انتشر الوشم خلال السنوات القليلة الماضية خاصة بين الشباب من الفئات العمرية المختلفة بصورة لافتة، بعد أن كان في الماضي أحد فنون الرسم على الجلد حيث عرفته البشرية قبل مئات السنين، و يرى البعض الوشم مرتبطاً بالعادات والتقاليد العشائرية، ويتفاءل به البعض في جلب الحظ السعيد، لكنه اليوم يعود بين الشباب من جديد وبأشكاله وطرقه الحديثة، الأمر الذي يراه البعض متنفساً لهم من مشكلة عاطفية أو معاناة جسيمة حدثت من قبل، بينما يرى آخرون الوشم تعبيراً عن وفاء للحبيب أو الحبيبة و آخرون يعتبرونه محاكاة للمشاهير ونجوم المجتمع، وتختلف أسعاره بحسب مختصين وفقاً لرغبة الشخص واختياره للشكل والمساحة التي يغطيها في الجسم. يؤكد أحد المتخصصين في رسم الوشم، أن عدد الرجال الراغبين في رسم الوشم يفوق عدد النساء مع تفاوت السن، ويضيف أن اللون الأسود يعتبر المفضل لكثير من الناس ومن ثم تأتي بقية الألوان. ويشير الخبير في رسم الوشم إلى أن أكثر التصاميم رواجاً بين كثير من الشباب وشم المصارعين والمشاهير سواء أكان من الرياضيين أو الفنانين أوغيرهم من الشخصيات المعروفة، وحول كيفية الرسم يقول إن البعض من الزبائن يأتون ومعهم التصميم الذي يختارونه، وعلى الأغلب يتضمن رسماً، وربما جملة أو اسماً ويشير إلى أن هذه العملية تتطلب نوعاً من الدقة وتستغرق وقتاً محدداً حسب مهارة الواشم، لكن إزالته ليست سهلة. ويؤكد أن الكتف يعد أكثر أماكن الجسد التي يوشم فيها، بينما يختار آخرون مناطق البطن والصدر والظهر، ويوضح أن سعر رسم الوشم ليس رخيصاً، يتفاوت حسب المساحة في الجسم، وتبلغ قيمته بين 150 إلى 350 دولاراً، ويضيف: أقوم برسم كل من يرغب في ذلك من الجنسين من كل الفئات العمرية. ويشير إلى أن فن الرسم يتطور بصورة تتلاءم مع الموضة وطلب الزبون، ويقول إن البعض يختار كتابة اسم شخص وأحياناً يرسم صورته على جسده كدلالة على حبه لها أو كلمات ورسوم ذات دلالات خاصة بصاحبها، وبعضهم يقلد مشاهير النجوم. ويشير إلى أن الموضة المنتشرة في العصر الحالي بين الشباب من الجنسين رسوم عاطفية. قال أحد هواة الوشم إن اختيار الناس لهذا الأمر يختلف من بلد لآخر، وذلك حسب ديانة وثقافة المجتمعات، لكن يجتمع البعض على فكرة التعبير عن الحب والميول إلى محاكاة المشاهير ونجوم المجتمع، وأشار إلى أنه اختار رسمين مختلفين من الوشم على كتفيه، لافتاً إلى أن البعض يضطر إلى السفر خارج الدولة من أجل رسم وشم محدد. ويوضح أن الوشم قابل للثبات على جسم الإنسان لفترة طويلة وربما يدوم مدى الحياة، إلا إذا رغب الشخص في إزالته، وقال إنه يتم عبر جهاز محدد وبواسطة مختص. يقول أحمد عزيز: قمت برسم الوشم تعبيراً عن ارتباطي الشديد بمخطوبتي. يشير أنجلو جون إلى أنه قام برسم الوشم على طريقة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي رسم اسم نجله تياجو على قدمه اليسرى، إضافة إلى وشم في اليدين، وأضاف: كثير من اللاعبين لا يظهر الوشم الخاص بهم في المباريات لأن البعض منهم يغطى الوشم بالجوارب أثناء وجوده في الميدان. وأضاف جون:شاهدت رسماً لنجم منتخب البرازيل (نيمار)، على رقبته، حيث إن الوشم له معنى ودلالة يعرفها الإنسان، وذكر اللاعب كتب على رقبته كلمات باللغة البرتغالية معناها كل شيء يمر أو لا شيء يدوم. يقول عاطف حسن إن الوشم أمر طبيعي بالنسبة إليه كونه يعبر عن شيء في أعماق الإنسان، ويوضح أن الوشم له معنى في نفس كل من يرغب في ذلك، حتى إذا لم يره الآخرون، ويشير إلى أن الوشم يعبر به عن شيء لطالما رغب فيه الموشوم، وإن الرسم الذي يختاره ربما يشعره براحة نفسية. وحول إزالة الرسم يقول حسن: أرى التقدم التكنولوجي سهل عملية إزالة الوشم متى ما رغب الناس في ذلك، والوسائل الحديثة يسرت على المجتمع تغيير أي رسوم متى رغب، على عكس ما كان في الأوقات السابقة. إيفا ججوني معالجة نفسية في أبوظبي تفسر انتشار ظاهرة الوشم بين الشباب من الجنسين قائلة: البعض يندفع إلى محاكاة المشاهير والنجوم، ولكن آخرين يختارونه وفقاً للعادات والتقاليد أوالطقوس الدينية على حسب ثقافة كل بلد، بينما يراه آخرون زينة وتعبيراً عن الوفاء، وتشير إلى أن البعض من الناس يختار الرسومات التي تعبر عن القوة والصلابة، وأحياناً القوة الشخصية، وكثيرون من الشباب يختارون الرسومات التي تعبر عن العرفان بالجميل لشخص بعينه، والبعض يقلد مشاهير النجوم في رسوماتهم وجميعها في مناطق ظاهرة من الجسد، وتضيف: يعتمد الوشم على إدخال مادة من الحبر تحت الجلد لكتابة رموز وكلمات أو رسوم معينة ذات دلالات خاصة بصاحبها. وتؤكد أن نسبة كبيرة من الذين رسموا الوشم في بعض مناطق أجسامهم المختلفة يترددون عليها في عيادتها من فئات عمرية مختلفة، حيث يعانون حالة نفسية مضطربة وغير مستقرة، وتشير إلى أن ذلك يعني لهم التعبير عن معاناة كانوا عاشوها من قبل، وذكرت أن آخرين عاشوا معاناة صعبة للغاية أيام الطفولة نتجت بسبب عنف منزلي من اتجاه الأبوين أوغيره، وتضيف أن هذه الظاهرة اختارها البعض حتى يكون الوشم متنفساً لهم. وتشير ججوني إلى أن خمسينياً حضر إليها في عيادتها وعلى يده اليسرى وشم بالحروف الإنجليزية، وسرد لها الرجل تفاصيل حادثة وقعت له منذ أيام الصغر، وأكدت أن الوشم الذي اختاره يعبر عن الحرية فهو يعتبر الطريق الوحيد الذي اختاره حتى ينسى مأساة في الماضي. وتقول ججوني إنه من خلال عملها كمعالجة نفسية، سبق أن وصل عدد من يعانون نفسياً بسبب هذه الظاهرة في إحدى المستشفيات التي كانت تعمل فيها إلى أكثر من 1500 شخص، بينما وصل عدد الذين يتلقون العلاج في عيادتها قبل عام تقريباً إلى 400 شخص، وقالت إن الأغلبية العظمى من المرضى بنات، وتشير إلى أنها تقوم بمعالجة المرضى من دون جرعات دواء. وتؤكد ججوني أن لديها خبرة واسعة وفهماً عميقاً للثقافة والحاجة الماسة إلى خدمات نفسية ونوعية، كما أنها تقوم بعمل حملة لمساعدة الأفراد على تفعيل إمكاناتهم وقدراتهم لتحقيق أهدافهم بشكل مبسط وفعال مبني على الابتهاج والنجاح.