×
محافظة المنطقة الشرقية

التعاون يهزم الأهلي بثنائية والشباب والفتح بتفوقان على النهضة ونجران

صورة الخبر

قرأت بإعجاب كتاب الدكتور عبدالجليل السيف (مشوار في دروب الوطن.. تجربة حياة)، بعد تقديم تاريخي موجز لجزيرة تاروت (مسقط رأسه) واستعراضه للحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولمحة سريعة لأسرته ودور والده في تجارة اللؤلؤ، ودخوله الكتاب لدى الشيخ حسن الطويل، ثم انتقاله لمدرسة القطيف الأميرية الابتدائية، ولعدم وجود مدرسة متوسطة وثانوية إلا بالدمام فقد انتقل إلى هناك مع بعض زملائه ليبدأوا الاعتماد على أنفسهم في الطبخ والغسل، وليشارك في الأنشطة الكشفية، ولتبدأ تراوده فكرة الابتعاث للدراسة في الخارج. وفي هذه الأثناء يتوفى والده، وترفض والدته فكرة الابتعاث فيستعين بمن يقنعها، وبعد قبوله مع 19 طالبا من مناطق المملكة المختلفة ليكونوا نواة لإعادة تنظيم وزارة الداخلية بتدريبهم على العلوم الأمنية والجنائية بالولايات المتحدة الأمريكية، فيذهب قبيل السفر ليستجدي موافقة والدته، فقالت له: يا ولدي الخير ما يعلمه إلا الله، فإذا كان لك خير في هذا الأمر فتوكل على الله، والله يوفقك. فدفعته بهذه الكلمات إلى الأمام وأشعلت به الحماس. فنجده يصف حالة زملائه عند وصولهم إلى هناك عام 1962م: «.. وقد ظهر التباين السلوكي واضحا لدى قطاع عريض من العشرين طالبا بمجرد اصطدامهم بثقافة الآخر المغايرة لما تربوا ونشأوا عليه..»، وهكذا بدأ يشعر بكوابيس مزعجة ــ ما زالت معه حتى الآن ــ لما يتعرض له من ضغوطات كثيرة منها: شبح الفشل والخوف من الطرد من الجامعة إذا لم يجتز الدورات التمهيدية مثلما طرد بعض زملائه بسبب عدم المقدرة على التأقلم والحصول على المعدل اللازم للاستمرار. ولقربه من أستاذه (لوجراند) الأمريكي ذي الأصل الفرنسي والمعروف بصرامته وشدته.. ولهذا نجد السيف يقول عنه: «.. وربما لولا هذا الشخص وشدته التي تعامل بها معي لما كان بمقدوري مواصلة الدراسة في حينه.. ما شجعني على اتخاذ القرار لمواصلة الماجستير والدكتوراه..» وطوال فترة دراسته الجامعية كان يعمل متطوعا ومادا يد العون والمساعدة لمن يطلبها، سواء من الطلاب العرب أو غيرهم، إذ عمل مترجما كمتعاون في إدارة مرور (إيست لانسنج) بولاية (ميتشيجان) إلى العرب لمن أراد الحصول على رخصة قيادة السيارات وغيرها، ويذكر أنه إذا مر بجاره (مايك) المسن والمريض يحييه بإشارة من يديه ويقف على سور الحديقة ليواسيه، وقد سأله عن أولاده فعرف أنهم لا يزورنه إلا في أوقات متباعدة، فحاول التحدث معهم وتشجيعهم وحثهم على زيارة والدهم.. وقد فوجئ باستدعائه للمحكمة. فوجه له القاضي سؤالا: ما علاقتك بمايك؟! فقال له: أبدا، ديننا وعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية تحضنا على احترام الوالدين ومن في حكمهما.. ونأمل أن نقدم ذلك لآبائنا حتى يفعل أبناؤنا مستقبلا هذا الصنيع! فرد عليه القاضي: ليت ابني مثلك!، وعرف أن مايك قد كتب وصيته وأوصى له بتنازله عن سيارته وبعض أثاث منزله كالثلاجة والغسالة وغيرها. وقد رفضها بدوره، فقال مايك للقاضي: ألم أقل لك إن هذا غبي لا يعرف مصلحته؟!، وقال إنه قابل بعض اللبنانيين الذين عاشوا هناك لأكثر من ثلاثين عاما وأوشكوا على الرحيل، وعرف منهم أن أمريكا لا تصلح إلا للإنسان الشاب المنتج؛ لأن قيمة الإنسان في أمريكا هو جهده وإنتاجه.. إذا لم تكن منتجا ولديك جهد، فأنت كم مهمل بل وعالة على مجتمعك!.