اختلفت الرهانات على سقوط النظام السوري منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف آذار (مايو) العام 2011، وأخذت الأزمة السورية شكل كرة الثلج المتفاقمة في الحجم مع مرور الوقت.. فبعد انحسار أمل السقوط السلمي على الطريقة المصرية والتونسية، دخلت الثورة في مرحلة التسليح وإسقاط النظام بالقوة ويعتـقد أن هذا الخيار كان النظام من دفع به، لمعرفته أن ميزان القوى العسكرية سيكون في صالحه وبالتالي سهولة الحسم على الأرض.. لكن ومع الممارسات اللا أخلاقية التي مارستها ميليشيات الشبيحة ــ على وجه الخصوص ــ أخذ التسلح طابعا أكثر عنفا مما كان يعتـقد.. هيمنت فيه الدوافع الدينية على طبيعة الصراع.. إلا أنه ومرة أخرى فشل خيار إسقاط النظام بالقوة ــ من الطرفين ــ لعدة عوامل منها ما يتعلق بطبيعة قتال الجيش الحر المتشرذمة وغياب القيادة ومنها ما يتعلق بالدعم الذي تلقاه النظام من حزب الله وإيـران والعراق.. ونحت الأزمة باتجاه التدمير والانتقام.. هنا استدعت الأزمة السورية التدخل التدريجي، الذي بدأ من الجامعة العربية وإرسال لجنة تحقيـق برئاسة الفريـق أول الركن محمد الدابي، والتي انتهت بالفشل كسابقاتها، انتـهاء بإحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن، لتصطدم الأزمة مرة أخرى بالحائط الروسي في أروقة مجلس الأمن، وشجعـها في ذلك غياب الرغبة الحقيقية من قوى المجتمع الدولي في التدخل سواء بالشكل العسكري، أو عبر بنود مجلس الأمن وخصوصا الفصل السابع. أو كما يـردد البعض غياب المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى في سوريا. ومكـثـت الأزمة السورية في مجلس الأمن دون أفق للحل رغـم مرور مبعوثين الأول كوفي عنان والثاني ــ مايزال ــ الأخضر الإبراهيمي.. ومع تزايد المأساة على الصعيد الإنساني خصوصا، وفرض الملف السوري نفسه على أروقة المجتمع الدولي، بدأ العمل وبإلحاح على انعقاد مؤتمـر « جنيـف 2» والذي لايختلف كثيرا عن «جنيـف1» الذي سبق كل هذا الدمار والقتـل، لكن العالم بات أمام اختبار أخلاقي وسياسي للتخلص من كابوس سوريا.. ومع «جنيـف 2» تكون الأزمة السورية دخلت مرحلتـها الرابعة. وفي الواقع فإن مثـل هذه المؤتمرات لا تعقد من أجل حسم الصراع، وإنما تأتي لتـثبـيـت الأمر الواقع، وتأطير الصراع بصورتـه الحالية دون اللجوء إلى تفاصيـل المستـقبـل.. وهذه عقدة «جنيـف 2» .. فهي لا تجـيب عن مستقبل سوريا.