يختزل معرض أكثر من فن، الذي افتتح أول من أمس، في مرسم مطر بدبي، تجربة طفولية مع الخامات اللونية والأدوات الفنية، إذ يقدم مجموعة من الأعمال التي نفذت بأنامل صغيرة مازالت تشق طريقها في مجال الفن على اختلاف أنماطه، بين الرسم والتكوينات الثلاثية الأبعاد والتصوير، يلتمس المتلقي مواهب جديدة تكشف عن نفسها وعن مكنوناتها، فتنقل إلى عالم الجمال الطفولي المنطلق من الزهور والكائنات البحرية، لتصل الى التكوينات اللونية التي تفصح عن مهارات عالية، لاسيما لوحات تجسد الشخوص والأشكال الهندسية اللونية والكولاج والتكوين الثلاثي الأبعاد. حملت أعمال المعرض لمسات طفولية من خلال الموضوعات التي كانت شديدة الالتصاق بالمرحلة العمرية للأطفال الذين رسموا الأعمال، وكانت متميزة في التقنية والتنفيذ، ما انعكس على جودة اللوحات، لاسيما التي قدمها الأطفال من فئات عمرية متقدمة، إذ راوحت أعمار المشاركين بين ثماني و15 سنة. وعبّرت أعمال الصغار عن عالمهم وما يحيطهم، إذ جسدوا الكائنات البحرية، وكذلك التقطوا بعض الصور من حديقة الحيوانات، فوي حين كانت الوجوه قليلة في المعرض، سيطر الكولاج على الأعمال الذي حمل أفكاراً كثيرة ومواد مأخوذة من عالم الصغار، ومنها الأخشاب الخاصة بالمثلجات، أو حتى الصحون الكرتونية، إضافة الى الكولاج المأخوذة مواده من البيئة كالرمل والحصى. مؤسس المرسم شهادات تكريم جمع المعرض أعمال مجموعة من المشاركين في الدورة الصيفية لمرسم مطر بدبي، هم: زينب محمد جاسم، هيفاء يوسف البستكي، أفنان راشد الكمالي، شما سعيد القاسم، ميثا بن فهد، شمسة علي محمد، زينب محمد جاسم، عائشة جلال، ملك حسون، منى خميس، نور محمد الجناحي، عبدالله خالد المدني، حور سعيد القاسم، موزة غانم سالم. وتسلّمت المشاركات في ختام المعرض شهادات تكريم على المشاركة في الدورة. وقال الفنان الإماراتي مطر بن لاحج، إن هذه الدورة تختلف عن سابقاتها، ليس في الأعمال المعروضة فحسب، بل في ردة فعلي كمؤسس للمرسم والدورات الصيفية التي بلغت عامها الـ10، فهذه مرحلة تأكيدية للهدف، وتبرز هذا الفن الوليد الذي كنت أؤمن بوجوده. وأضاف أن الدورة أتت في مرحلة صعبة، وسط الصيف، وتوقعنا ألا يكون هناك إقبال كبير، ولكن الدورة استقطبت مجموعة كبيرة، ما يمثل لنا عملية زراعة مع هؤلاء الأطفال، وبعدها لابد من الحصاد. ورأى أن المرحلة العمرية الصغيرة هي التي يمكن التأسيس من خلالها، فالمرحلة التي تبدأ من تسع سنوات هي التي تحدد وجود موهبة حقيقية في الرسم وتبرز قراراً شخصياً بمتابعة الفن. وأشار إلى أن المجتمع لم يصل إلى مرحلة دعم الفنون منذ الصغر، لذا فالمرسم يتولى مهمة إبراز الموهبة الحقيقية في الرسم للأهالي، بينما تأتي في مرحلة لاحقة مهمة الأهل في تدعيم قدرات الطفل، وتنمية مواهبه. وذكر أن الطفل لا يمكنه أن يتخذ القرار في المراحل العمرية الصغيرة، فالأهل هم الذين يتولون هذه المهمة، ويجب على الأهل القيام بهذا الدور، لأخذ يد الموهبة الجديدة إلى الفن كما يجب. مفاجأة من ناحيته، قال الفنان الإماراتي علي بن ثالث، خلال زيارته للمعرض، إن الأطفال يقدمون لنا المفاجأة الكبرى، فلديهم رسائل يبرزونها بالفن، والأعمال تخبرنا عن عالمهم وما يريدون نقله، كما أننا نرى شيئاً من المجتمع، وهناك إصرار على الإبداع وتقديم شيء ومناقشة فكرة مع المتلقي. واعتبر مرسم مطر مهماً لتنشئة جيل فني واعٍ بالفن، منوهاً بأنه يمهد بداية الطريق فهذه الدورة تعد القاعدة الانطلاق، وهذا ضروري جداً في عمر صغير، مشدداً على أنه من الضروري إيجاد أكثر من مرسم يختص بالنشء. أما النصيحة التي قدمها للأطفال، فتلخصت في عدم وقوف الأعمال عند المعرض، فالطفل يحتاج إلى تشجيع وعدم الوقوف عند هذه الأعمال. من جانبها، شاركت الإماراتية زينب محمد جاسم، في المعرض بأكثر من عمل، فقدمت الكولاج المصنوع من الرمل والخشب، معبرة عن حبها للرسم، الذي دفعها للانضمام إلى هذه الدورة. وأشارت الى أن الدورة أفادتها في التعرف إلى وسائط جديدة، وكذلك تقنيات مزج الألوان بين الداكن والفاتح وتقنيات الظل والنور في الوجه، وأكدت أنها تطمح إلى أن تكون رسامة في المستقبل، وستواظب على المشاركة في الدورات المقبلة في المرسم، خصوصاً أن النتيجة النهائية للأعمال مميزة وأفرحتها كثيراً. بينما قدمت الباكستانية عائشة جلال أعمالاً تنوعت بين الوجوه والتقاسيم اللونية، مشيرة الى أن مرسم مطر منحها الفرصة كي تصقل موهبتها ومهاراتها، كما كان مصدراً للدعم على مختلف الصعد، منوهة بأن الدورة ساهمت في ترسيخ الكثير من الأساسيات المهمة لديها، ومنها الألوان وكذلك تخطي الأخطاء والتقنيات الخاصة بكل نوع من الخامات اللونية. وذكرت أن لديها اهتماماً كبيراً بالفن، وتشعر بالفخر للمشاركة في المعرض، كما أنها تطورت كثيراً خلال هذه الدورة، متمنية أن تتكرر تجربتها مع المعرض الذي تشارك فيه للمرة الأولى. خبرات جديدة من جانبها، قالت الأردنية، أفنان الكمالي، التي شاركت في الدورة لأنها تحب الرسم، إنها استفادت كثيراً، وتعلمت الموزاييك والرسم بالأكريليك والتصوير والكولاج، مشيرة إلى أن الدورة مكنتها من تصحيح الكثير من الأخطاء في الرسم بالأكريليك، كما أنها ستتابع في الفن، منوهة بأن المشاركة في المعرض تشكل مصدر فخر لها. أما الفتاة الإماراتية ملك حسون، (13 عاماً)، فتشارك في الدورة للسنة الرابعة، إذ التحقت بالدورات منذ أن كانت بالثامنة، وقالت إنها مكنتها من التعرف إلى أنواع جديدة في الرسم، إلى جانب التصوير الذي لم يكن لديها خبرة فيه، وكذلك الرسم بالفحم والألوان المائية، وذكرت أنها ستتابع الدورات خلال السنوات المقبلة، لأنها تطورت خلال السنوات الأربع وتطمح الى المتابعة، خصوصاً أنها خلال العام الدراسي ترسم في أوقات الفراغ. بينما قالت الأردنية آسيا الكمالي، (ثماني سنوات)، إنها تحب الرسم وتشارك في الدورات منذ صغرها، وتعلمت تنسيق الألوان والتكوين، واستخدام المواد في الكولاج، لأنها من الأمور التي لم تكن تعرفها، لافتة إلى أنها ترغب في أن تكون عالمة حينما تكبر، وتحافظ على الفن كموهبة في الآن ذاته. من جهتها، شرحت دانيا شهوان، الأردنية (12 عاماً)، الأعمال التكوينية التي صممتها، مشيرة إلى أنها صممت قلعة من الطين وأضافت إليها الأقمشة والألوان ومجموعة مواد أخرى، ولفتت إلى أن أبرز ما تعلمته هو التصوير الذي لم يكن لديها أدنى فكرة عنه، مشيرة إلى أنها تريد أن تكون مهندسة معمارية تستخدم الفن في عملها. أما الإماراتية حور القاسم، (سبع سنوات)، فكانت واحدة من المشاركات الصغيرات، حيث قدمت رسوماتها الطفولية مع الكائنات البحرية، معبرة عن سعادتها برسم السمكة.