كشف المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء في العالم عن الأهمية التي باتت تفرضها شبكات التواصل الاجتماعي على الواقع الإخباري وإجبارها وسائل الإعلام التقليدي على مجاراتها في بعض الأحيان، وأظهرت آراء الخبراء وروساء تحرير الوكالات المشاركين في المؤتمر حجم التحدي الذي تمثله هذه الشبكات سواء من جهة التنافسية كالسرعة في نقل الأخبار، أو في ما تمثله من ضرر عبر احتوائها على عدد غير محدود من الشائعات والمعلومات غير الصحيحة. ومثل الإعلام الجديد مادة ساخنة للنقاش في المؤتمر وخصصت الجلسة الثانية لمناقشته حصرا. وأجمع خبراء الإعلام في المؤتمر على أن وسائل الإعلام الجديد على الرغم من سرعتها في إيصال المعلومات إلا أن المتلقي يبحث في النهاية عن صحة المعلومات لا عن عددها، معتبرين أن وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت في التكوين الفكري للناس وخلقت واقعا إعلاميا جديدا لكنها سقطت مرات كثيرة في اختبارات المصداقية. واتفق محررون في هذه الوكالات على أن المصداقية ستبقى سلاحهم لمواجهة لمواجهة الإعلام الاجتماعي. في السابق اعتادت وكالات الأنباء الرسمية تجاهل شائعات الدواوين والمجالس تاركة للزمن التكفل بنفيها، لكن عدد المتلقين الهائل الآن عبر تويتر وفيس بوك وسرعة انتشار الشائعات أجبرها على تغيير هذا الأسلوب ومجابهتها مرة بعد الأخرى. ويبقى السؤال الذي يواجهه المتلقي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يطرح نفسه مجددا مع كل شائعة تنتشر عبرها هو: ما الفائدة في أن أحصل على المعلومة في وقت قياسي ما دمت سأبقى مترددا في تصديقها حتى أسمعها من مصدر رسمي أو وكالة أنباء. دعم وجود رؤساء دول وشخصيات سياسية ورياضية وفنية من قوة المعلومات الصادرة من شبكات التواصل الاجتماعي خصوصا تلك التي تصدر عن الحسابات الموثقة لكونها تحمل قوة التصريحات المباشرة عبر الوكالات. وفي تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السعودية من كلمات المشاركين، توقع ستيفن شوارتز رئيس وكالة رويترز أن تغيرا شاملا سيحدث في الصناعة الإعلامية وفي وكالات الأنباء مطالبا بالتجهز لهذا التغيير، وأضاف: أرى أن المستقبل يتوجه إلى أدوات الإعلام متعدد الوسائط وعلى وكالات الأنباء التركيز عليها لكونها تمثل توجهات الجمهور المتلقي حاليا، وأضاف: لا بد من استثمار وسائل الإعلام الجديد للارتقاء بالإعلام المكتوب والمسموع والمرئي. وأكد إيريك كارفن محرر وسائل التواصل الاجتماعي في وكالة أنباء أسوشيتد بريس، أهمية شبكات التواصل الاجتماعي وقدرتها على جلب الأخبار والوقائع بالصوت والصورة من أرض الحدث، في الوقت الذي قد تعجز وسائل الإعلام التقليدي عن ذلك لأي سببٍ من الأسباب. وقالت رئيس الاتصالات الدولية والعلاقات العامة في شركة جوجل مها أبوعينين أن الأخبار باتت تنتقل عن طريق الفيديو وهي بذلك تجاوزت وصف الكلمة وجمود الصورة، مستشهدةً بالهواتف الذكية ذات المقدرة على التصوير لمدة طويلة، في حين أرجعت الانتشار الهائل لهذه الهواتف لما تتميز به من سلاسة وسهولة تناقل المعلومات والأخبار في العصر الحالي. وأكدت أبو عينين أن وكالات الأنباء ما زالت قادرة على الاحتفاظ بمتابعيها بسبب مصداقيتها وأمانتها الإخبارية في نقل الخبر. من جانبها، استرجعت كارولين فروست العاملة في تحرير صحيفة هافنجتون بوست البريطانية، ذكريات عمل الوكالات إبان مرحلة طباعة الأخبار وكتابتها يدوياً وإيصالها للنشرات التلفزيونية، مؤكدةً أن المقارنة بين الصحافة ووسائل الإعلام أمر صعب. ودعت فروست وكالات الأنباء لتلبية حاجات زوار مواقعها على الشبكة العنكبوتية الإنترنت، ومراعاة الدقة في توقيت جلب وبث الأخبار. وتساءل رئيس أجهزة وسائل الإعلام الاجتماعية في MSN دارن ووترز عن مدى إمكانية تفاعل وكالات الأنباء مع شبكة التواصل الاجتماعي، مطالباً إياها بالتحقق من الأخبار الموزعة في حساباتها على الشبكة التي قد تكون لغير منسوبيها وهو ما حصل عدة مرات عبر اختراقات لحسابات وكالات عالمية في تويتر وبث أنباء كاذبة. وقال شاكر موسى رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط إن الوكالات ستظل مصادر ذات مصداقية وهو ما يمنحها أسبقية أمام أي منافس محتمل، مضيفا إن أول تحد يواجه وكالات الأنباء هو أن تعي أين سيكون موقعها وسط تطور الاتصالات التي يشهدها العالم، مؤكدا أن التطور الهائل للتكنولوجيا ووسائل الاتصال يمثل تحديا يواجه جميع وكالات الأنباء دون استثناء. يشارك في المؤتمر عدد من وكالات الأنباء العالمية والعربية، أبرزها الوكالات العالمية الثلاث الكبرى والتي تستحوذ على معظم السوق الإخباري وهي وكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية فرانس برس ووكالة أسوشيتد برس، إضافة إلى أكثر من 70 وكالة أنباء من مختلف أرجاء العالم علاوة على نحو 30 خبيرا في مجال الإعلام والتقنية والاتصال.