جرفت موجة التراجعات في الأسواق العالمية والمحلية المؤشرات الكويتية معها، ليكسر المؤشر الرئيسي حاجز الستة آلاف نقطة ويغلق عند أدنى مستوى منذ 9 ديسمبر 2012. وبدا الوضع أسوأ على مستوى الأسهم القياديّة، إذ أغلق المؤشر الوزني عند أدنى مستوى منذ 13 أغسطس 2012، أي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وسجل مؤشر «كويت 15» أدنى إغلاق منذ 17 سبتمبر 2012، وسجل واحداً من أدنى عشرة إغلاقات له على الإطلاق منذ تأسيسه. ووصلت خسائر المؤشر السعري و«كويت 15» والوزني منذ بداية العام إلى 9.6 في المئة 10.9 في المئة و10.2 في المئة على التوالي. وعلى الرغم من أن التراجع بدا معقولاً في غمرة هبوط أسواق النفط والقلق من التباطؤ الاقتصادي العالمي إلا أن العديد من المحللين يرون أن لدى السوق الكويتي إمكانية للتماسك في مدى غير بعيد. وجاءت موجة البيع العشوائي في بداية الجلسة الأمس مدفوعة بالتراجعات الحادة التي شهدتها الأسواق العالمية في نهاية الأسبوع الماضي، والتي خسر معها «داو جونز» نحو 530 نقطة، وانخفاض سعر الخام الكويتي دون مستوى السعر التقديري للموازنة البالغ 45 دولاراً. وبعد أن هدأت موجة البيع قليلاً في منتصف الجلسة، جاء افتتاح السوق السعودي على خسائر حادة ليجدد موجة التراجع في السوق الكويتي، وليكسر المؤشر السعري مستوى الـ 5900 نزولاً، قبل أن يقلص خسائره نوعاً ما، ويغلق على تراجع بنحو 143 نقطة. ويمكن الملاحظة أن الاتجاه الهبوطي للسوق الكويتي بدأ قبل موجة تراجعات أسعار النفط الأخيرة. فالأسهم القيادية بدأت بالتراجع بعد موسم التوزيعات مباشرة، بدليل أن مؤشر «كويت 15» الذي يقيس أداء أكبر 15 سهماً من حيث القيمة السوقية ومعدل الدوران، خسر أكثر من 15 في المئة منذ 24 فبراير الماضي، وهو التاريخ الذي سجل فيه أعلى إغلاق له هذا العام. وكذلك خسر المؤشر الوزني نحو 14 في المئة منذ ذلك التاريخ. إلا أن تراجعات الأسبوعين الماضيين، على الأقل، تبقى مرتبطة بوضوح بموجة التراجعات الإقليمية التي يقف وراءها تراجع أسعار النفط. ولذلك لا مجال للحديث عن الأساسيات في ظروف الهلع الراهنة. إلا أن ذلك لا يقلل من اتجاه بعض المتداولين إلى «التبريد» على أسهمهم من خلال زيادة الكميات التي يملكونها لخفض معدل التكلفة، على أمل أن يرتد السوق قريباً. لكن ماذا عن الأساسيات؟ وهل بات في السوق فرص يمكن المراهنة عليها؟ حتى الآن الآن يبدي معظم المحللين حذراً شديداً تجاه قرارات الشراء في فترة شديد الهشاشة كهذه طالما أن أفق تراجع أسعار النفط غير واضح بعد، وكذلك أفق أزمة الأسهم الصينية. ومع ذلك هناك من بدأ يلتفت إلى الأسعار التي انخفضت إليها الأسهم القيادية. فبمقارنة بسيطة بين إقفالات أسهم مؤشر «كويت 15» يوم أمس وبين أسعار ذروة الأزمة المالية العالمية في منتصف فبراير 2009، يلاحظ أن العديد من الأسهم القيادية تتداول اليوم بأسعار تقل كثيراً عن تلك المستويات، على الرغم من التحسن الكبير الذي طرأ على الأساسيات منذ ذلك الحين. فسهم بنك الكويت الوطني كان يتداول منتصف فبراير 2009 عند 1140 فلساً في حين أنه أغلق في جلسة أمس عند 800 فلس، وبيت التمويل الكويتي (بيتك) كان يتداول عند 1160 فلساً وحالياً عند 580 فلساً، و«التجاري» كان عند 1020 فلساً وأغلق في جلسة أمس عند 600 فلس. أما شركة زين فكان سعرها 770 فلساً في حين أنه أغلق أمس 380 فلساً كما في نهاية جلسة أمس. وفي قطاع الخدمات المالية، أغلق سهم مجموعة الصناعات الوطنية أمس عند 156 فلساً، في حين انه كان يتداول حينها عند 310 فلوس. كما شهد مؤشر مضاعف سعر السهم للربحية انخفاضاً لجميع الأسهم القيادية وصل في بعض الشركات إلى مادون الـ 10 ما يجعلها جاذبة للمستثمرين بشكل كبير، وهو يلاحظ في «زين» عند 9.1 مرة و«فيفا» 9.8 و«صناعات» عند 7.3. وفي قطاع البنوك، انخفض المؤشر أيضاً كما عند «الوطني» إلى 14.7 و«بيتك» عند 21.2 و«برقان» إلى 13.2 مرة. وأكد نائب المدير العام لإدارة الأصول في شركة كاب كورب فوزي الشايع أن الأسهم القيادية مازالت جاذبة للاستثمار وذلك بفضل الأرباح التي تحققها هذه الشركات والتوزيعات السنوية على مساهميها سواء النقدية أو أسهم المنحة. وأرجع انخفاض مؤشر «كويت 15» بشكل كبير خلال الفترة الماضية إلى عوامل عدة تتمثل في حالة الهلع والخوف من قبل المستثمرين جراء تراجع الأسواق العالمية والخليجية وهبوط أسعار النفط إلى مستويات قياسية، بالاضافة إلى سبب محلي يتمثل في الكشف عن الخلية الإرهابية، إلا أن هذه الظروف غير عادية وتحتاج بعض الوقت لتزول. من جهته، اعتبر خبير الأسواق المالية محمد الثامر أن عوائد الأسهم القيادية خلال الفترة الحالية أفضل من الفترة السابقة في 2009 ومابعدها، وذلك لأن هذه الشركات أو البنوك لم تعد لديها مخصصات بشكل كبير كما في فترة ذروة الأزمة المالية. إلا أن الثامر أشار إلى أنه لايوجد طلب في السوق حالياً بسبب عدم وجود سيولة متداولة، وذلك لتشدد البنك المركزي في السماح للبنوك في منح القروض، وبالتالي لاتوجد أموال حرة تدخل إلى السوق، لافتاً إلى أن سوق الأوراق المالية مضاربي ولايعكس الواقع الاقتصادي للكويت.