تمردت الكتب بداية من شهر يوليو الماضي ولغاية أول سبتمبر المقبل على جدران المكتبات الباريسية التي تسكنها طوال العام، وودعت لفترة فصل كامل رفوفها الخشبية التي ألفتها وصارت تفوح برائحتها القديمة، لتسكن مكاناً أكثر اخضراراً وانفتاحاً على الآخرين، لتعانق فيه أشعة الشمس منذ شروقها ولغاية غروبها وتداعب أيادي قارئيها وهم أكثر انبساطا بألبسة الصيف الخفيفة. المكتبات خارج الجدران المبادرة جاءت من تنظيم بلدية باريس تحت شعار المكتبات خارج الجدران من أول يوليو وستتواصل لغاية أول سبتمبر المقبل، على مدار فصل الصيف الذي شهد هذا العام درجات حرارة مرتفعة ضاهت الأربعين أحيانا والتي لم تعرفها فرنسا منذ نحو نصف عقد من الزمن، وضعية لم يتعود عليها الباريسيون وكذا السياح الذين يقصدون أجمل مدينة في العالم وأولها زيارة كذلك بعدد سياحها الذي يتعدى الـ 40 مليون سنوياً. وتقوم التظاهرة التي أرادتها عمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو أن تكون أوقاتاً للمتعة والمطالعة حول الكتاب بين سكان باريس الذين لم يحالفهم الحظ للذهاب إلى العطلة أو السياح الذين يقصدون العاصمة الفرنسية في هذا الوقت من العام حيث تقلل من الزحمة والضغط اليومي في كل مكان حتى في الحدائق والمساحات الخضراء. فكل أسبوع، منذ بداية الشهر السابع، تستقر مكتبات بلدية باريس بالتعاون مع جمعية لير (اقرأ) لساعات عديدة في إحدى حدائق باريس الـ50، محملة بكتبها وألبوماتها ومجلداتها من مختلف الاختصاصات والمجالات ولمختلف الأعمار كذلك، تحت إشراف مكتبيين وعاملين في مجال المكتبات ينظمون جلسات قراءة جماعية ويفتحون بعدها نقاشات مع الحاضرين ويتبادلون مع الأطفال الحكايات القديمة تعد من الكلاسيكيات الأدبية الفرنسية... لإعطاء صورة إيجابية عن مطالعة الكتب، وتقديم ولو بصورة جزئية بعض ما تزخر به رفوف المكتبات الباريسية من كنوز لا ثمن له كما يقول برونو جوليار، النائب الأول لرئيس بلدية باريس المكتبات خارج الأسوار تسمح للباريسيين والسياح الذين لا يقبلون بانتظام على المكتبات لاكتشاف ثراء وغنى المكتبات الباريسية ومعرفة النشاطات الثقافية والأدبية التي تقدمها على مدار السنة، ما قد يزيد من رغبتهم في دفع أبواب هذه المكتبات خلال الدخول الاجتماعي المقبل اعتبارا من شهر سبتمبر المقبل. وعلى غرار الدورتين السابقتين، تأمل بلدية باريس أن يصل عدد المشاركين في هذه التظاهرة الموسمية هذا العام، 10 آلاف مشارك.