×
محافظة الرياض

القضاء على الزحام في الرياض حال اكتمال منظومة مشاريع الطرق

صورة الخبر

كل نبي جاء صدّق المرسلين قبله، وكذّب المعاصرين في زمانه. وكل مصلح اعتبر هرطيقاً لمن عاصره، ثم رفعت له الأصنام بعد موته! كما في قصة يغوث ويعوق ونسر! كل ذلك يتم في دورة رتيبة يكاد لا يتفطن إليها إلا الآحاد من الخليقة. ينقل لنا الرحَّالة المغربي الشهير (ابن بطوطة) قصة مثيرة كان شاهداً فيها، أثناء مروره على دمشق، حينما تعالى صراخ الناس في المسجد وهم يحيطون برجل يُشبعونه ضرباً، فهرع فيمن هرع يستطلع الخبر، ليفاجأ بهجوم العامة الكاسح على فقيه (مصاب بلوثة عقلية في نظرهم؟!)، ونفاجأ بأن الفقيه الذي ضُرب وأنزل من المنبر وطارت عمامته؟!!، لم يكن سوى العالم المصلح المجدد شيخ الإسلام (ابن تيمية) رحمه الله تعالى! هذه القصص وأمثالها تروي حقيقة إنسانية مكررة في جانب الإصلاح الديني، في دورة حزينة متكررة، ذات وقع رتيب، ودورة خالدة ترسم التاريخ بالآلام، وأن التقدم الإنساني يمشي على جسر من المعاناة فوق نهر من الدموع. وهي دورة لا مناص منها ولا مفر ولا ملجأ. يقول (ابن بطوطة) في كتاب الرحلات: (وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم؛ فعارضه فقيه مالكي يُعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به؛ فقامت العامة إلى (ذلك) الفقيه وضربوه بالنعال ضرباً كثيراً! حتى سقطت عمامته، واحتملوه إلى دار عزالدين ابن مسلم قاضي الحنابلة، فأمر بسجنه وعزّره). بقي أن نعرف سبب حفلة الضرب هذه ما خلفها؟ ينقل لنا ابن بطوطة أنه كان يقول بـ(أمور منكرة، منها أن المطلق بالثلاث في كلمة واحدة لا تلزمه إلا طلقة واحدة؟!). ومن الغريب أن القضاء في بعض البلدان الإسلامية أخذ لاحقاً بفتوى ابن تيمية، وهو الفقيه الذي يعتبره اليوم (مالك بن نبي) (الترسانة الفكرية التي لاتزال تمد الحركات الإصلاحية بالأفكار النموذجية حتى اليوم)، حسبما أشار إليه في تقديم كتاب (حتى يغيروا ما بأنفسهم) لجودت سعيد. مات ابن تيمية لاحقاً خلف قضبان السجن حزيناً مكسور القلب في سجن القلعة بدمشق، ودُفن في مكان مستشفى الولادة حالياً المقابل لجامعة دمشق، وإلى جانبه تلميذه الوفي صاحب المؤلفات الغزيرة ابن قيم الجوزية.