حد أثر على سعر بيع الأسماك فوصلت إلى الحد الذي بات معه صعبا على المواطن البسيط أن يشتريه بسهولة كما كان يفعل في الماضي. وإذا كان ملاك الشركات العقارية يريدون تحقيق أرباح عالية للمستثمرين معهم مهما كانت الأسباب، وإذا كان أصحاب البسطات والعمارات طماعون ويركضون خلف الدينار ركض، فما هو المبرر عند أعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية المنتخبون لخدمة أهل المنطقة. لماذا يعمل هؤلاء ضد مصلحة ناخبيهم فيفرضوا على ممثلي الشركات إيجارات خيالية على المتر المربع ما يضطر التاجر إلى رفع أسعاره أو الإحجام عن المشاركة، والاتجاه للأسواق الشعبية التي لا تفرض عليه مساهمات ومشاركات وخصومات معينة. لماذا لا يخفض هؤلاء من نسبة الإيجارات إلى حد مريح للتاجر ما يدفعه هو بالمقابل إلى تخفيض أسعار بضاعته والكل في النهاية ربحان. الحكاية باختصار أن المؤجر يسلت من لحم التاجر المستأجر، والتاجر المستأجر يسلت من لحم المواطن البسيط وهذا الأخير (هو اللي ماكلها) في النهاية لأن الجميع يسلت من لحمه إلى أن يتحول إلى هيكل عظمي في آخر الشهر. عزيزة المفرج